في الوقت الذي خطف النجوم المصريون الأضواء ولاحقتهم العدسات والكاميرات خلال مهرجان دمشق السينمائي الثاني عشر، اتخذ رجل مغمور ركناً جانبياً في فندق "الشام" محاطاً بمجموعة كبيرة من الأجهزة والآلات النادرة التي تحكي قصة السينما وبداياتها وتطورها. وعلى رغم مرور الزمن رأى الناس كيف ان تلك الأجهزة حافظت على شكلها بفعل حماية هذا الرجل المسكون بالحنين الى زمن مضى. والى كونها هواية شبيهة بهواية جمع الطوابع والتحف القديمة والعملات... فإن هواية الاحتفاظ بأجهزة عرض سينمائية قديمة وتجهيزات الفن السابع من مختلف المراحل، لها قيمة تاريخية وعلمية كبيرة، إذ تعطينا لمحة وافية عن كيفية تطور السينما في جانبها التقني. محمود رشيد حديد سينمائي وعارض قديم عمل مع الرعيل الأول والثاني الذي أسس لفن السينما في سورية، وتعلم منه الكثير، من أمثال السينمائي نزيه الشهبندر. ومحمود حديد عمل عارضاً سينمائياً منذ العام 1956. وعلى رغم انه تقاعد من عمله، إلا أنه يعمل حتى الآن في صيانة الأجهزة السينمائية في دمشق وبقية المحافظات، كما يشرف على آلات العرض في سينما المركز الثقافي الفرنسي في دمشق. ويعتبر أول من صنع صوتاً سينمائياً وطنياً في بداية الستينات. ضم المعرض الذي أقامه على هامش مهرجان دمشق الأخير الكثير من أدوات وأجهزة عرض سينمائية نادرة منها: - عربة فاراداي، ونموذج الصندوق المنظار وتعود صناعته لعام 1895 م. - علبة "لمبات" اضاءة من صناعة أديسون نفسه. - أول آلة عرض سينمائية صامتة دخلت سورية عام 1912. - أول آلة عرض سينمائية ناطقة دخلت سورية وعملت في مقهى الروضة عام 1933. - آلة عرض نادرة تعود لعام 1915 وندرتها بسبب كونها من قياس 5،9 ملم. - عدد وأدوات تحكي عن تاريخ السينما العالمية من الاضاءة، الصوت، الى الصورة مع تطوراتها. - جهازا عرض سينما صنع ايطاليا عام 1945، وهما يعملان في شكل جيد مع معداتهما الصوتية. - أجهزة صوت قديمة صناعة شركة كلانج فيلم عام 1929 ميكروفونات، سبيكرات، قطع اكسسوار.... وأقام محمود حديد معارض عدة لتحفه النادرة في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق وتم تكريمه هناك بحضور النجمة الفرنسية كاترين دونوف لمناسبة مئوية السينما عام 1995. كما كرم مرات عدة في المركز الثقافي السوري مع السينمائيين الراحلين الرواد نزيه الشهبندر، ويوسف فهدة وكرم في مهرجان اسبوع الفيلم الفرنسي في السويداء... أما "التكريم الأكبر" كما يقول فلم يحصل عليه حتى الآن، ويتمثل بانشاء متحف للسينما يعطي صورة وافية عن نشوء فن السينما وتطوره. فحتى الآن ينحصر هذا الاهتمام بجهود فردية لا تملك إلا العشق لهذا الفن. في فيلم وثائقي أنجزه التلفزيون السوري عن الراحل نزيه الشهبندر الذي أنتج وأخرج وصور أول فيلم سوري ناطق "نور وظلال" كما صنع له أجهزة التصوير والطبع والتحميض يقول في أحد مشاهده: أخشى أن تضيع كنوزي السينمائية النفيسة وأتمنى لو تموت معي لئلا تباع خردوات في السوق. ترى هل أنقذ محمود حديد تراث الشهبندر من الضياع؟!