واشنطن - "الحياة" - أثارت بنود مشروع قانون "مكافحة الارهاب" الاميركي الجديد مخاوف المنظمات والجماعات الناشطة في مجالات حقوق الإنسان. وأعربت هذه المنظمات عن قلقها العميق في شأن التأثيرات السلبية على العرب والمسلمين الأميركيين خصوصاً، وزوار أميركا والوافدين اليها من الشرق الاوسط. وبرزت تأثيرات القانون الجديد على حياة العرب والمسلمين الأميركيين وبات مؤكداً أن حرية التعبير السياسي لن تكون متاحة كما في السابق، ما سيجعل الحياة الأميركية تفقد جاذبيتها للمسلمين والعرب حتى بين من أصبحوا مواطنين بالفعل. وتقول هذه المنظمات أن على زائر أميركا أن يتوقع أن تطاله مواد القانون التي تطلق يد رجال الامن في احتجاز غير المواطنين الى أجل غير مسمّى طالما أن وزارة العدل تعتبرهم مصدر خطر على الأمن القومي، واعتقال الاجانب المقيمين بصورة شرعية بناء على شبهات فقط. لم تعد الحياة في الولاياتالمتحدة كما كانت عليه قبل 11 ايلول. والتغيير الاساسي هو ان الولاياتالمتحدة قررت تشديد تطبيق القوانين والنظر بريبة الى الاجانب الذين يزورون الولاياتالمتحدة وتحديداً الذين يفدون من العالمين العربي والاسلامي. واعطت احداث 11 ايلول اليمين الاميركي فرصة كبيرة لتسويق افكاره تحت شعار الامن القومي على حساب دعاة الحرية المدنية. وسيجد من اعتاد زيارة الولاياتالمتحدة الوضع مختلفاً جداً. والقوانين الجديدة التي تم سنها اخيراً ليست وحدها المشكلة وانما ريبة الاجهزة الامنية والناس من المتحدرين من اصل شرق اوسطي هي التي تلقي ظلالها على الجو الجديد الناشئ في بلاد الفرص. وعلى الزائر العربي ان يكون قانونياً مئة في المئة حتى لا يتعرض للتوقيف، خصوصاً الطلاب الذين عليهم ان ينتبهوا الى وضعهم القانوني وما هو مسموح به حسب تأشيرة الدخول، فالعيون مفتوحة وابسط المخالفات قد تؤدي الى مشاكل لا تحمد عقباها. وبدا الرئيس الأميركي جورج بوش سعيداً بتوقيعه القانون الجديد لمكافحة الإرهاب الذي يُعرف اختصاراً ب"باتريوت آكت". واتهم النواب الديموقراطيون المعارضون للقانون زملاءهم الجمهوريين بعدم الالتزام بقواعد اللعبة الديموقراطية في مسألة شديدة الحساسية وتتعلق بالدستور ومستقبل الحريات السياسية والمدنية في البلاد. وحذر راسل فاينغولد وهو السناتور الوحيد الذي عارض القانون بين نواب الكونغرس ال99 الكونغرس من العواقب الوخيمة لتبني هذا القانون الذي يُعد حسب تعبيره خطوة غير مسبوقة منذ الاعتقالات الجماعية لليابانيين الأميركيين أثناء الحرب العالمية الثانية. وأشارت لورا مورفي مديرة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية الى أن القانون يتجاوز كثيراً ما هو مطلوب لمكافحة الإرهاب، فهو يتضمن مواد عدة تسمح بإساءة معاملة المهاجرين حتى إذا كانت أوضاعهم القانونية سليمة، وتقمع الرأي الآخر وتفرض الرقابة على أبرياء وتخضعهم لتحقيقات تفتقر الى حيثيات قانونية. أما بوش فأثنى على القانون الجديد كونه يوّفر لأجهزة الأمن الأدوات اللازمة لمكافحة خطر الإرهاب الماثل أمام المجتمع الأميركي، وحاول التقليل من مخاوف المعارضين حين قال: "إننا نتخذ خطوة ضرورية لنلحق الهزيمة بالإرهابيين في الوقت الذي نواصل فيه حماية الحقوق الدستورية لكل الأميركيين... إن هذه الإدارة ستطبق هذا القانون بكل التصميم الذي يتطلبه كون الأمة في حالة حرب". وعلى رغم فشل المعارضين في التخفيف من حدة مواد القانون إلا أنهم نجحوا في فرض حدود زمنية على تطبيقه إذ سُيخضع القانون للمراجعة بعد أربع سنوات. ويمنح القانون سلطات الامن والاجهزة العدلية صلاحيات واسعة أهمها: 1 - صياغة مواد القانون في شكل تعليمات مباشرة يقوم وزير العدل جون آشكروفت بتوجيهها الى كل مكاتب الادعاء العام وكل فروع مكتب التحقيقات الفيديرالي للبدء فوراً بتطبيقها. 2 - يوّسع القانون نطاق السلطات الممنوحة للأجهزة الفيديرالية للقيام بعمليات التصنت والرقابة الإلكترونية على الأنترنت والبريد الإلكتروني، ويحد من الرقابة القضائية على هذه العمليات سواء في التحقيقات ذات الصلة بالإرهاب أو التحقيقات الجنائية التي لا علاقة لها بالإرهاب. ويكون التصريح بالرقابة والتنصت ساري المفعول لمدة سنة وفي كل أرجاء الولاياتالمتحدة في حال انتقال الشخص المراقب من مكان إقامته أو عمله الى مكان آخر. 3 - يمنح القانون الجديد أجهزة الأمن حق دخول البيوت من دون تصريح بالتفتيش ومن دون إبلاغ صاحب الشأن عن طبيعة ما تبحث عنه. 4 - يمنح القانون الجديد وزير العدل ووزير الخارجية حق توصيف جماعات سياسية أميركية بالإرهاب ويُمنع أعضاء هذه المنظمات من غير الأميركيين من الدخول الى الولاياتالمتحدة بعد ان يتم ترحيلهم. 5 - حبس غير المواطنين الى أجل غير مسمّى إذا ما تعذر ترحيلهم، وطالما أن وزارة العدل تعتبرهم مصدر خطر على الأمن القومي. 6 - يُسمح لأجهزة تطبيق القانون باستخدام معلومات تم الحصول عليها من أجهزة استخبارات أجنبية، كما يسمح لوكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس على المواطنين الأميركيين داخل الولاياتالمتحدة. وكان هذا النشاط محظورا عليها في السابق. وترتبط هذه المهمة الجديدة بتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل حتى مجرد التظاهرات والاحتجاجات السياسية. 7 - يسمح القانون الجديد باعتقال غير المواطنين المقيمين بصورة شرعية بناء على شبهات فقط، ويُنكر عليهم العودة الى الولاياتالمتحدة - إذا ما تم ترحيلهم - لمجرد ممارسة حقهم في التعبير الذي يضمنه لهم الدستور والتعديل الدستوري الأول. 8 - يعطي القانون الجديد مكتب التحقيقات الفيديرالي صلاحية الوصول الى السجلات الطبية والمالية والتعليمية وسجلات الصحة النفسية للأفراد من دون الحاجة لإظهار شواهد جنائية ومن دون إذن الفرد المعني.