} بيروت - "الحياة" - يوم كانت السينما، أيام الحميّا الثورية الكبرى في الستينات والسبعينات، تعتبر سلاحاً حيوياً في "النضال ضد الرجعية والإمبريالية"، كان اسمه واحداً من أبرز الأسماء. كان في ذلك الحين، في وطنه، التشيلي واحداً من الذين استخدموا السينما سلاحاً سياسياً، خصوصاً أنه كان من انصار حكم الرئيس سالفادور الليندي الاشتراكي اليساري، بعدما كان هو نفسه يسارياً متطرفاً قبل ذلك. هو هلفيو سوتو، الكاتب والسينمائي الذي جاءت الأخبار لتنبئ هذا الأسبوع برحيله عن عمر يناهز السبعين عاماً. صحيح انه مات في سانتياغو، عاصمة التشيلي كما كان يحب ان يموت، وليس في المنفى الذي اجبر عليه اثر الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال بينوشيه وأطاح بحكم الوحدة الشعبية العام 1973، غير انه كان خلال سنواته الأخيرة يشعر بالأسى، وبأنه يعيش منفى داخلياً، ليس بسبب سرطان الرئة الذي استفحل لديه اخيراً، بل لأنه، منذ سقوط الكتلة الاشتراكية كان يرى أن "كل شيء قد انتهى: الحلم، والسينما والتقدم... كل شيء". منذ فيلمه "تصويت زائد بندقية" 1970 الذي حققه تبريراً للخيار الديموقراطي الانتخابي الذي اتبعه اليسار الشبابي للوصول الى الحكم، صار اسم سوتو مرادفاً للسينما السياسية، صحيح انه كان كتب وأنتج وأخرج قبل ذلك، ومنذ العام 1967، افلاماً متنوعة، منها ما هو سياسي وما هو اجتماعي، غير انه كان يرى ان بداياته كانت مع انتصار اليسار في التشيلي. وهو حقق قبل اندحار هذا اليسار فيلماً عن الفاشية "تغيرات ضابط شرطة" 1973 أعرب فيه عن رعبه إزاء عودة الفاشيين. وهو ما عاد وأكده في فيلمه الأشهر "إنها تمطر في سماء سانتياغو" الذي حققه في منفاه الفرنسي، بتمثيل جان - لوي ترانتينان وآني جيراردو، وروى فيه - مع كثير من النقد الذاتي - حكاية الانقلاب الذي أوعزت به وكالة الاستخبارات المركزية السي آي اي، من خلال حبكة بوليسية وعدت بالكثير. لكن سوتو لم يتمكن بعد ذلك من تحقيق افلام كثيرة. حقق فقط فيلمين طويلين: "موت مزدوج للشخص الثالث" 1980 في فرنسا ايضاً، ثم "صديقي واشنطون" 1984. وبعد ذلك غابت اخباره، ويبدو انه بعد عودته الى التشيلي مع زوال الحكم الفاشي، انصرف الى الكتابة، محاولاً بين الحين والآخر العودة الى السينما ولكن من دون جدوى، واخيراً كان لا بد للمرض ان يستفحل به، فانطوى، ومعه انطوت صفحة من تاريخ السينما النضالية في التشيلي، التي لم يبق منها سوى زملاء قلائل له، منهم راؤول رويت المقيم في فرنسا، وميغيل ليتين، الذي يخلد الى الصمت في انتظار... ازمان افضل.