موسكو، واشنطن، اوتاوا، لندن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - فشلت المفاوضات الروسية الاميركية التي عقدت في موسكو في التوصل الى اتفاق على نظام جديد للعقوبات المفروضة على بغداد، واعربت روسيا عن معارضتها القاطعة لأي هجوم على العراق في اطار "الحرب الاميركية على الارهاب". في غضون ذلك قلّل وزير الخارجية الاميركي كولن باول من اهمية تكهنات لتوسيع الحرب لتشمل العراق، واعلنت كندا انها لن تشارك في هذه الحرب، وجدّد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو تصريحاته ان لا دليل على تورط العراق في الهجمات على الولاياتالمتحدة. اما وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين فأعرب عن اعتقاده بأن اوروبا لا ترى اي تبرير للتحرك العسكري ضد العراق. في موسكو اعلنت وزارة الخارجية الروسية امس فشل المفاوضات مع وفد اميركي في التوصل الى اتفاق شامل على نظام العقوبات الذي سيفرض على العراق اعتبارا من اول حزيران يونيو. وان مشاورات جديدة ستجري خلال كانون الثاني يناير المقبل. واضافت الوزارة ان الطرفين ناقشا الاربعاء والخميس في موسكو لائحة المنتجات التي سيسمح للعراق باستيرادها بناء على نظام العقوبات الجديد الذي يجري اعداده. واكدت في بيان ان الولاياتالمتحدةوروسيا اتفقتا على "بعض جوانب لائحة البضائع". وان جولة جديدة من المناقشات ستجري في نهاية كانون الثاني او مطلع الشهر التالي على ان يتم الانتهاء من وضع هذه اللائحة بحلول ايار مايو 2002. واشتكى الوفد الروسي في هذه المشاورات ايضا من ارتفاع قيمة صفقات الشركات الروسية المتعاقدة مع العراق التي "جمدتها" لجنة العقوبات للامم المتحدة حيث بلغت "860 مليون دولار". ووعد الاميركيون الروس برفع العقبات التي تعترض صفقات بقيمة 54 مليون دولار وببذل مساع لازالة العراقيل امام صفقات اخرى. وكان وزير التجارة العراقي محمد مهدي صالح اتهم مطلع الشهر الجاري لجنة العقوبات للامم المتحدة بعرقلة صفقات في اطار برنامج "النفط للغذاء" بقيمة ستة بلايين دولار. واعربت موسكو مساء الخميس خلال هذه المشاورات عن معارضتها القاطعة لاي عملية عسكرية ضد العراق "في اطار المرحلة المقبلة من مكافحة الارهاب الدولي". واعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي اورجونيكيدزه اثر محادثات مع المسؤول في وزارة الخارجية الاميركية جون شترن وولف "ان الدعوة الى عملية محتملة تشنها الولاياتالمتحدة" على العراق "لن تؤدي الا الى رفع حدة التوتر في المنطقة وتفكك الائتلاف المناهض للارهاب". وقال يفغيني ياغوبيتس مسؤول لجنة التعاون مع العراق: "ان الروس في الحقيقة لا يريدون نظام عقوبات جديد بل يفضلون ان ترفع العقوبات عندما يوافق العراق على عودة المفتشين الدوليين". في واشنطن قلّل باول من اهمية تكهنات بأن العراق قد يكون الهدف التالي في الحرب الاميركية المعلنة على الارهاب، قائلا في حديث نشر امس ان "تحقيق نتائج في العراق مماثلة للنجاح العسكري الذي تحقق في افغانستان غير مضمون". واضاف في حديث الى صحيفة "واشنطن بوست": "انهما دولتان ونظامان مختلفان بقدرات عسكرية مختلفة. ولذلك لا يمكن ان تأخذ النموذج الافغاني وتطبقه فورا على العراق". واوضح ان "العراق موجود في جدول اعمالنا ونراجع دوماً خططنا تجاهه". ووافق النواب الاميركيون بغالبية 392 صوتا مقابل 12 صوتا على مشروع قرار غير ملزم يؤكد الحاجة الملحة لاستئناف مراقبة الاممالمتحدة برامج الاسلحة العراقية وسط اتجاه واسع النطاق في الكونغرس لجعل العراق هدفا في الحرب على "الارهاب". واستبعدت كندا المشاركة في اي هجوم تقوده الولاياتالمتحدة ضد نظام الرئيس العراقي صدام حسين ما لم يكن هناك دليل مباشر على وجود صلة بين بغداد واسامة بن لادن. وساهمت اوتاوا بسفن وطائرات وجنود في الحملة على افغانستان لكن جان كريتيان رئيس الوزراء قال ان رفض صدام السماح بعودة مفتشي الاممالمتحدة الذي يعتقد بعضهم انه قد يؤدي الى هجوم اميركي أمر مختلف تماما. وزاد "اذا عرفنا غدا ان هناك دولة تخفي بن لادن فالمشاركة طبيعية اما المشكلة مع العراق فمختلفة لان بن لادن ليس هناك وكذلك القاعدة على حد علمنا". وتابع انه وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي جاك شيراك "متفقون في الرأي على ضرورة ان يكون هناك صلة مباشرة لان ما اتفق عليه هو مكافحة الارهاب". واضاف "مسألة تطوير اسلحة الدمار الشامل مشكلة تناقش في الاممالمتحدة وليست الغرض من التحالف". وحذرت كندا ايضاً من عمل عسكري اميركي منفرد في العراق قائلة انه اذا هاجمت واشنطن الرئيس العراقي وحدها فانها قد تلحق ضررا بالتحالف الدولي ضد الارهاب الذي تشكل بحذر. في لندن، صرح وزير الخارجية البريطاني جاك سترو انه لا يوجد اي علاقة بين العراق واعتداءات 11 ايلول الارهابية وقلل من اهمية التكهنات بان الولاياتالمتحدة قد تشن عملية عسكرية ضد نظام الرئيس صدام حسين. وقال في حديث نشرته صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية امس ان "لا دليل لوجود رابط بين العراق وهجمات 11 ايلول" مضيفا "على هذا الاساس فان المسرح الوحيد للعمليات العسكرية التي نشارك فيها حاليا هو افغانستان". واكد ان "القرارات التي تتخذها الادارة الاميركية عاقلة ومتزنة حتى الان. ولا ارى اي داع للاعتقاد بان ذلك لن يستمر". في باريس قال فيدرين امس انه لا يمكن تبرير أي تحرك عسكري ضد العراق في اطار الحرب الاميركية ضد الارهاب. واضاف في حديث الى اذاعة "ار ام سي": "لا تعتقد اي دولة اوروبية ان القيام بتحرك ضد العراق يندرج في منطق الحملة على الارهاب". وزاد "حتى اولئك الذين يدافعون عن توسيع الحرب لتشمل العراق في الولاياتالمتحدة لا يتحدثون عن وجود صلة لذلك بهجمات 11 ايلول". وقال فيدرين عندما سئل عن الصومال: "القرار الاول الذي تبناه مجلس الامن الدولي يبرر الرد السريع في اطار الدفاع المشروع ضد شبكة القاعدة التي يشتبه في مسؤولية زعيمها اسامة بن لادن عن هجمات 11 ايلول من دون ان يكون ذلك بالضرورة في افغانستان". في واشنطن، أظهر استطلاع للرأي اجرته شبكة تلفزيون "ايه بي سي نيوز" وصحيفة "واشنطن بوست" ان غالبية الاميركيين تؤيد توسيع الحرب لتشمل العراق. واظهر الاستطلاع الذي نشرت نتائجه الخميس ان 61 في المئة قالوا ان الانتصار سيكون ناقصاً اذا لم تتوجه الولاياتالمتحدة لاطاحة صدام حسين. وقال 72 في المئة انهم يؤيدون عملاً عسكرياً لتحقيق ذلك الهدف. وقال 75 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع انهم يؤيدون ضرب قواعد ارهابيين مشتبه بها في اليمن والصومال والسودان.