"أنا دائماً أقول وفي منتهى الصراحة، إذا كان غيري لا يريد حصة، فأنا لا أريد، ولكن إذا طلب غيري حصة له، فأنا كذلك. عالسكين يا بطيخ". هذا الردح جزء من مؤتمر صحافي عقده أول من أمس في عين التينة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، وهاجم فيه رئيس الحكومة رفيق الحريري بسبب حديث الأخير عن التعيينات الإدارية وقوله أن "الذي سيأتي رئيساً للضمان محسوب على الدولة". بعض اللبنانيين نظر إلى الحملة العنيفة التي شنها نبيه بري على رئيس الحكومة من زاوية الخلاف على تأجيل القمة العربية الذي طالب به رئيس مجلس النواب واعتبره رئيس الحكومة "رأياً شخصياً"، بخاصة أن العلاقة بين الاثنين في قضية التعيينات كانت دائماً "سمناً على عسل"، وتسير وفق المبدأ اللبناني الشهير "اللي بدك إياه يصير يا بيك"... فضلاً عن أن الحريري لم يسم بعد رئيس الضمان المزمع تعيينه وإنما تحدث عن محسوبيته على الدولة. وهذه المحسوبية لا تعني أنه سيكون من رجال رئيس الحكومة تحديداً، وإنما سيكون محسوباً على أحد الكبار فيها كما جرت العادة على محاصصة المناصب الكبيرة. الحرب الكلامية بين الرئيسين نظر إليها بعضهم من زاوية لبنانية صرفة، وتجاوز أزمة تأجيل القمة وتأثيرها على علاقتهما في المرحلة المقبلة، معتبراً أن أزمة التعيينات كشفت غياب دولة المؤسسات في لبنان، والعبارات المتبادلة بين رئيسي الحكومة ومجلس النواب تؤكد أن الحكومة لا تزال تسير وفق قاعدة "هيدا إلي وهيدا إلك". وقول الرئيس الحريري ان "الذي سيأتي رئيساً للضمان محسوب على الدولة" يعني أن التعيينات السابقة في الحكومة كانت مبنية على المحاصصة وليس على المصلحة العامة، فضلاً عن أن قول الرئيس بري "إذا طلب غيري حصة له، فأنا كذلك" يشير إلى فشل الاتفاق السري بين السياسيين اللبنانيين على وقف العمل بقانون المحاصصة. الفريق الثالث اعتبر أن ما جرى بين الحريري وبري، على رغم أنهما على وفاق تام في ترتيب المصالح والحقوق والمحسوبيات، دليل على الشفافية وبداية ديموقراطية حقيقية في لبنان. وإقدام رئيسي البرلمان والحكومة على كشف "قانون المحسوبيات"، أو المحاصصة أمام الرأي العام، على هذا النحو الصارخ، يعني أن لبنان بخير، وبدأ يتعافى من تحكم قانون "جبر الخواطر" وسيطرة الأفراد والمحاسيب على المناصب والمواقع المهمة في الحكومة.