مارس المبعوث الأميركي إلى سلام الشرق الأوسط الجنرال أنتوني زيني مهمته "السياسية" بأسلوب الأوامر العسكرية، واتهم "مجموعات" فلسطينية بالسعي إلى إفشال مهمته، وقال إن "المسألة الأولى المطروحة هي وقف النار وإنهاء العنف"، معلناً التزامه البقاء في المنطقة حتى يتم تنفيذ ذلك، لكنه لم يتحدث عن أسباب العنف أو يتطرق إلى حملة الاغتيالات التي تمارسها إسرائيل. الجانب الفلسطيني استشعر توجهات زيني التي تتجاهل الأسباب الحقيقية للعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لذلك قدم اقتراحاً قصيراً ومحدداً لتطبيق توصيات "ميتشيل" وخطة "تينيت"، يشمل وقف الاستيطان ورفع الحصار ووقف الاغتيالات وإطلاق المعتقلين، لتذكير المندوب الأميركي بأن هذه الأسباب هي المسؤولة عن غياب الأمن، وبأن السلام المنشود يتطلب الاهتمام ب"توصيات ميتشيل"، وليس تجاهلها واستبدالها ب"خطة تينيت". تصريحات زيني توحي بأنه يحمل مهمة أمنية لا سياسية، ومتحمس لأمن إسرائيل أكثر من إقامة سلام مع جيرانها، ومتمسك ب"خطة تينيت" التي تسعى إلى اعتقال "المشبوهين" المسؤولين عن الهجمات، وتقوم على فعل "يتعين على الفلسطينيين"، وترى أن إسرائيل ليست مسؤولة إلا عن منع التجاوزات التي تتم رداً على الهجمات الفلسطينية، وتحمّل الفلسطينيين مسؤولية "العنف". إن اعتقاد المندوب الأميركي بأن ما يجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو تبادل لإطلاق النار، يعني أن بقاءه في المنطقة سيطول، لأن اعتبار الأزمة صراعاً مسلحاً تجاهل لحقيقة أن شعباً أعزل يواجه جيشاً نظامياً، فضلاً عن أن تبني "خطة تينيت"، التي فشل مدير الاستخبارات المركزية الأميركية السابق في تنفيذها، والتركيز على الجانب الأمني من دون النظر إلى الأسباب، هما محاولة لتهميش "توصيات ميتشيل"، واستبدال الحلول العسكرية بالمفاوضات السياسية، وتجاهل للإذلال والإحباط اللذين يتحملهما الفلسطينيون في شكل يومي نتيجة اضطرارهم للعيش مع نتائج الاحتلال المدعوم بوجود قوات إسرائيلية ومستوطنات مغروسة في وسطهم.