اسلام اباد - أ ف ب - تجد باكستان التي اضطرت الى تغيير مفاجىء لموقفها في افغانستان بتخليها عن حركة "طالبان" اثر الهجمات في الولاياتالمتحدة في ايلول سبتمبر الماضي، نفسها امام تساؤلات تتعلق بمدى استمرار المنافع التي جنتها من وراء تحالفها مع الولاياتالمتحدة في حملة مكافحة الارهاب، وبامكان تعرضها مرة جديدة للغدر. وفي الواقع، كافأت واشنطن، ومعها المجتمع الدولي، حكومة اسلام اباد العسكرية على تضامنها مع هذه الحملة، عبر رفع العقوبات واعادة جدولة الديون الخارجية والحصول على اعتمادات من شتى الانواع، فضلا عن مزيد من التسهيلات لدخول المنتجات الباكستانية الى الاسواق الكبرى. لكن الباكستانيين لديهم حججهم للبقاء على حذر، نظرا الى تجاربهم الماضية، اذ انهم سبق وافادوا في الماضي من السخاء الغربي لكن لفترات قصيرة نسبيا توازي مصالح الولاياتالمتحدة المحددة في هذه المنطقة. ومنذ هجمات 11 ايلول، بات للرئيس برويز مشرف دور يلعبه في اطار التحالف المناهض للارهاب. وفي هذا السياق اضطرت باكستان الى قطع علاقاتها مع "طالبان" البشتونية التي كانت تدعمها قبل هزيمتها العسكرية تحت وطأة الضربات الاميركية، لكن اسلام اباد لا تعلم كثيرا مدى امكان استعادة نفوذها يوما في افغانستان. فالهند، عدوها وجارها الكبير، استغلت على الفور الوضع الجديد لتشد اواصر روابطها القوية فعلا مع الطاجيك في "تحالف الشمال" الذي اصبح سيد كابول. الى ذلك هناك موضوع ساخن حساس اخر بالنسبة الى باكستان، هو مسألة كشمير، الولاية المتنازع عليها بين البلدين وتقطنها غالبية من المسلمين، علما ان الهند تسيطر على ثلثيها منذ العام 1947. وتصف نيودلهي ب"الارهابيين" المقاتلين الكشميريين ومناصريهم في هذه المنطقة، بينما تتحدث اسلام اباد عن "نضال عادل من اجل التحرير". وفي هذا الخصوص، لا بد للولايات المتحدة ان تراعي باكستان، لكن الدبلوماسيين يشكون في ان تجازف واشنطن في ممارسة ضغوط قوية على نيودلهي من اجل التوصل الى تسوية تفاوضية. وفي الحقيقة، خاطر مشرف كثيرا بالنسبة الى لوضع الداخلي عبر انضمامه الى واشنطن، لكنه نجح في الامتحان حتى الان، لكن انضمامه الى التحالف تمخضت عنه نتائج تتلخص باربع نقاط: - الوضع المفاجىء الناجم عن هجمات ايلول كشف بوضوح علاقات باكستان مع ميليشيا "طالبان". - اسئلة عن نفوذ اجهزة الاستخبارات الباكستانية لدى الجماعات الاسلامية. - تظاهرات الشوارع التي تميزت بالعنف احيانا عكست صورة دولة نووية هشة. - الرأي العام الباكستاني الذي رأى احيانا زعيمه يخضع لضغوط واشنطن، يتساءل عن الثمن الذي ستتقاضاه البلاد في مقابل التسهيلات الممنوحة خلال الحملة في افغانستان المجال الجوي والمطارات والقواعد العسكرية والوصول الى معلومات سرية. الى كل ذلك يشعر عدد كبير من الباكستانيين بالارتياب تجاه الولاياتالمتحدة لاعتباره بانه سبق و"خدع" في الماضي. وقد بدأت ضغينة الباكستانيين تجاه الاميركيين بالظهور ابان الحرب مع الهند العام 1965 في شأن كشمير. واشتدت اثناء نزاع العام 1971 الذي ادى الى قيام دولة بنغلادش باكستانالشرقية سابقا. وقد شعر الباكستانيون ان واشنطن خانتهم برفضها دعمهم في مواجهة الهند. وما زاد في تغذية هذا الشعور بالضغينة دعم واشنطن للديكتاتور ضياء الحق خلال حقبة الاحتلال السوفياتي لافغانستان 1979 - 1989 الى ان تحول هذا الشعور الى غضب اثناء حرب الخليج ضد العراق. وكانت واشنطن اعلنت آنذاك فك ارتباطها في افغانستانوباكستان التي كانت حينها الدولة الثالثة المستفيدة من المساعدات الاميركية في العالم، بعد اسرائيل ومصر.