أول الكلام: للشاعر البحريني/ قاسم حداد: - ما الذي يبقى لنا أشياؤنا المغدورة الأحلامْ ليل الناس، تقويم النهاية غبطة الثَّكلى، تفاصيل الهوى وتميمة المجنون؟! هل يبقى لنا الدفن المؤجَّل واحتمالات المقامر وهو يرهن ثوبه وينام في الباقي من الأشياء؟!!
شيء كالسؤال... لكنه أكثر ألماً، وأكثر إباحة لفواجع أفئدتنا: - متى يصعب على "الكاتب" أن يكتب؟! في استرخائه للتأمل... كأنه يطارد تحليق باقة من بياض النوارس؟! في ارتداء "رغائبنا" الذاتية لعباءات ملونة ومتعددة... بعد ان يغطي الصدأ احلامنا الوردية؟! في احلام اليقظة، عندما تحوطنا كأغصان شجرة نكتشف أنها زُرعت في أرض لا نملكها؟! في ركضنا وراء أبعاد... تستمد شساعتها من: التمنِّي، والاحتياج، والتغيير؟!
حاولت أن أسرج الأسئلة على صهوة حوار لا... يتلعثم، لكني - في نفس الوقت - سخرت من محاولة ان أطرح هذا السؤال/ الرديف: - ألا يتوقف الإنسان قليلاً عن النفاق لوجدانه؟! في البدء: أرجوكم... غيِّروا الكلمات التي تتداولونها هذه الأيام عن الحب، هذا المفترى عليه... إنها كلمات صارت تشكِّل فواجع أفئدتكم! الشوق: ليس هو الجاني... بل هو القتيل في صدورنا التي أشرعناها على الجهات الأربع! فهل سألنا أنفسنا: ما هذا الذي صرنا نشتاقه إنْ عمَّر الشوق صدورنا؟! ما طعمه، ما شكله، ما لونه... هذا الشوق العصري، أو لعله: الشوق الحداثي... وكأنه مثل بقرة بني إسرائيل؟!!
والآن... دعوني أهمس لكم بعفوية خفقي، وصدق قولي: ما زلت أُكرِّس للأحلام اشتياقي! حتى الأحلام... لم نعد نقدر على امتلاكها ولا معاشرتها. إنها مسافات الإنسان الذي ينوء في ذاته الخفية عن الناس بملحمة من الحزن، ويصرخ برغبة في الفرح... مثلما في ذات هذا الإنسان ايضاً: إمكانات القدرة، ودواعي الضعف، وجنون الغرور، وفجائع الارتطام! ولا بد ان إنسان هذا الواقع - في أصدق احاسيسه - لم يعد يملك المعنى الذي يريد تأكيده... وذلك لسبب بسيط، وهو: أن الأحاسيس اصيبت بالقلق وبالفجيعة في نفوس البعض ممن كان يُسْكِنهم حشاشة قلبه ويحميهم بضلوعه! صار الإنسان يحتاج في كل هذه الضغوط من التفاهات الى الدموع... لكنه يكتشف: ان الدموع هي الأخرى قد تحجَّرت، أو... لعلها: صدئت!! وفي الوجوه: جفون مشرعة على أنباء القتل، والتصفيات الجسدية، والتدمير، والعنف، والمخدرات، والإرهاب الذي تمارسه الدول الكبرى، لبذر مزيد من الهلع والخوف في صدور الأطفال/ الغد!! إن بعض القلوب: لم يعد منتمياً الى أفعاله ووظائفه، بقدر ما أصبحت عواطف الناس مهرقة على أرصفة المصالح والاستغراق في "الأنا"... وقد فقدت هويتها وعنوانها! و... من زمن أخذ يغذُّ في البعد: أسقطْتُ اعترافي بالشوق، وبِعْت الأشرعة التي لا تملك البحر وتهزمها الأمواج والرياح!!