توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق غالبية الاقتصادات العربية تحسناً ملموساً في معدلات النمو للناتج المحلي في السنة الجارية وأرجع السبب إلى تحسن أسعار النفط وزيادة الانتاج في الدرجة الأولى لكنه أشار في الوقت نفسه إلى الآثار الايجابية لبرامج الاصلاح الاقتصادي الهيكلي والمالي التي طبقها العديد من الدول العربية في الأعوام القليلة الماضية. وكشف الصندوق الدولي في تقرير فصلي عن أداء الاقتصاد العالمي أصدره أول من أمس أن متوسط معدل النمو الحقيقي لاقتصادات دول الشرق الأوسط سيقفز من 2.8 في المئة في العام الماضي إلى 4.8 في المئة في السنة الجارية بينما سيرتفع متوسط معدل النمو في الدول المغاربية باستثناء ليبيا في الفترة نفسها من 2.9 في المئة إلى 3.9 في المئة. وتفاوتت توقعات صندوق النقد في نسب النمو التي ستسجل، اذ ستقفز في الكويت من 2.4 سالب في العام الفائت إلى 3.6 في المئة في السنة الجارية وفي السعودية من واحد سالب إلى 3.5 في المئة وستحقق الاردن تحسناً ايجابياً من 1.6 إلى ثلاثة في المئة وكذلك الجزائر من 3.3 إلى 4.3 في المئة والمغرب من 0.7 سالب إلى 2.4 في المئة بينما سيتراجع النمو في مصر من ستة الى خمسة في المئة. وأخذ معدل النمو الصافي في الاعتبار نسب التضخم التي تباينت احتمالاتها بين بلد عربي وآخر من الدول التي شملها التقرير، إذ ستتراجع في مصر من 3.8 في المئة في العام الفائت إلى 2.9 في المئة في السنة الجارية وفي الكويت من 1.9 إلى 1.5 في المئة وفي الجزائر من 2.6 إلى واحد في المئة بينما سترتفع في السعودية من 1.2 سالب إلى واحد في المئة وستقفز في الاردن من 0.6 إلى 2.5 في المئة وفي تونس من 2.7 إلى 3.5 في المئة. وبنى محللو صندوق النقد الدولي توقعاتهم على افتراض أن متوسط أسعار النفط الخام سيبلغ في السنة الجارية 26.53 دولار للبرميل ثم يتراجع في السنة المقبلة ليصل إلى 23 دولاراً للبرميل فقط، كما توقعوا أن ينعكس ذلك سلباً على غالبية الاقتصادات العربية. إذ ستتراجع نسبة النمو في السعودية في السنة المقبلة إلى 2.9 في المئة وفي الكويت إلى اثنين في المئة وفي الجزائر إلى 4.2 في المئة وفي مصر إلى 4.5 في المئة لكنها ستتحسن في الاردن إلى 3.5 في المئة وفي المغرب إلى خمسة في المئة وفي تونس إلى ستة في المئة. وأوضح المحللون أن تحسن أسعار النفط منذ النصف الثاني من العام الفائت وزيادة حصص الانتاج حرك النشاط الاقتصادي في الدول العربية المنتجة للنفط ودعم أوضاعها المالية على الصعيدين المحلي والخارجي في حين استعادت الدول العربية غير النفطية في العام الماضي زمام المبادرة على صعيد نمو الناتج المحلي بفضل السياسات الاقتصادية المناسبة وبرامج الاصلاح التي طبقتها في الاعوام الأخيرة. وأكد معدو التقرير الفصلي أن التطورات الراهنة كشفت مدى تأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتقلبات أسعار النفط ولاحظوا في هذا المجال أن غالبية الدول الخليجية المنتجة للنفط ورغم تحسن فرص النمو لديها في السنتين الجارية والمقبلة ماضية قدما في تطبيق الاصلاحات الهيكلية الداعمة للقطاع الخاص التي تبنتها عندما هددت أسعار النفط المنخفضة بزعزعة استقرار اقتصاداتها. وأشار التقرير بشكل خاص إلى الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية لتشجيع الاستثمار المحلي في قطاع الاتصالات وقطاعات الخدمات العامة الأخرى علاوة على تهيئة مناخ مناسب لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية والخبرات وكذلك إجازة مجلس الأمة الكويتي جزئيا مجموعة اصلاحات هيكلية ترمي إلى دعم دور القطاع الخاص ومساهمته في تنمية الناتج المحلي وتوفير فرص العمل. وعزا التقرير تباطؤ النمو في أكبر الاقتصادات العربية، مصر، إلى جملة من العوامل الداخلية والخارجية أهمها الارتفاع السريع في مستوى المديونية المحلية وتأثر الجنيه المصري بقوة سعر صرف الدولار الأميركي. وأشار إلى أن تشديد السياسات المالية والنقدية علاوة على تحسن الظروف الخارجية في الآونة الأخيرة ساهم في تخفيف الضغوط على موازين المدفوعات المصرية، لكنه أعرب عن اعتقاده أن ضمان الاستمرار في تحقيق نمو سريع يتطلب تسريع حركة الاصلاحات الهيكلية التي قال انها تباطأت. وساهم تحسن فرص النمو في إعادة الدول العربية إلى مسار الاقتصاد العالمي الذي توقع صندوق النقد الدولي أن يكون أداؤه في السنة الجارية عالياً. لكن التقرير حذر من أن استمرار حالات عدم التوازن الاقتصادي والمالي في مناطق العملات الرئيسية الثلاث الين واليورو والدولار الأميركي يهدد فرص توسع الاقتصاد العالمي الذي يتوقع أن يسجل في السنة الجارية نسبة نمو تصل إلى 4.7 في المئة. وقال ان المستويات المرتفعة لأسعار النفط بدأت تشكل مصدر قلق متزايد، مشيراً إلى أن ارتفاع سعر النفط بمعدل خمسة دولارات للبرميل من شأنه أن يخفض نسبة النمو في الدول الصناعية بنحو 0.2 نقطة في سنة 2001 ويؤثر سلباً على انتاجية الكثير من الدول النامية. وقال مايكل موسى المستشار الاقتصادي في صندوق النقد الدولي ان أثر أسعار النفط، التي ارتفعت بمعدل يراوح بين ستة وسبعة دولارات للبرميل منذ الانتهاء من إعداد التقرير في منتصف آب اغسطس الماضي ويتوقع أن تحافظ على مستوى قريب من المستوى الراهن حتى السنة المقبلة، ربما يكون أكبر قليلاً بحيث يؤدي إلى خفض نسبة النمو المتوقعة للاقتصاد العالمي في سنة 2001 بما يراوح من نصف إلى ثلاثة أرباع النقطة. وأوضح موسى في مؤتمر صحافي عقده على هامش الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في براغ أمس أن أثر أسعار النفط على الاقتصاد العالمي تضخم "لأن عدداً من البلدان المستهلكة يجبي ضرائب ثقيلة جداً عن الطاقة ومنتجاتها ولأن الكثير من هذه الضرائب تفرض على قيمة منتجات الطاقة وليس حجمها الليتر أو الغالون، مايؤدي إلى مضاعفة السعر النهائي".