سميرة أحمد اسم له ايقاع خاص يثير في النفس الحنين الى زمن "رومانسية" السينما في الخمسينات ثم في الستينات والسبعينات مع نجوم مثل: رشدي أباظة، عبدالحليم حافظ، أحمد رمزي، لبنى عبدالعزيز، سعاد حسني... الخ، وهي واكبت مسيرة السينما في مصر خلال تلك الفترة حتى أصبحت رمزاً من رموزها. انها "امرأة من زمن الحب" ما زالت تتمتع بابتسامة مشرقة، واطلالة رقيقة. تنوعت أدوارها واختلفت، لكنها تعتز - بصورة خاصة - بدور الشيماء أخت الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعتبره من أهم الأدوار التي جسدتها. ولا تخفي تبرمها من الأدوار الشريرة، مفضلة عليها الأدوار التي تشبه طبيعتها لأنها "تجعلني عفوية وصادقة". "الحياة" التقتها في دمشق، وكان هذا الحوار: دخلتِ عالم التمثيل منذ الصغر. كيف تقرأين هذه المسيرة وقد ناهزت النصف قرن؟ - النقطة الاساسية هي انني دخلت هذا العالم في البداية أملاً في الحصول على عمل أكسب منه مادياً، وأساعد أسرتي، ولم يدر في خلدي انني سأصبح نجمة، ولم أكن أحلم بالنجومية أصلاً، لكن العمل المستمر، والتشجيع من الأهل، واهتمام المخرجين وأخص بالذكر المخرج عز الدين ذو الفقار، فضلاً عن فتنة السينما، كل ذلك شكل لدي حافزاً لتحقيق التميز والنجومية. في البدايات المبكرة كنت أقوم بتجسيد أدوار هامشية وصغيرة كومبارس ثم تعددت هذه الأدوار وتنوعت، لكن البداية الحقيقية كانت مع فيلم "أغلى من عينيَّ". ثم مررت بمراحل كثيرة استفدت خلالها من أدق التفاصيل، ومن خبرات الآخرين، فطريق الفن شائك ويتطلب الجهد والصبر والعمل الدؤوب ليستطيع الفنان أن يحقق ما يصبو اليه. قيل ان شخصية المرأة التي تجسدينها في مسلسل "امرأة من زمن الحب" تقترب - الى حد بعيد - من شخصيتك الحقيقية؟ - ان هذا القول يسرني جداً، وفي الحقيقة أستطيع القول ان 90 في المئة من سلوك تلك الشخصية وتصرفاتها وحديثها تتطابق مع شخصيتي الحقيقية في الحياة، لدرجة كنت أقول لكاتب العمل اسامة أنور عكاشة - عند قراءتي لحوار الشخصية - "هل كتبت هذا العمل خصيصاً لأجلي؟" و"كيف عرفتني الى هذا الحد؟"، فالحوار المكتوب للشخصية هو الحوار نفسه الذي أقوله لأولاد اختي وأخي. ومواقف الشخصية وردود أفعالها تتشابه مع مواقفي في الحياة. وكوني أجسد شخصيتي الحقيقية على الشاشة كان ينتابني شعور غريب بالسعادة، وربما ظهر ذلك على الشاشة. انت تفضلين، إذاً، القيام بأدوار تقترب من شخصيتك الحقيقية؟ - بالضبط، لأنني حينذاك أكون عفوية وصادقة، ولا يحتاج الدور مني الى جهد كبير، أما الأدوار الأخرى "الصعبة والمركبة" فتأخذ مني جهداً مضاعفاً. ألهذا لم نركِ في أدوار الشر؟ - تضحك نعم، أنا لا أحب أدوار الشر، على رغم ادراكي بأن الفن لا يعترف بمثل هذه النزعة، لأنه يسعى لإظهار النماذج الخيّرة والشريرة معاً، وانتصار الخير في النهاية. أمام هذا العدد الهائل من الشخصيات التي قمت بتجسيدها، ما هو الدور الذي ترك في نفسك أثراً طيباً، وهل هناك بعد شخصية معينة ترغبين في تجسيدها؟ - قدمت نماذج كثيرة، لكن الدور الذي اعتز به واعتبره من أهم أدواري هو دور الشيماء اخت الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بالنسبة الى الشق الثاني من السؤال فليس في ذهني شخصية معينة، لكن قد أقرأ رواية ما وأشعر خلالها برغبة في تجسيد شخصية من شخصياتها، فاختياري دائماً ينبع من حبي للشخصية، ومن مدى قدرتي على ايصال مقولتها الى المتلقي. ثمة آراء متشائمة تنظر الى السينما كفن في طريقه الى التلاشي، ولا سيما "السينما الرومانسية" - اذا جاز هذا التعبير - والحجة في ذلك سطوة التلفزيون بقنواته الفضائية المتعددة، التي ستكون البديل. ما هو ردك على هذه الآراء؟ - منذ أن ظهرت السينما قبل مئة عام، وهناك آراء تظهر - بين الحين والآخر لتنعاها لكن السينما لم تنته، ولن تنتهي، وقد صار لها تاريخ و"أرشيف" مملوء بالأفلام التي انتزعت اعجاب الجمهور، فالسينما لها خصوصية قادرة على جذب الجمهور ودفعه للخروج من المنزل والذهاب الى عتمة الصالة ليعيش طقساً لن يجده في أي مكان آخر. وفي رأيي ان التلفزيون وعلى رغم تعدد أقنيته، والأعمال الكثيرة التي يبثها، إلا أن هذه الأعمال معرضة للنسيان أكثر من الفيلم السينمائي. والفيلم الرومانسي أيضاً سيبقى له موقع على رغم ما نجده الآن من انتشار لموجة الأفلام الكوميدية، ومن قبلها أفلام "المقاولات"، ففي كل فترة تسود موجة من الأفلام ومع ذلك كان آخر أفلام نور الشريف وبوسي رومانسياً، وأقصد فيلم "العاشقان" فهناك عوامل كثيرة تؤثر وتتحكم في انتشار نوعية من الأفلام دون غيرها. جاء في سياق الاجابة، ان الدراما التلفزيونية معرضة للنسيان، فما الذي دفع الفنانة سميرة أحمد الى العمل في هذه الدراما في السنوات الأخيرة؟ - ان هذا الأمر ليس مبرمجاً، انما هناك ما يستهويك للعمل بصرف النظر عن كونه سينمائياً أو تلفزيونياً، وكما تعلم فإن عجلة الانتاج السينمائي في السنوات الأخيرة تعثرت، ويجب ألا ننسى أن التلفزيون له انتشار واسع وكبير ويغري بالعمل فيه، وليس كل ما يقدم في التلفزيون سيئاً بل هناك أعمال ممتازة ورائعة، ومن هنا فإن عملي في التلفزيون يجب ألا يفهم على أنه اهمال للسينما، بل المسألة تتعلق بواقع فني يفرض نفسه على الممثل. ما هو السبب الذي قادكِ الى خوض تجربة الانتاج السينمائي، وهل يمكن اعتبارها "رد فعل" على ما وصل اليه الانتاج السينمائي، في جزء كبير منه، من تسطيح وابتذال؟ - ربما كان الأمر كذلك، واجمالاً عندما تحاول أن تقدم شيئاً جيداً فإن ذلك يعني رفض الرديء، وبالنسبة الى تجربتي في الانتاج كان هناك من يدير الانتاج، لكنني كنت أختار مواضيع الأفلام بنفسي، وأراعي الشروط التي من شأنها اعطاء السينما الرونق والتميز، وعلى هذا الأساس انتجت أفلاماً عدة لاقت استحساناً، مثل: "البريء"، و"امرأة مطلّقة"، و"أذكياء لكن أغبياء" و"عالم عيال عيال" وغيرها من الأفلام التي اتسمت بجرأة الطرح، وجودة المضمون. كيف تقوّمين الانتاج السوري؟ - بالنسبة الى الأفلام السورية - وبصراحة - لم أشاهد منها سوى فيلمين هما "الحدود" و"التقرير" لدريد لحام وهما من الأفلام الجميلة، أما بالنسبة الى المسلسلات السورية فأرى أن هناك اجتهاداً واضحاً لتقديم الجيد والجديد سواء الاجتماعية أو التاريخية، وهناك اسماء كثيرة، لا يتسع المكان لذكرها مثل بسام كوسا، منى واصف، أمل عرفة، جمال سليمان، سلوم حداد... قدمت ما هو جدير بالاعجاب.