مع اختتام الأسبوع الرابع من الحملة العسكرية الأميركية على أفغانستان، يعتقد المراقبون والمحللون العسكريون في باكستان بان الولاياتالمتحدة لجأت أخيراً إلى التركيز على ضرب خطوط المواجهة في الشمال الأفغاني الخاضعة لسيطرة حركة "طالبان"، أملاً في أن تتمكن المعارضة من الافادة من حال الفوضى التي تعقب الضربات وتتقدم في هذه المناطق. ويضيف المراقبون أن هذه الاستراتيجية جاءت بعد فشل خطتين أميركيتين لتفجير "طالبان" من الداخل، تمثلت الأولى بعمليات إنزال أميركية في الخطوط الخلفية للحركة مثلما حصل في هلمند وقندهار، تهدف إلى قتل أو اعتقال زعيم الحركة ملا محمد عمر، وقادة تنظيم "القاعدة"، وهو ما يؤدي إلى سقوط الحركة وانهيارها. وبعد فشل هذه العملية دفعت واشنطن بعض الشخصيات البشتونية المعارضة مثل القائد عبدالحق وحميد قرضاي إلى تحريض القبائل البشتونية ضد "طالبان"، والترويج للملك الأفغاني السابق محمد ظاهر شاه، عبر ضخ ملايين الدولارات. لكن اقدام "طالبان" على اعدام الأول والقبض على جماعة الثاني دفع أميركا إلى التفكير بخطة جديدة تتمثل في العمل على جبهة الشمال الأفغاني . وكانت واشنطن آثرت، في البداية، التغيير من الجنوب الأفغاني، بدعم اسلام اباد نظراً الى معرفة الباكستانيين بالطبيعة الجغرافية والسكانية للمناطق البشتونية، إضافة إلى رغبتها في تبديد المخاوف الباكستانية من أن يقود انهيار "طالبان" إلى التوجه لبديل طاجيكي معاد. ولذا حرص الطرفان الأميركي والباكستاني على اختيار بديل بشتوني يبدد المخاوف الباكستانية من وجود نفوذ هندي على حدودها الشرقية، يكون ممثلاً بالمعارضة الأفغانية التي تحظى بعلاقات وطيدة مع نيودلهي . وتخشى إسلام آباد في حال سقوط مزار الشريف في الشمال، من أن تتراجع أهميتها الاستراتيجية في المنظار الأميركي على أساس أن كل التحركات والعمليات ضد "طالبان" ستكون من خلال تلك المدينة. وفي حينه ستخضع واشنطن لمصالح المتعاونين معها من المعارضة، وليس لمصالح باكستان التي ربما تدفع ثمناً باهظاً لذلك. ولعل الاشارة الى الثمن المذكور جاءت في تصريح للسفير الهندي في واشنطن عندما دعا الولاياتالمتحدة إلى ضرب مراكز التدريب المنتشرة في باكستان، واتهامه إسلام آباد بتزويد "طالبان" الأسلحة والذخائر، وهو ما نفته باكستان أمس على لسان الناطق باسم الرئيس الباكستاني الجنرال راشد قريشي. ويظهر أن التحالف الذي يتكون من طاجيك وأوزبك وشيعة ليس منسجماً مع بعضه، إذ إن الطاجيك ممثلين بالرئيس المخلوع برهان الدين رباني يتراجع دورهم أمام تنامي نفوذ الزعيم الأوزبكي عبدالرشيد دوستم، خصوصاً مع فقد الطاجيك زعيمهم المعروف أحمد شاه مسعود. ويرى ممثلو الطاجيك أن القصف الأميركي حول مزار الشريف سيخدم فقط الأوزبك، وهو ما يزيد من حال الحسد والغيرة والفرقة بينهما.