نجح محافظ المصرف المركزي المصري محمود أبو العيون في حشد قيادات المصارف في البلاد لدعم أول قرارات يتخذها بعد توليه المنصب. وخرجت القرارات في هيئة إجراءات احترازية ضد عمليات تحويل الأموال إلى الخارج والتي طالب مجلس الأمن بتشديد الرقابة عليها، وهو توجه مطلوب من جهات عليا. إلا أن المراقب لأوضاع السوق المصرفية يجد أن المحافظ استخدم صيغة الاثبات في منطق القرارات في ما يتعلق باستمرار فتح الاعتمادات المستندية التي تجمدت في المصارف المصرية منذ فترة. لكن المحافظ استخدم في المقابل منطق التقييد عندما تقرر منح السلع الرأسمالية الموجهة للاستثمار في المشاريع الانتاجية، وكذلك السلع الوسيطة اللازمة لعمليات التصنيع وقطع الغيار والسلع الاستهلاكية الأساسية غير المعمرة، الأولوية، مانعاً بذلك فتح الاعتمادات لغير هذا الهدف، مع تدرج في الوقت ذاته في الأولوية المعطاة للسلع المستثناة. أما المكسب الذي جناه المحافظ من ذلك فهو نجاحه في تفادي اصابة السوق بصدمة، وهو ما كان يمكن أن يحدث عندما يعلن صراحة تبني سياسات تقييدية للاستيراد وبهدف توفير النقد الأجنبي. ولقيت القرارات الصادرة الاثنين الماضي ترحيباً داخل الجهاز المصرفي، لا سيما على صعيد تشديد الرقابة على تحويل الأموال إلى الخارج، سيما أن كل الوحدات المصرفية كان ممثلاً داخل اجتماع البنك المركزي. إلا أن أحد التساؤلات المهمة التي بقيت عالقة تنتظر الاجابة، كما أكد المدير العام الرئيسي ل "البنك المصري لتنمية الصادرات" حمدي موسى، يتعلق بمصير الأرصدة المكشوفة بالقطع الأجنبية لدى بعض المصارف التي تواجه نقصاً في مواردها من النقد الأجنبي، والتي كان المصرف المركزي يتدخل لتلبية حاجاتها قبل أن يتوقف عن ذلك منذ فترة غير قصيرة. وأضاف أن هناك حال ارباك تسود أوساط المستوردين عقب الإعلان عن وقف العمل بمستندات التحصيل لمدة ثلاثة شهور، إذ توجه كثيرون منهم إلى المصارف للبحث في التصرف في إدارة الارتباطات المالية التي التزموا بها مع جهات خارجية. وتوقع موسى أن يتوقف نحو 60 في المئة من حركة الاستيراد في السوق المصرية نتيجة هذا الاجراء خلال الفترة التي حددها المصرف المركزي، وذلك نتيجة تركز معاملات الاستيراد في اطار يعتمد مستندات التحصيل التي يسلمها المورد إلى المستورد من دون فتح اعتمادات، وهو الاتجاه الذي فرض نفسه داخل السوق بسبب النقص المزمن للدولار.