اتجهت النيابة العامة البلجيكية نحو تأكيد قبول الشكاوى المقدمة ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وذكر الناطق الرسمي البلجيكي غي ديلفو ان وكيل النيابة العامة طلب في جلسة غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف قبول الشكاوى التي كان 23 من ضحايا صبرا وشاتيلا رفعوها ضد شارون. الا ان موقف النيابة العامة لا يعني نهاية المسار لان الجلسات ستتواصل يوم 26 من الشهر المقبل للاستماع الى مرافعة محامي الادعاء ثم في 23 كانون الثاني يناير لمرافعة محامي الدفاع عن شارون وبعدها ستتفرغ المحكمة للنظر في ما اذا كانت ستأمر بمواصلة التحقيقات في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية المنسوبة الى شارون باعتباره كان قائد حملة الاحتلال الاسرائيلي في لبنان عام 1982، وكذلك الشأن بالنسبة الى بقية المتهمين. وقال الناطق الرسمي ان القرار سيتخذه ثلاثة قضاة في الفترة بين نهاية كانون الثاني يناير وبداية شباط فبراير المقبلين. وكانت غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف البلجيكية عقدت جلسة اولى في الثالث من تشرين الاول اكتوبر طلب فيها ممثل الدفاع مهلة درس ملف الاتهامات. وعقدت غرفة الاتهامات صباح امس جلسة ثانية استمعت فيها الى بيان المدعي العام بيير موريلي في حضور فريقي الدفاع والادعاء والضحية سعاد سرور المرعي التي كانت نجت من المذبحة ومواطنتها الفلسطينية وضحة السابق ام محمد التي حضرت فوراً من مطار بروكسيل الى جلسة المحكمة في قصر العدالة وسط بروكسيل. وروت، وكانت دموعها تنهمر، عذابها حين اتى جنود اسرائيليون ومسلحون لبنانيون وخطفوا ابنيها خلال مذابح منتصف ايلول سبتمبر عام 1982 وقالت: "كنا جالسين في البيت ودخلوا علينا واخذونا نحو المدينة الرياضية ومن هناك فقدنا اولادنا، وعندما طلبنا شبابنا من الجنود اليهود ردّوا علينا: روحوا عند ابو عمار… كانوا يهوداً ولبنانيين يحملون اشارة القوات اللبنانية. امرونا بالذهاب الى جسر الفاكهاني ثم رجعنا الى حيّنا فوجدنا جثث 15 من عائلتنا وجيراننا السوريين". وبكت ام محمد وقالت: "حتى اليوم لم اعثر على جثة ولدي". وقدّم عضو فريق الادعاء شبلي ملاط مرافعته في جلسة امس وقال ل"الحياة" ان تأكيد النيابة العامة مدى قبول الشكوى "يعكس قوة الادلة التي عرضها الادعاء باسم ضحايا صبرا وشاتيلا". وشدد على "الطابع الدولي المتعلق بضرورة احقاق الحق واغلق عليها الزمان بسبب عدم وجود محكمة تستمع للضحايا مثل المحكمة البلجيكية". واستقطبت جلسة غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف البلجيكية حشداً كبيراً من وسائل الاعلام الاوروبية والعربية والاسرائيلية. واكد محامي الادعاء لوك والين انه قدم في الفترة الاخيرة ادلة اضافية الى القضاء البلجيكي عن التعاون بين الاجهزة الاسرائيلية و"الكتائب" اللبنانية. وذكر ان الوثائق تشمل "تقارير الاستخبارات الاسرائيلية واستجوابات مسؤولين خلال تحقيقات لجنة كاهان ومقتطفات من جلسات مجلس الوزراء الاسرائيلي وهي حقائق كانت طي الكتمان". واضاف محامي الادعاء ل"الحياة" ان الوثائق "تؤكد التعاون الوثيق بين الجيش الاسرائيلي وميليشيات الكتائب اللبنانية خلال الحرب في لبنان وتدل فعلاً على ان ميليشيات الكتائب تحركت في صبرا وشاتيلا تحت امرة القيادة الاسرائيلية، فكانت العملية مشتركة بين الجانبين وتم التمهيد لها من جانب الاسرائيليين". وكشف لوك والين ان الضحايا أعدّوا شكوى اضافية في غضون الاسابيع الاخيرة، ضد زعيم "الكتائب" في حينه ايلي حبيقة. وشهدت اروقة المحكمة حضوراً اسرائيلياً مكثفاً ضم ممثلين عن وزارات الخارجية والعدل في اسرائيل واعوان سفارة الدولة العبرية في بروكسيل وممثلي وسائل الاعلام المرئية. ويعتقد الاسرائيليون ان المحاكمة سياسية تستهدف "شرعية دولة اسرائيل". وقال رئيس دائرة اوروبا في وزارة الخارجية الاسرائيلية دانيال شيك ان القضاء البلجيكي "يتدخل في شؤون لا تعنيه ويفتقد صلاحيات النظر في مثل هذه القضايا. ويواجه الاسرائيليون صعوبة في قبول ان يحاكم رئيس وزرائهم في بلد اجنبي". ويضغط اعوان اللوبي الاسرائيلي في بلجيكا على البرلمان من اجل تعديل قانون الصلاحيات الشاملة لعامي 1993 و1999. ونقل عن موظف كبير في الوفد الاسرائيلي قوله ان ما حصل امس هو انتفاضة فلسطينية وجزء من معركة الشعب الفلسطيني ضد اسرائيل "فهناك في الاراضي الفلسطينية يقومون بعمليات عدائية وهنا يلجأون الى القضاء البلجيكي ويحاولون بتحايل المس بسمعة اسرائيل". ورفضت مسؤولة القسم الدولي في وزارة العدل الادعاء بأنه تحتم على اسرائيل تجاهل الدعوى كلياً وقالت ان "من شأن تجاهل كهذا ان يدفع القاضي البلجيكي الى اصدار امر باعتقال رئيس الحكومة".