توقعت لدى وصولي الى مدينة بيداوه في سط جنوبالصومال، ان تكون ساحتها تعج بالقوات الاميركية التي تعرفها جيداً أيام كانت توصف ب "مدينة الموت" قبل وصولها اليها مطلع 1993. آنذاك، كانت هذه القوات في مهمة انسانية في إطار "عملية إعادة الامل" لانقاذ من بقي على الحياة في مدينة حصدت فيها المجاعة والقحط آلاف الناس. اليوم، يقول سكان المدينة ان الاميركيين ربما عادوا في مهمة آخرى... قد تكون بيداوه قاعدة لانطلاق قواتهم او قوات المعارضة الصومالية التي تتصرف على غرار "تحالف الشمال" الافغاني، لملاحقة عناصر حركة "الاتحاد الاسلامي" او لاصطياد اتباع لأسامة بن لادن من "القاعدة" إذا كانوا فعلاً في مكان ما داخل الصومال. لكن بيداوه التي تقع على بعد 250 كلم جنوب غربي مقديشو، كانت ساحتها هادئة لدى وصولي اليها اول من امس. وهي تتمتع، بخلاف العاصمة التي وصلت منها، بأمن واستقرار شجع عشرات من الاجانب الذين وصلوا اليها حديثاً، على التجول في شوارعها وحولها سيراً او باستخدام السيارات من دون حراسة عناصر مسلحة. وتسيطر "جبهة المقاومة الرحنوينية" نسبة الى قبيلة رحنوين على اقليمي باكول وباي بيداوه عاصمة باي وتحافظ على امن المنطقة فيهما. واتخذ "مجلس المصالحة وإعادة الاصلاح الصومالي" الذي يضم الفصائل المعارضة للحكومة الانتقالية، من بيداوه مقراً رئيسياً له. ويرأس الدورة الحالية ل"المجلس" المهندس حسين محمد فارح عيديد. واصبحت بيداوه منطقة استراتيجية في الفترة الاخيرة، حيث افتتحت معظم المنظمات التابعة للامم المتحدة مقرات لها في المدينة، خصوصاً "منظمة الصحة" و"منظمة الاغذية" و"برنامج التنمية" وغيرها. وزاد من اهميتها أنها استقبلت أخيراً مسؤولين وضباطاً اميركيين لجمع المعلومات عن الوضع في الصومال وتحديد العناصر الصومالية والمنظمات المتعاونة مع تنظيم "القاعدة"، ورصد مخيمات التدريب لهذه الجماعات في داخل البلاد اذا كانت موجودة فعلاً. وتزامنت زيارات المسؤولين الاميركيين لبيداوه مع وصول مفاجيء لعدد كبير من مراسلي وسائل اعلام اميركية وبريطانية. واجرى هؤلاء تحقيقات ميدانية تضمنت آراء السكان عن التدخل الاميركي، وهل يعرفون "عناصر ارهابية" في بلادهم. كل تلك العوامل مجتمعة حدت ببعض المراقبين الى ترجيح اتخاذ الاميركيين بيداوه قاعدة لقواتهم. وكذلك استخدامها لاعداد قوات صومالية من التحالف المعارض مجلس المصالحة وإعادة الاصلاح الصومالي على غرار قوات "تحالف الشمال" الافغانية. وترجيحات هؤلاء المراقبين تستند الى ادلة تظهر منها حتى الآن، تحركات غير عادية لقوات صومالية من "جبهة المقاومة الرحنوينية" وتجميعها في معسكرات خارج مدينة بيداوه.