} راوحت الأزمة الحكومية الكويتية مكانها أمس في غياب أي تعليق رسمي عن السبب في تأخير اعلان الحكومة الجديدة، لكن مصادر اتصلت بها "الحياة" قالت ان ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح كان ممسكاً أمس بعقدة الأزمة، وممتنعاً عن اتخاذ أي موقف من التشكيل الوزاري الذي رفعه اليه نائبه وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد السبت الماضي. واعرب مصدر عن تخوفه من دخول الأزمة في نفق مظلم، فيما سرت اشاعات عن اعتذار الشيخ سعد للأمير عن عدم تشكيل الحكومة. بعد أنباء عن تحفظ الشيخ سعد عن بعض ترشيحات الشيخ صباح لحقائب الوزارة، مثل اعتراضه - ضمن أمور عدة - على منح حقيبة الدفاع للشيخ جابر المبارك الصباح ومطالبته بتدوير حقائب اخرى، سرت أمس اشاعات عن تسوية يحصل بها الشيخ محمد الصباح ابن عم الشيخ سعد على وزارة الدفاع، وتعيد وزير النفط الشيخ سعود ناصر الصباح الى الحكومة وزيراً للمال. ولم يتسن التحقق من صحة هذه الروايات، بل اكدت المصادر امتناع الشيخ سعد حتى المساء عن رفع التشكيل المقترح الى الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح، وجمود اجراءات اشهار الحكومة. وما يزيد غموض الأزمة ان الشيخ سعد كان استقبل اعضاء هذا التشكيل الذي اقترحه الشيخ صباح الأحد، ولم يظهر اعتراضاً على أي منهم. والتزم معظم الرموز السياسية الصمت امس، واكتفى رئيس مجلس الأمة البرلمان جاسم الخرافي امام الحاح أسئلة الصحافيين بالقول: "كلنا ثقة بحكمة سمو الأمير". وترددت روايات في كل الاتجاهات عن احتمال اعتذار الشيخ سعد للأمير عن عدم تشكيل الوزارة، وكذلك عن احتمال عزوف الشيخ صباح عن تولي أمر الحكومة الجديدة، وان "طائرته الخاصة جاهزة في المطار". وأمام الصمت الرسمي تتحول الاشاعات الى روايات مقبولة عند الجمهور، أما الوزراء أعضاء الحكومة التي يفترض انها استقالت قبل اسبوعين، فما زالوا في مواقعهم "لتصريف العاجل من الأمور". على صعيد آخرأعلنت لجنة برلمانية كويتية أمس ان مشروع تطوير حقول النفط الشمالية، الذي بدأت الحكومة خطواته التنفيذية ويقدر حجمه بسبعة بلايين دولار "تعتريه شبهات مخالفة للدستور"، ودعت إلى ادخال تعديلات عليه لتلافي ذلك. وقال رئيس اللجنة الاشتراعية في مجلس الأمة البرلمان النائب عبدالله الرومي إن أعضاء اللجنة الذين ناقشوا أمس المشروع باستفاضة في ظل سؤال رفع إليها من اللجنة المالية في المجلس "رأوا بالاجماع ان المشروع، إذا لم تصحح الشبهات الدستورية فيه، سيرفض برلمانياً باعتباره مخالفاً لأحكام الدستور". وأوضح أن المشروع يخالف المادة 50 من الدستور التي تؤكد عدم تجاوز الحكومة على صلاحيات البرلمان، والمادة 134 التي تنظم فرض الرسوم والضرائب والاعفاءات منها، والمادة 152 التي تحرم استثمار الموارد الطبيعية للدولة إلا عن طريق قانون يسنّه البرلمان. وكان نواب اعتبروا في وقت سابق أن المشروع، الذي ستستثمر فيه شركات أجنبية سبعة بلايين دولار خلال 25 عاماً وتتولى مضاعفة انتاج حقول الشمال، لا يحقق شروط قانون المناقصة العامة في الشفافية والمنافسة الحرة. واتهم بعضم وزير النفط الشيخ سعود ناصر الصباح بعقد اتفاقات سرية مع شركات أجنبية. ويشكل موقف اللجنة الاشتراعية عثرة مهمة في وجه المشروع الذي دافع عنه بحماسة الشيخ سعود لسنوات مضت، في حين يخوض الوزير الآن معركة احتفاظه بحقيبة النفط، في ظل الأزمة الوزارية الحرجة التي تمر بها الكويت منذ أسبوعين. وأمس وقع عقد من شركة البترول الوطنية مع كل من شركة التأمين الوطنية الكويتية وشركة "فلوردانيال" الأميركية وشركة "سانكيونغ انجنيرنغ" الكورية بقيمة 340 مليون دولار، لإعادة بناء وحدات انتاج رئيسية في مصفاة الأحمدي جنوب العاصمة الكويتية، دمرها انفجار قوي في حزيران يونيو الماضي، وأدى أيضاً إلى مقتل خمسة عمال وجرح عشرات. وأدى الحادث، وهو الأسوأ من نوعه في الصناعة النفطية الكويتية منذ التخريب العراقي عام 1991، إلى توقف المصفاة بالكامل، ومعها نصف انتاج الكويت من المشتقات النفطية، أي 450 ألف برميل يومياً. وفي وقت لاحق، جرى تشغيل المصفاة جزئياً وصارت تنتج نحو 250 ألف برميل من المشتقات يومياً.