منذ تأسيس الجمهورية الفيليبينية في 1946 بعد استقلالها عن الولاياتالمتحدة لم يختلف تعاطي الحكومات المتعاقبة في مانيلا مع المسلمين المورو في جنوب البلاد، فاستمر الاهمال الاقتصادي والتمييز السياسي ضدهم. وتصاعدت في أواخر الستينات من القرن الماضي أعمال القمع والعنف التي تعرض لها المورو، ووقعت حوادث دموية، خصوصاً مجزرة جابيدا 1968 ومجزرتا مانيلي وواو 1971. واشتد في هذه الفترة الصراع بين المسلمين والحكومة التي أصرت على إخضاعهم لسلطتها. وازدادت الأمور تدهوراً مع هجرة مسيحية بموجات كبيرة من الشمال الى الجنوب بدعم من الحكومة، وأصبح المسلمون أقلية في أرضهم. ثم بلغ التصعيد ذروته مع فرض الرئيس الفيليبيني فرديناند ماركوس الأحكام العرفية في جنوب البلاد عام 1972. شكلت هذه العوامل نقطة تحول في الصراع، ودفعت المسلمين الى تنظيم أنفسهم والتدرب على السلاح في الخارج. فبرزت في العام نفسه 1972 "الجبهة الوطنية لتحرير مورو" بزعامة نور ميسواري الذي درس في "جامعة الفيليبين" استقطاب مجموعات المقاتلين وأسس الجبهة مع عدد من الناشطين الشباب الذين تلقوا التدريب في ماليزيا. وتعتبر الجبهة، التي حصلت على اعتراف غالبية المحافل الرئيسية في العالم الاسلامي بتمثيلها لشعب مورو، الأقوى والأفضل تنظيماً وانضباطاً من سائر المجموعات. وصل الصراع بين المسلمين في الجنوب والحكومة الفيليبينية الى ذروته بين 1973 و1975 حين استطاع الجناح العسكري ل"الجبهة الوطنية لتحرير مورو" حشد 30 ألف مقاتل، فيما عززت مانيلا قواتها في المنطقة. وسببت الأعمال العسكرية دماراً كبيراً وخسائر كثيرة وأدت الى تهجير مئات الآلاف. اتفاق طرابلس ونشطت اثر ذلك وساطات أبرزها الوساطة الليبية. وفي نهاية 1976 بدأت محادثات بين "الجبهة الوطنية لتحرير مورو" والحكومة الفيليبينية بوساطة من طرابلس الغرب واشراف منظمة المؤتمر الاسلامي انتهت الى اتفاق وقع في العاصمة الليبية في 23 كانون الأول ديسمبر 1976 نص على وقف النار بين الجانبين ومنح المورو حكماً ذاتياً. وبذلك تم التخلي عن الهدف الأساسي باستقلال المناطق المسلمة. ومع توقيع الاتفاق أخذ الصراع المسلح يتحول تدريجاً الى حركة سياسية غير مسلحة تطالب باعطاء المسلمين حقوقهم سلمياً. لكن الحكومة برئاسة ماركوس لم تنفذ "اتفاق طرابلس" الذي دعا الى انشاء "منطقة حكم ذاتي إسلامية". واتهم المورو مانيلا بأن خطتها لا تعدو ان تكون حكماً ذاتياً رمزياً. ونتيجة لذلك تجددت المعارك بين الطرفين قبل نهاية 1977، ولم تعمر الهدنة أكثر من سنة. إلا ان القتال لم يصل الى الحدة التي بلغها قبل وقف النار. في غضون ذلك بدأ الخلاف يظهر بين زعماء المورو على الأهداف النهائية لنضالهم. وفي 1977 شكلت "الجبهة الاسلامية لتحرير مورو" بعدما انشق هاشم سلامات عن "الجبهة الوطنية لتحرير مورو"، واتخذ خطاً معتدلاً وتصالحياً مع الحكومة، مدعوماً بشكل رئيسي من قبائل ماغوينداناو. وتلقى ميسواري ضربة أخرى حين انشق قياديان آخران في جبهته هما رشيد لقمان وساليبادا بنداتوم وشكلا "منظمة بانغسا لتحرير مورو" التي سرعان ما ضعفت وتلاشت، مفسحة المجال أمام قيام "الجبهة الوطنية لتحرير مورو/ الحركة التصحيحية". وأدى هذا التفتت في صفوف المورو الى إضعاف إمكاناتهم العسكرية وبالتالي قدرتهم على مقاومة خطط مانيلا واجراءاتها. بعد انتهاء عهد ماركوس في 1985 أجرت الحكومة الفيليبينية بقيادة الرئيسة اكوينو عام 1986 محادثات مع "الجبهة الوطنية لتحرير مورو" أسفرت عن اتفاق لوقف النار في أيلول سبتمبر من العام نفسه. اتفاق 1987 وفي كانون الثاني يناير 1987، وقعت الحكومة و"الجبهة الوطنية" برعاية منظمة المؤتمر الاسلامي، اتفاقاً تخلت بموجبه "الجبهة" عن هدفها باستقلال المناطق المسلمة، وأعلنت قبولها عرض الحكومة حكماً ذاتياً. لكن "الجبهة الاسلامية"، وهي ثاني أكبر تنظيم في المنطقة، رفضت الاتفاق وشنت هجوماً صغيراً سرعان ما توقف بعد توقيع هدنة في الشهر نفسه. ولم تنجح المحادثات طوال عام 1987بين الحكومة الفيليبينية و"الجبهة الوطنية" بشأن تطبيق اقتراحات الحكم الذاتي، وأفشلت مانيلا محاولة "الجبهة" الانضمام الى منظمة المؤتمر الاسلامي، ما دفع بها في شباط فبراير 1988 الى استئناف الكفاح المسلح. ومع ذلك، استمرت الحكومة في خططها لتطبيق الحكم الذاتي، وقبلت أربع مقاطعات فقط من أصل 23 باجراءات مانيلا، هي ماغوينداناو ولاناو في منداناو وسولو وتاوي تاوي في ارخبيل سولو، وتم رسمياً في 6 تشرين الثاني نوفمبر 1990 تنصيب حاكم لكل مقاطعة مع برلمان محلي. ومع نهاية الثمانينات استمر المورو في مقاومتهم العسكرية إلا أنها خفت كثيراً، بسبب مرابطة قوات كبيرة من الجيش في المنطقة واستمرار الانقسام في صفوف الجبهات أهمها "الجبهة الوطنية لتحرير مورو" بزعامة ميسواري في أرخبيل سولو، و"الجبهة الاسلامية لتحرير مورو" وقاعدتها الأساسية في منداناو، و"الجبهة الوطنية لتحرير مورو/الحركة التصحيحية". وفي 1996 وقع ميسواري اتفاقاً مع الحكومة لتطبيق الحكم الذاتي في منداناو انتخب اثره مياري حاكماً للمنطقة لفترة من خمس سنوات على ان تجري في نهايتها انتخابات حاكم جديد كانت مقررة في 26 تشرين الثاني نوفمبر الماضي.