} طوت حركة "طالبان" امس وجودها العسكري في أفغانستان بعد ست سنوات من المغامرات الميدانية، اوصلت البلاد الى ازمة استوجبت تدخلاً عسكرياً دولياً. وسلمت الحركة معقلها ومركز انطلاقتها قندهار من دون اي مقاومة الى قوات بشتونية بزعامة رئيس وزراء الحكومة الموقتة حامد قرضاي. لكن استسلام الحركة لم يرض الاميركيين، اذ اعلنت واشنطن انها مستمرة في حملتها لتحقيق اهدافها كافة باعتقال زعيم "طالبان" ملا محمد عمر وأسامة بن لادن وقادة شبكة "القاعدة" وتقديمهم الى العدالة. وكان القصف الاميركي خلال شهرين على مدينة قندهار اودى بحياة عشرة آلاف شخص بحسب مصادر "طالبان". وقتل امس سبعة من عناصرها جنوب قندهار في عملية برية هي الاولى من نوعها لقوات مشاة البحرية المارينز. وسقطت مروحية اميركية اول من امس قرب قاعدة اقامتها الولاياتالمتحدةجنوبافغانستان، لكن تحطمها لم يكن لسبب عسكري، على ما قال محققون اميركيون. كابول، كامب رينو افغانستان، إسلام آباد، كويتا باكستان، واشنطن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب - أنهت حركة "طالبان" أمس تسليم مدينة قندهار معقلها الأخير، الى لجنة محلية تولت ادارتها. وقال احد اعضاء هذه اللجنة الحاج بشير أحمد ان "الحركة سلمت أسلحتها كاملة من دون اي مقاومة. وأضاف: "كل شيء جرى في شكل سلمي وساد السلام والهدوء مدينة قندهار". وأكد الرئيس المعين للحكومة الانتقالية الافغانية حامد قرضاي،أمس ان انصاره دخلوا الى قندهار، موضحاً "أرسلنا قائدين رئيسيين اثنين من قندهار لتجنب تشتت الاسلحة". وأعرب عن الامل في ان تنجز عملية تسليم المدينة في "غضون يومين او ثلاثة ايام". ويتم تسليم المدينة بموجب اتفاق ابرم بين الحركة الاصولية وقرضاي الذي كانت قواته تمارس ضغوطاً كبيرة على المدينة، بدعم عسكري أميركي. وكانت "وكالة الانباء الافغانية" الاسلامية أشارت في وقت سابق الى ان القائد الاعلى ل"طالبان" ملا محمد عمر أصدر الاوامر لمقاتليه لتسليم اسلحتهم الى ملا نجيب الله، وهو مجاهد سابق عينه قرضاي حاكما لاقليم قندهار. وقلل قرضاي من أهمية خلافاته مع حاكم قندهار السابق غول آغا الذي كان حليفه العسكري في المنطقة، لكنه يرفض تسليم السلطة الى نجيب الله. وأوضح ان الخلافات "حلت ولم يعد هناك اي مشكلة" مع آغا. ولم يحدد قرضاي طبيعة هذه المشكلات. وكان مقاتلو غول آغا أعلنوا أول من أمس انهم استولوا على مطار قندهار ويريدون اقتحام المدينة. ولمح أحد الناطقين باسم هذه القوات ان غول آغا ينوي استعادة المنصب الذي خسره العام 1994، عندما استولت "طالبان" على المدينة. وقال الناطق خالد بشتون ان اتفاق الاستسلام الذي تم التوصل اليه مع طالبان ينطوي على عيوب جوهرية وسيشيع حالاً من الفوضى. وأضاف ان "قرضاي رئيس الوزراء الجديد والزعيم الجديد اتخذ بنفسه قراراً خاطئاً للغاية في قندهار. وهو لم يتشاور مع الوجهاء أو أي شخص آخر. والمدينة الان في حال من الفوضى ويدور قتال من شارع الى شارع والنهب مستمر. وكل شيء حدث بسبب هذا الرجل الفاضل رئيس الوزراء الجديد". عشرة آلاف قتيل وافاد مسؤول في "طالبان" طلب عدم كشف اسمه أمس ان الغارات الجوية الاميركية أسفرت عن سقوط عشرة الاف قتيل غالبيتهم من مقاتلي الحركة في قندهار خلال الشهرين الاخيرين. وأوضح المسؤول "ان عدد الضحايا كان مرتفعاً خلال الاسبوعين الاخيرين الى حد جعلنا نعجز عن مقاومة عمليات القصف ما أدى الى سقوط خطوط دفاعنا". واضاف: "حاولنا سبع مرات اعادة بناء دفاعاتنا في الشمال والجنوب، وفي كل مرة كانت تقصف من جديد. وقتلت قوافل كثيرة من مقاتلي طالبان ولم نتمكن حتى من العثور على جثثهم". معركة اولى للمارينز وشن عناصر من سلاح مشاة البحرية المارينز الأميركي هجومهم البري الأول منذ اقامتهم قاعدة "كامب رينو" جنوبافغانستان في 25 تشرين الثاني نوفمبر الماضي ما أدى الى سقوط سبعة قتلى في صفوف المقاتلين المؤيدين لطالبان قرب قندهار. وقال النقيب ديفيد روملي للصحافيين: "مساء امس أول من أمس قمنا بهجوم ناجح على قوات للعدو ما أدى الى تدمير ثلاث آليات". وأوضح ان القتلى عناصر من طالبان او من شبكة القاعدة بزعامة اسامة بن لادن. ولم تسقط أي ضحية في صفوف القوات الاميركية على ما أفاد روملي. الى ذلك، قال ناطق عسكري أميركي ان مروحية تابعة لمشاة البحرية سقطت متحطمة واشتعلت فيها النيران قرب كامب رينو أول من أمس ما اسفر عن جرح احد افراد طاقمها وجندي اخر على الارض. وبدأ محققون تحقيقاً في الحادث، لكنهم اعربوا عن اعتقادهم بان "لا علاقة له بعمليات من جانب قوات العدو لجس نبض الخطوط الاميركية". أميركا تواصل القصف وأعلن ناطق باسم التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة أمس ان التحالف سيواصل حملته العسكرية في افغانستان على رغم سقوط قندهار. وقال كنتون كيث في بيان صحافي في اسلام اباد: "اعتقد اننا لم نحقق أهدافنا بعد، وستستمر الحملة العسكرية حتى القضاء على طالبان والقاعدة وتقديم زعمائهما الى المحاكمة". وأضاف: "اسامة بن لادن ما زال حراً طليقاً وكذلك كبار مسؤولي القاعدة، ولهذا فان طالبان ما زالت موجودة في بعض المناطق في وضع قتالي. وهم متحصنون في جيوب مقاومة في اجزاء مختلفة من البلاد". وبسبب السقوط السريع ل"طالبان" بدأ مئات الجنود من عناصر الوحدات الخاصة الاميركية مغادرة افغانستان وفق ما ذكرت الناطقة باسم قيادة العمليات الخاصة في الجيش الاميركي. واعلنت كارول دايربي انه من المفترض ان تصل الفرقة ال75 لقوات الجوالة التي شاركت في الغارة الجوية على جنوبافغانستان في 19 تشرين الاول اكتوبر الماضي، الجمعة الى قلعة بيننغ في جورجيا.