تبادل السعوديون 30 مليون رسالة تهاني لمناسبة دخول شهر رمضان، كلفتها 4.2 مليون دولار، واستخدموا الهاتف الجوال بعد مرور سنة واحدة فقط على اطلاق الخدمة في السعودية، فتراجعت رسائل التهاني البريدية للمناسبة نفسها بمعدلات تزيد على 80 في المئة عما كانت قبل عشرة أعوام. يتوقع السعوديون أكثر من 40 مليون رسالة لتهاني عيد الفطر، قد تصل إلى 60 مليوناً، خلال الفترة من 13 إلى 16 كانون الأول ديسمبر المقبل. ويقول الأديب السعودي أحمد العرفج في دردشة مع "الحياة"، إن رسائل الجوال أصبحت "ديوان العرب المقبل على رغم أنف الشعراء". هنا نماذج من الرسائل: "أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك" و"رفع الله قدرك، وفرج همك، وبلغك شهرك، الذي أحبه ربك... ودمت لمن يحبك"، و"رمضان كريم... وكل عام وأنتم بخير"، و"شهر فضيل، رزقنا الله واأياكم قبول صيامه وقيامه، وكل عام وأنتم بخير". وتبادل السعوديون التهاني بشهر رمضان في نحو 20 نصاً مكتوباً على أجهزة الهاتف الجوال، وزاد عليها بعض الشباب عبارات خاصة بهم من باب التندر والفكاهة، مما يتعذر نقلها، ولا تخلو الرسائل من بعض أخطاء في اللغة أو النقل الذي يخاطب المذكر بصيغة غيره وهكذا. ويعد السعوديون في طليعة مستخدمي الهاتف الجوال بصورة عامة والخدمات المكملة الأخرى وفي مقدمها رسائل الجوال التي أشارت احصاءات غير رسمية السنة الماضية إلى أن كل هاتف جوال يرسل نحو 25 رسالة في اليوم. ومعلوم أن عدد خطوط الهاتف الجوال في السعودية لم يتجاوز حتى الآن ثلاثة ملايين، في الوقت الذي تحتسب قيمة الرسالة بنحو 30 هللة الريال 100 هللة والدولار الأميركي 75.3 ريال. ويعتقد السعوديون أن الجوال دخل في السياق الثقافي والاجتماعي والحضاري لمجتمعهم المتطور، خصوصاً أن غالبية أفراده تراوح أعمارهم بين 17 و27 عاماً. وتتميز رسائل الجوال المختصرة بالدقة ومحدودية فترة استخدامها، وتستطيع الأجهزة الموجودة في السوق السعودية كتابة 70 حرفاً باللغة العربية وما يزيد على المئة باللغة الانكليزية، وهو ما ساعد كثيراً من الفتيات قبل الشباب في ايجاد لغة مختصرة تجسدها حروف وأرقام بهدف السرية كنوع من العبث الشبابي. وبعيداً عن تهاني رمضان، يستخدم السعوديون رسائل الجوال بأنماط مختلفة كثير منها مدعاة للعجب والدرس والمتابعة، إذ يتبادلون في ما بينهم نحو 2000 نكتة غزلية وجنسية، إضافة إلى ما يزيد على 500 نكتة بلهجات عربية مختلفة وغيرها بين الغث والسمين، ولكنها ثقافة تستوقف الكل بما يشير إلى تواصلية بين البشر بصيغة جيل غير مسبوق. ويقولون إن القلم كان ثورة على ما في الصدور، والكومبيوتر ثورة في العالم، والرسائل الهاتفية تغيير للثورات الإنسانية المقبلة. ويعتبر كثير من المثقفين السعوديين ان استخدامها - رسائل الجوال - استغلال مبهج للتكنولوجيا وممارسة جيدة لمعطيات العصر، خصوصاً أن المجتمع السعودي لم يتعود الاختصار قط، وهو يعيد ترتيب أولوياته الآن. ويصف القاص السعودي عبده خال استخدام رسائل الجوال، بأنها "هي حال ثقافية يعيشها أفراد في المجتمع بكل ما فيها ومعها من ترهات". ويؤكد الأديب أحمد العرفج "أن كل الوسائل التي ربطتنا مع العالم الآخر وهذه الاتصالات السريعة هي اختصار للمسافة البيئية وليس المسافة الحضارية التي تفصلنا عن الآخرين".