وهكذا أصبح لدينا في مصر موسمٌ صيفي لعروض السينما، يحتل أكثر شهور الصيف حرارة ويأتي بعد امتحانات نهاية العام الدراسي، سواء في المدارس أو الجامعات. الغريب أن هذا الموسم الجديد لا يكون في الاسكندرية أو المصايف أو الساحل الشمالي، حيث يقتصر الأمر على اقامة حفلات الغناء في "مارينا"، مصيف الاثرياء الجدد في مصر، ولكنه يقام في القاهرة التي تصل درجة الحرارة فيها خلال شهري تموز يوليو وآب اغسطس الى نحو أربعين درجة مئوية. ومع هذا يبقى فيها سكان، ويأتي اليها سياح عرب. وهؤلاء جميعاً يذهبون الى دور السينما المكيفة لمشاهدة سينما مصنعة اساساً للعرض في الصيف، هي سينما الشباب. هكذا اصبحت لدينا قسمة جديدة: سينما الاجيال السابقة، او القديمة، تعرض في العيدين، الفطر والاضحى، والدراما التلفزيونية لفترة موسم سنوي، هو شهر رمضان الكريم، أما الصيف فتعرض فيه أفلام الشباب. شاهدنا هاني سلامة في فيلمين هما: "اصحاب والاّ بيزنس" و"السلم والثعبان" وهو يحاول أن يعثر على مستقبله الفني بعيداً من أجواء يوسف شاهين وسينماه في "السلم والثعبان" يلعب دور دون جوان وفي الفيلم الثاني يجسد دور مذيع في محطة فضائية. وشاهدنا ايضاً احمد حلمي في فيلمين، "السلم والثعبان" و"اسعاف 55". ولكن احمد حلمي فنان قادر على الاضحاك وانتزاع الضحك وإن كانت خفته تعوم فوق بحار من الشجن. وتقاسم محمد سعد مع احمد حلمي بطولة "اسعاف 55" وهو يمثل بدرجة عالية من العفوية والصدق، ولكن الخوف عليه من الوقوع في اسر الدور الواحد. احمد السقا كان جديده فيلم "افريكانو"، وإن كان قد عانى في هذا الموسم اللعب في مكانه نفسه، ولم يحقق أي خطوة الى الامام. في "سكوت حنصور" قابلنا احمد وفيق، الذي يلعب البطولة للمرة الاولى، ومشكتله هي وجهه الشمعي وعدم قدرته على استنطاقه درامياً، وكانت امامه المطربة لطيفة ونجحت غنائياً أكثر من قدرتها على التمثيل، كما أنها عانت عدم القدرة على نطق العامية المصرية. في مواجهة كل هؤلاء الشباب نجد منى زكي وغادة عادل وحلا شيحة. هنا نلاحظ ان الوجود الفني باهت والبطولة الجوهرية "رجالية"، البطولة النسائية لا تزيد على دور "السنيد"، ومن اصعب القول إن هناك بطلة نسائية يمكن أن تحمل على كتفيها فيلماً يكون من بطولتها المطلقة. بقدر فشل فيلم علاء ولي الدين "ابن عز" على رغم أنه عن قصة واخراج لشريف عرفة، الذي يعد من المخرجين القلائل القادرين على صنع عالم فيلم سينمائي، نجح فيلم محمد هنيدي "جاءنا البيان التالي"، وإن كان نجاحاً مادياً فقط. وما زال هنيدي في انتظار ان يحقق هذه المعادلة الصعبة، على رغم أن فنانين كباراً من أجيال الاساتذة بالنسبة لهنيدي هربوا بأفلامهم الى عيد الفطر، حتى لا يجدوا أنفسهم في حال مقارنة ظالمة مع هنيدي. من المخرجين الجدد الذين قدموا أفلامهم الاولى في هذا الموسم علي ادريس الذي قدم فيلمه "أصحاب والاّ بيزنس" الذي يعد من أفضل أفلام هذا الموسم الصيفي. أما عمرو عرفة ابن المخرج سعد عرفة وشقيق المخرج شريف عرفة فجاء فيلمه "افريكانو" اقرب الى افلام الغرب الاميركي. وكذلك حال مجدي الهواري الذي قدم فيلماً من بطولة زوجته واشرف فايق الذي يتحدر من أسرة فنية كبيرة، إلا أن فيلمه الأول "اللبيس" لم يحمل الجديد فنياً. السيناريوات كانت قسمة عادلة بين محمد أمين مخرج فيلم "فيلم ثقافي" وأحمد عبدالله الذي كتب سيناريو وحوار "ابن عز" و"اسعاف 55". يبقى من ظواهر هذا الصيف المطربان اللذان قاما ببطولة فيلمين وهما: مدحت صالح في "اللبيس" ومصطفى قمر في "اصحاب والاّ بيزنس". مشكلة هذا الموسم تتبدى في اختيارات الفنان الشاب شريف منير الذي حقق انجازاً فنياً جيداً في مسلسلات التلفزيون وله أكثر من عمل أكثر من جيد، لعب شريف دور لبّيس لفنان مشهور في فيلم "اللبيس" وأخشى أن يخسر شريف منير في السينما ما سبق أن بناه في التلفزيون، والأدوار الثانية له في السينما.