طاولت الحملة التي تتزعمها أميركا ضد الأصوليين الراديكاليين ونشاطاتهم في أنحاء العالم، ظهورهم الإعلامي، وبدا أن العالم الجديد الذي بدأ يوم 11 أيلول سبتمبر، لن يُسمح فيه بحضور إعلامي مؤثر للإسلاميين الراديكاليين. بعد الهجمات في نيويورك وواشنطن مباشرة، اختفى من على شبكة الانترنت موقع "معالم الجهاد" الذي كان يبث من مكان غير معلوم، ويعبر عن "جماعة الجهاد" التي يقودها الدكتور أيمن الظواهري، ويحوي إصدارات التنظيم من بيانات ونشرات وكتب بحوث ودراسات. وتقول مصادر أصولية إن الموقع دمر "بفعل فاعل"، نافية أن يكون الظواهري وإخوانه ألغوا الموقع طوعاً. ولفتت المصادر إلى أن موقف التنظيم من الهجمات على الأهداف الاميركية لم يكن خافياً على أحد، اذ يؤيد أي عمل عدائي ضد الولاياتالمتحدة إذا نفذه أعضاء في تنظيم آخر، أو المشاركة فيه إذا سمحت الظروف لعناصر "الجهاد" بذلك. وأشارت إلى أن الظواهري لم يكن ليخفي تأييده ما حدث، على خلاف قادة في تنظيمات إسلامية راديكالية أخرى كانوا وجهوا تهديدات إلى الأميركيين من دون أن ينفذ منها شيء، فقط لمجرد السير في ركب إعلان العداء ل"الشيطان الأعظم"... أو آخرين وجدوا في التعليق على ما حدث أمراً محرجاً لهم، إذ تتنافى المبادئ التي يعتنقونها مع استهداف المدنيين، ولو كانوا اميركيين. وتوقف أيضاً موقع "الموحدون" الذي كان يبثه الشيخ عبدالقادر بن عبدالعزيز وهو اسم رمزي لأصولي مصري شهير هو الدكتور سيد عبدالعال الشريف الذي كان حتى منتصف التسعينات يعد المُنظر الرئيسي ل"جماعة الجهاد"، وتولى "إمارة" التنظيم منذ إعادة تأسيسه على الأراضي الأفغانية بداية التسعينات، تاركاً مهمة العمل التنظيمي للظواهري. وأعلن تولي الأخير الإمارة خلفاً للشريف نهاية 1992، وفي 1996 أصدر الشريف الذي عرف بين أوساط "الأفغان العرب" باسم "الدكتور فضل" بياناً هاجم فيه الظواهري، احتجاجاً على تضمين نشرة "المجاهدون" التي يصدرها التنظيم أجزاء من كتابه "الجامع في طلب العلم الشريف" رأى أنها حُرِفت. لكن اعترافات المتهمين بتفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام أمام القضاء الاميركي، أكدت أن الشريف التحق بتنظيم "القاعدة" وعمل مباشرة مع اسامة بن لادن، وأن الخلاف بينه وبين الظواهري حل بعد تدخل بن لادن. وكان موقع "الموحدون" يحوي الكتب التي اصدرها الشريف وبحوثاً ودراسات عن معاني "الجهاد" ووجوبه. أما موقع "المرابطون" الذي يعبر عن تنظيم "الجماعة الإسلامية" المصري فما زال في مكانه، لكنه لم يضف جديداً عن الأحداث، ولم يعلق عليها ذلك التنظيم الذي نفى أن يكون طرفاً في "الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين". واسس الجبهة في شباط فبراير 1998 بن لادن والظواهري وجماعتان من باكستان، وأخرى من بنغلادش، إذ أشار بيانها التأسيسي إلى أن مسؤول مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" السابق رفاعي أحمد طه وقعه. لكنه أكد نهاية تموز يوليو 1998، قبل اسبوع من تفجير السفارتين أنه لم يوقع البيان، نافياً أن يكون تنظيمه يستهدف المصالح الاميركية. وكان التنظيم اتهم قبل ثلاث سنوات الاستخبارات الاميركية سي. آي. إي بممارسة ضغوط على شركة تعمل في الدنمارك، تعاقد أحد ناشطي الجماعة معها لاعداد الموقع. وافتقد كثيرون موقع "المسرح" الذي كان يبث على الانترنت من لندن، وكان قادة الحركات الاسلامية وكوادرها يتبادلون من خلاله وجهات النظر حول القضايا الملحة والمسائل الخلافية، بعدما توقف الموقع عن البث بعد 11 أيلول. أما الاصوليون الذين كانوا "نجوماً" بين أوساط الإعلاميين، واجتذبت تصريحاتهم وربما تصرفاتهم وسائل الإعلام، على رغم أنهم لا يمثلون تنظيمات محددة بل تصب آراؤهم دائماً في اتجاه التشدد، فوجدوا أنفسهم عاجزين عن تلبية طلبات مراسلي الصحف ووسائل الإعلام، واشباع نهمهم في العثور على معلومات جديدة عن الظواهري وأمثاله. فالمعلومات صارت شحيحة، وبعدما أصبحت المسألة الاصولية أمام الجميع، لم يعد ممكناً "الضحك" على بعض الصحافيين بمعلومات غير دقيقة أو مختلقة. كما أن هؤلاء يخشون أن يلقون مصير مدير "المرصد الإعلامي الإسلامي" ياسر السري الموقوف في لندن.