} أحكمت قوات "تحالف الشمال" الأفغاني الحصار على مقاتلي حركة "طالبان" في مواقع مطلة على مدينة قندوز حيث يتحصن اكثر من ألفي مقاتل أجنبي غالبيتهم من العرب والباكستانيين والشيشان. وسيطرت قوات التحالف على التلال الاستراتيجية المطلة على خان آباد التي تبعد 20 كيلومتراً عن قندوز، فيما حذّرت بريطانيا من احتمال "كارثة بشرية" على هذه الجبهة. وإلى الضغط العسكري على "طالبان"، أثارت معارك قندوز احتمالات نزاع بين طرفي "التحالف" الأوزبك بقيادة الجنرال عبدالرشيد دوستم والطاجيك بزعامة الرئيس السابق برهان الدين رباني. ويخشى ان يؤدي هذا النزاع المستجد، الى نهاية اكثر دموية لقوات "طالبان" المحاصرة في آخر معقل لها في شمال البلاد. ومع الانهيارات العسكرية المتوالية ل"طالبان"، أعلن ناطق باسم الحركة ان زعيمها الملا محمد عمر لا يزال ممسكاً بزمام الأمور في قندهار، وأنه قادر على الدفاع عنها ولن يفاوض لتسليمها. لكن وضع الملا عمر اثار علامات استفهام مع الإعلان عن تعيينه لنائب له هو الملا اختان عثماني، اثر تقارير أفادت ان عمر فرّ من قندهار. خان آباد افغانستان، اسلام آباد، كويتا باكستان - "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب - أعلنت قوات "تحالف الشمال" التي تحاصر الآلاف من عناصر حركة "طالبان" والميليشيا الاجنبية في آخر معقل لها شمال أفغانستان، انها انتزعت بعض المواقع على التلال المشرفة على قندوز. وشنت قوات التحالف عصر أمس هجوماً على عناصر "طالبان" المعتصمين في قرية ديفايرون في ولاية قندوز، يدعمها القصف الاميركي الجوي. وسمع دوي انفجارات قذائف الهاون والرشاشات قرب ديفايرون البلدة التي تسيطر عليها "طالبان"، والواقعة على تلة جرداء تبعد نحو خمسة كيلومترات عن خان آباد. وقبل الهجوم على ديفايرون، قال القائد صدر الدين: "أخرجنا عناصر "طالبان" من التلال" المشرفة على خان اباد. واضاف ان جنوده "منتشرون فيها الآن". ودكت قاذفة اميركية من طراز "بي - 52" مواقع "طالبان" قرب تلك المنطقة. وشاهد مراسل "فرانس برس" القاذفة وهي تلقي وابلاً من القنابل على التلال الجرداء المطلة على خان اباد. وافاد ناطق باسم "طالبان" ان عشرات القتلى والجرحى سقطوا أمس، اثر القصف الاميركي على قندوز. وزاد ان الطائرات الاميركية هاجمت الخطوط الاولى ل"طالبان" ومناطق مدنية في القطاعات الشرقية والشمالية الشرقية لقندوز. وقالت المصادر إن المناطق الاكثر تعرضاً للقصف كانت بانغي ودهوران وصندق وسراي واختاج. وكان "تحالف الشمال" علق هجومه على قندوز مساء أول من أمس لاتاحة المجال للافغان من طالبان الذين يريدون الاستسلام. وقال صدر الدين ان أكثر من 300 من عناصر الحركة الافغان من الذين تحاصرهم قواته منذ حوالى اسبوعين، استسلموا خلال اليومين الاخيرين. سترو يحذّر من كارثة في غضون ذلك حذر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أمس من احتمال وقوع "كارثة بشرية" في قندوز. واشار في اسلام آباد الى انه طرح تلك النقطة خلال لقاءاته مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف ووزير خارجيته عبدالستار عزيز. ويأتي قلق الوزير البريطاني في شأن وضع قندوز بعد اشارة الاممالمتحدة الى ان مئة مقاتل شاب من "طالبان" على الاقل قتلوا بعد سقوط مدينة مزار الشريف، وعثرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر على 600 جثة في مزار الشريف بعدما غادرها عناصر "طالبان" لكن تعذر على اللجنة تقديم اي توضيح حول ظروف مقتلهم. وافادت وكالة الانباء الافغانية الاسلامية ان القوات المناهضة ل"طالبان" شنت هجمات على ثلاث جبهات في قندوز، ربما بسبب خلافات بين مجموعات الطاجيك والاوزبك داخل التحالف الشمالي. واكدت الوكالة ومقرها في باكستان، ان قوات برهان الدين رباني، الرئيس الافغاني السابق المتحدر من اصول طاجيكية الذي عاد السبت الماضي الى كابول بعدما أخرجته منها "طالبان" عام 1996، هي التي شنت هذه الهجمات. وأوضحت ان قوات رباني مستاءة من المفاوضات الجارية بين مقاتلي "طالبان" المحاصرين في المدينة، والقائد الاوزبكي رشيد دوستم الذي تخشى ان تستولي قواته على قندوز، اثر تحالف مع قادة من البشتون أقنعهم بالتخلي عن "طالبان". ومعروف ان الجنرال دوستم الذي كان زعيماً شيوعياً، والمعروف بتغيير تحالفاته، ينتمي الى تحالف الشمال. وذكرت الوكالة ان المعارك تدور في خان آباد، وفي بولي بانغي، على بعد 20 كيلومتراً غرباً، وفي دشت عرش، على بعد حوالى 50 كيلومتراً شمال شرقي المدينة المحاصرة. وقال الجنرال محمد داود الذي يشرف على العمليات العسكرية في جبهة قندوز: "وافقت غالبية "طالبان" الافغانية، على الاستسلام لكن المقاتلين العرب والاجانب لم يلقوا السلاح، وما زالت المفاوضات متواصلة، ونحن مستعدون لدخول المدينة، وسنقتل جميع الذين يقاومون". ويعتبر مصير حوالى الفين من عناصر الميليشيا الاجنبية من الباكستانيين والعرب والشيشان، قضية شائكة في المفاوضات الجارية بين دوستم و"طالبان". ويخشى الاجانب لا سيما الباكستانيين المتحدرين من البشتون ان يعدمهم مقاتلو "تحالف الشمال" الذي يتشكل من الطاجيك والاوزبك والهزارة التي كانت دائمًا تكن عداوة لغالبية البشتون التي تتحدر منها "طالبان". ورفضت الاسرة الدولية ان تتكفل بالأسرى في حال استسلموا. والى الجنوب من كابول، تواصلت امس المعارك بين قوات التحالف والحركة في ميدان شار على بعد نحو عشرين كيلومتراً من العاصمة الأفغانية. وتراجعت حدة المعارك بالنسبة الى ما كانت عليه أول من أمس، لكن تبادل القصف المدفعي لا يزال مكثفاً. ودامت المعارك ساعتين صباح أمس، وتوقفت نحو ساعة شوهدت خلالها مجموعات من المدنيين تفر الى كابول. وقال جنود "تحالف الشمال" انهم في انتظار تعزيزات، لا سيما من باميان وسط افغانستان، ويواصلون المفاوضات من اجل استسلام "طالبان". الملا عمر الى ذلك، قال ناطق باسم "طالبان" لوكالة الانباء الاسلامية الافغانية أمس، ان القائد الاعلى للحركة الملا محمد عمر ما زال في قندهار ممسكاً بزمام الامور. واوضحت الوكالة ان الملا طيب آغا نفى معلومات مفادها ان زعيمه، ربما فر ليختبئ، وسلم السلطة للملا محمد اختان عثماني. وأضاف الناطق باسم الوكالة: "ان هذه المعلومات كاذبة والملا عمر ما زال في قندهار على اتصال مع المقاتلين، واختان عثماني يقود الجيوش في قندهار. سندافع عنها وليس هناك اي تفاوض لاستسلامها". وكشف احد الزعماء الاسلاميين الباكستانيين المقربين من قيادة "طالبان" ان محمد عمر عين عثماني مساعداً له، على ان يصبح خليفته في حال حصول اي شيء. وروى ابو عبدالرحمن ان "الملا عمر والملا عثماني كانا زميلي دراسة وحارب كلاهما ضد الروس" خلال احتلال القوات السوفياتية افغانستان 1979-1989. وأضاف: "كلاهما التحق بمدرسة جمعية فاروق عزام مدرسة قرآنية في قندهار، وعندما انهيا دراستهما بدآ التعليم معاً". وذكر ابو عبد الرحمن ان عثماني وعلى غرار عمر "يكره الدعاية ولم يدل بأي مقابلة صحافية في حياته، وهو رجل بسيط لا يأكل الا الخبز والفاكهة". في اسلام آباد، قال المبعوث الخاص للامم المتحدة في افغانستان فرانسيس فاندريل أول من أمس، انه يؤيد نشر قوة دولية "محدودة"، في افغانستان. ووصف الوضع في محيط كابول بأنه "مثير للقلق بعض الشيء". ويعارض "تحالف الشمال" الذي يسيطر على كابول منذ 13 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، ارسال قوات اجنبية كبيرة الى افغانستان، لكن فاندريل قال: "لست مقتنعاً بأن معظم الافغان يرفضون حضوراً اجنبياً محدوداً لمساعدتهم في حفظ النظام".