سيطرت تداعيات الحرب في افغانستان على اجتماعات وزراء خارجية دول حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وبحثوا في وسائل تعزيز الحملة الدولية على الارهاب. ووقع مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي وجهاز "يوروبول" اتفاقاً لتبادل المعلومات في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والارهاب ونشاطات التهريب. تزامن ذلك مع تقارير اوروبية اثارت تساؤلات عن النتائج العسكرية والسياسية التي ستترتب على المساهمة المحدودة للحلف في الحملة العسكرية التي تقودها الولاياتالمتحدة في افغانستان. وركز الأمين العام للحلف جورج روبرتسون في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري أمس على الجهود التي بذلها "الاطلسي" لتعزيز التحالف الدولي المناهض للارهاب، وقال ان تفعيل الحلف البند الخامس من ميثاقه مبادرة عكست "التضامن المطلق" ضد الارهابيين. وأشار الى ارسال الحلف خمس طائرات "أواكس" لحماية أجواء الولاياتالمتحدة، وفتح الدول الأعضاء اجواءها وموانئها وقواعدها العسكرية لدعم الحملة على الارهاب. ولفت الى تفكيك قوات الحلف في تشرين الأول اكتوبر الماضي مجموعة ارهابية في البوسنة يشتبه في انتمائها الى شبكة "القاعدة" والتخطيط لاعتداءات ضد القوات الأميركية في توزلا. ورأى وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ان مكافحة الارهاب لا تقتصر على العمليات العسكرية التي "تبقى ضرورية في الأوقات الحاسمة". وأضاف ان الجهود الكفيلة باجتثاث الارهاب على المدى البعيد "انطلقت داخل الهيئات الدولية المختصة"، مشيراً الى أن قراري مجلس الأمن 1368 و1373 "يمثلان مرحلة حاسمة في مكافحة الارهاب وتنظيم رد المجموعة الدولية". وزاد ان "حلف الأطلسي لا يتولى مهمات مكافحة تبييض الأموال التي يستفيد منها الارهابيون، ولكل منظمة دورها في الحملة على الارهاب". وينفذ الاتحاد الأوروبي خطة تشمل تبادل المعلومات عن النشاطات الارهابية وتعزيز التعاون بين اجهزة الأمن وتعقب الارهابيين وعصابات التهريب، ومكافحة تبييض الأموال. ووقع الاتحاد وممثل لمكتب التحقيقات الفيديرالي اف. بي. آي في بروكسيل أمس، في حضور وزير الخارجية الأميركي كولن باول، اتفاقاً أمنياً هو الأول من نوعه بين الجانبين، تضمن تبادل المعلومات المتعلقة بالجرائم الكبيرة مثل جرائم الارهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات وتجارة الجنس البشري. لكن الاتفاق لا يوفر على "اف. بي. آي" عناء التحقيقات والتعاون مع كل من اجهزة الأمن الأوروبية. وبدا ان العلاقات الروسية - الأطلسية مرشحة لنقلة نوعية، بعد تعاون موسكو مع الولاياتالمتحدة والبلدان الأوروبية في مكافحة الارهاب، وتشجيعها جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز على فتح قواعدها للطائرات والقوات الغربية التي تشارك في الحملة على حركة "طالبان" وشبكة "القاعدة" في افغانستان. ووافقت فرنسا على اقتراحات قدمتها بريطانيا لتطوير التعاون بين الحلف وروسيا، ونقله من اطار التشاور الى اطار الاجماع في مجالات مثل "مهما حفظ السلام ومكافحة الارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل". وتطالب روسيا بوضع اطار يمكنها من المساهمة، الى جانب اعضاء الحلف ال19، في صنع القرارات الأمنية التي تمس القارة الأوروبية. لكن مصادر مطلعة في الحلف تحدثت عن الحاجة الى التريث وعدم استعجال هياكل جديدة. وتأمل روسيا بأن يتحول "الأطلسي" الى منظمة سياسية شبيهة بمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، التي تضطلع فيها موسكو بدور يساوي دور الولاياتالمتحدة أو بريطانيا. ومعروف ان أعضاء الحلف رفضوا دائماً هذا الطرح، لكن افرازات الحرب على الارهاب قد تمهد لتغيرات في هندسة الأمن الأوروبي.