صدر ضمن "المشروع القومي للترجمة" الذي يشرف عليه "المجلس الاعلى المصري للثقافة" كتاب صلاح الدين والمماليك في مصر تأليف ليديا اندريفنا سيمينوفا، ترجمة حسن بيومي. في هذا الكتاب تتكشف العلاقات الاجتماعية في مصر منذ النصف الثاني من القرن الثاني عشر حتى القرن السادس عشر الميلاديين، أي فترة حكم السلاطين الايوبيين والمماليك. وتميزت هذه الفترة بالتغيرات العميقة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، إذ إنها أعقبت الفترة الفاطمية وألحقت البلاد بالمذهب السني، بعد أن كانت تدين بمذهب الشيعة، وهي تبدأ بالصراع مع الفرنجة ابتداء من حملات صلاح الدين الايوبي ومن بعده من الايوبيين او المماليك ثم الغزو المغولي وما ألحقه ببغداد والشام من خراب ودمار، والصراع المملوكي ضد هؤلاء المغول الذي امتد فترة غير قصيرة، حتى كانت الضربة القاضية في تحول طرق التجارة بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح وما أدى اليه من خراب مهّد السبيل لدخول العثمانيين مصر في 1517. ومن مواضيع فصول الكتاب التسعة، التنظيم الاداري، الملكية الاقطاعية، أراضي الوقف، الفلاحون والبدو والعبيد، والحياة المدنية في عهد الايوبيين والمماليك الاوائل والاواخر. وتنطلق الدراسة من المفهوم المادي للتاريخ وترتكز على كتابات الكثر من مؤرخي هذه الفترة كالمقريزي، وابن اياس، وابن تغري بردي، وأبو شامة، وعبداللطيف البغدادي، وابن الأثير.. إلخ. وتتجادل الكاتبة مع عدد من المستشرقين والباحثين امثال، الفرنسي سيلفستر دي ساس، الالماني ك. بيكر، حول مفاهيم الاقطاع وأشكال توزيع الملكيات والعلاقات المتنوعة في المجتمع، سواء كانت عسكرية أو سياسية، دينية أو اخلاقية، اجتماعية أو اقتصادية. وتشير الدراسة إلى أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تمت على يد صلاح الدين الايوبي كانت نتيجتها القضاء على الملكية الحكومية للارض التي كانت سائدة ابان العصر الفاطمي واقرار شكل جديد للملكية وهو كما تقول المؤلفة "الاقطاع" الذي تميز في مصر الايوبية والمملوكية بطبقة غير محددة شأنها في ذلك شأن بلدان الشرق الاوسط في كل العصور الوسطى. الا ان الفئات المالكة كانت تتكون في معظمها من الاعيان المحاربين الذين ينحدرون من الاصل الكردي والتركي. وقام مترجم الكتاب بتحقيق أعلام السلاطين الايوبيين والمماليك في مصر وسورية، ثم الخلفاء العباسيين في هذه الفترة واثبت اسماءهم بالكامل كما آثر المترجم نقل الصفحات التي اختارتها المؤلفة من كتاب المقريزي "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار" من نصه الأصلي.