بعد نجاح الفيلم الأول للمؤلف سامي السيوي "ليه يا بنفسج" من إخراج رضوان الكاشف الذي عرض عام 1992، يلتقي السيوي والكاشف مرة ثانية في فيلم "الساحر" من بطولة محمود عبدالعزيز وسلوى خطاب وجميل راتب ومنّة الله شلبي وساري النجار اضافة الى آخرين. ويسعى المؤلف والمخرج في الفيلم الجديد الى اعادتنا الى العمق المفتقد منذ اعوام في السينما المصرية. عن الفيلم والسينما بشكل عام والتعاون مع الكاشف تحدث السيوي الى "الحياة". لماذا تغير اسم الفيلم من "نظرية البهجة" إلى "الساحر"؟ - غيرنا الاسم لخوفنا من أن يُفهم من كلمة "نظرية" معناها العلمي الذي قد يعطي دلالة غير الدلالة الحقيقية لأحداث الشريط. وما هي أحداث الشريط؟ - يستعرض "الساحر" حياة شريحة بسيطة من المجتمع من خلال ساحر أرمل كف عن ممارسة السحر إثر أزمة مر بها. وهو يعيش الخوف على ابنته المراهقة. وهذا الخوف يدفعه الى التشدد في تربيتها، ولكنه في الوقت نفسه يملك روحاً جميلة وعذبة وساحرة تجاه الناس البسطاء، ويعيش من خلال مشاركتهم في مشكلاتهم ومساعدتهم على حلها. وتبقى هذه حاله إلى أن تحضر مطلقة تعمل مزينة عرائس مع ابنها المريض وتقيم في المنزل نفسه الذي يقيم فيه الساحر الذي يشك في سلوكها ويراقبها حتى ينقذها من قتل طليقها. ولكنه يقع في غرامها في الوقت الذي ينجح في النصب والاحتيال على مليونير. وأثناء انشغاله، تقع ابنته في غرام حفيد المليونير، فيسعى الى انقاذها ليزوجها من ابن حيّها الشاب البسيط. وتدور أحداث الفيلم على سطح منزل قديم في ضاحية مصر القديمة. يبدو ان هناك انفصاماً في شخصية "الساحر"؟ - ابداً... إن خوف الساحر على ابنته لا يدفعه الى الخوف من العالم كله، فالخوف الشديد في داخله يعادله حبه الكبير للناس. وهو ينتصر في النهاية لهذا الحب. أماكن شعبية وأناس بسطاء يتكررون في أعمالك. هل هذا هو عالمك السينمائي؟ - انني أعيش وأكتب بين معرفتي المباشرة لهذا العالم وحبي للبسطاء وقربي منهم والرغبة في أن يرى الناس حياتهم كما هي. هنا يوجد الصدق. أما الطبقات الأخرى فهي ليست في محيط تجاربي وليست لي بها خبرة. من هنا فإن التعبير عنها سيكون صعباً علي لو حاولته. هل يمكننا تصنيف الفيلم ضمن سلسلة أفلام الكوميديا؟ - الفيلم كوميديا اجتماعية، لكنها تبعد عن الاشكال المعتادة في الكوميديا المباشرة وهو محاولة لعمل واقعية شعرية. في المناسبة، ما رأيك في سينما الكوميديا الجديدة؟ - هي محاولات عمل فرفشة واسعة للناس، والجميع، من مؤلفين ومخرجين وممثلين يقدمون ما يملكونه من رؤية لهذا العالم، لكن الفرز لم يحدث بعد. وفي رأيي أن بعض الأعمال يملك امكانية الدفاع عن نفسه بينما هناك اعمال اخرى كثيرة هابطة وتبدو مكتوبة على عجل، وهناك اختيار غير موفق غالباً للممثلين، ويوجد قدر كبير من الخفة في التعامل مع الكوميديا. انها مرحلة موقتة بكل المقاييس. هل تتفق معي على أن بعض ما نراه حالياً بعيد عن العمق المفترض في السينما الذي كان آخره أفلام الثمانينات؟ - السينما أصبحت تتميز بالسطحية، وأفلامها تحوي طابع الانتاج السريع. والسمة الغالبة عليها انها سينما من دون ذاكرة، وطبيعة الفيلم أن يعيش في الذاكرة لفترة، قد تطول أو تقصر حسب عمق خطابه السينمائي، مثل "المومياء" و"العزيمة" و"الأرض". أصبحنا نفتقد الجدية التي كانت موجودة في أفلام الأبيض والاسود وأفلام الخمسينات والستينات وحتى الثمانينات التي كانت تعالج قضايا حقيقية وصادقة وفيها عمق يطاول حياة الانسان المصري. كانت هناك اجادة في الاخراج وفي الكتابة والتصوير وفي كل شيء. هل لتوقف المخرجين المتميزين دور في ما نراه حالياً؟ - لابتعاد خيري بشارة وتوقف محمد خان لفترة طويلة وقلة أعمال داود عبد السيد وعلي بدرخان دور في هذا. هؤلاء كانوا مثلاً أعلى، ومن المفترض استمرارهم ليكونوا حماية للذوق والاجيال التي تليهم. توقفهم أثر على صدقية السينما الحديثة أو الجديدة أو الطليعية المغايرة، والناتج أن كل الاجيال الجديدة التي تريد تقديم سينما، لم يعد لها السند الكافي كتيار داعم. توقف هؤلاء كان صدمة لأنه أضعف تيار السينما المغايرة ذات الحساسية الخاصة. واتمنى عودتهم واستمرارهم بقوة لأن هذا يثري السينما التي تحترم ذوق المتفرج وعقليته. وينطبق الأمر على بعض كتاب السيناريو مثل يحيى عزمي الذي توقف بعد تجربة "الطوق والاسوارة" ورؤوف توفيق الذي لم يعد يكتب إلا نادراً. والراية الآن في أيدي بعض المخرجين أمثال رضوان الكاشف ومجدي احمد علي ويسري نصر الله واسامة فوزي. البعض قد يفسر حديثنا عن السينما الجادة بأنها سينما "الجهامة"؟ - "الجدية لا تعني الجهامة" والسينما الجادة لا تعني السينما الايديولوجية أو المضمونية، حتى الفيلم الكوميدي لا بد من أن يكون جاداً. هل التعاون مع رضوان الكاشف له خصوصية؟ - بالفعل، فنحن صديقان منذ فترة طويلة، وهذه الصداقة تسهل فكرة أن يبوح كل منا بحرية عما يراه من دون خجل أو حسابات. والتفاهم بيننا جاء نتيجة العشرة الطويلة والثقافة ونحن نقترب من منطقة واحدة في رؤيتنا للأدب والسينما وهموم الواقع الذي نريد التعبير عنه. وهل تؤمن ب"الشللية" في الوسط الفني؟ - أنا مؤمن بالثنائية - لا "الشللية"، مؤمن أن كاتباً يستطيع أن يتعاون لفترة غير محدودة مع مخرج ان كان هناك كثير من التفاهم بينهما، وهذا التقليد موجود في كل دول العالم. لماذا لم يحقق فيلمك "أرض أرض" النجاح الذي حققه فيلم "ليه يا بنفسج"؟ - "ليه يا بنفسج" حقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً، وفاق النجاح النقدي الجماهيري. أما "أرض أرض" فلم ينجح جماهيرياً، وهو فنياً لم يحقق الطموح الذي يتناسب مع "ليه يا بنفسج"، وذلك لأن المخرج كان منتجاً للفيلم ونظرته كانت ضيقة لأن مبدأ الانتاج كان طاغياً وأجهز على الرؤية والبعد الفني للعمل. هل تفكر في الكتابة للتلفزيون؟ - تجربة التلفزيون مهمة وسبق لي تقديم تمثيليتين هما "نجم العائلة" و"الكابتن والوردة" وأعكف حاليا على كتابة مسلسل اعتبره تجربة خاصة عنوانه "سحر الفلوس" وأكتبه في شكل سينمائي ولا أعتبره عملاً للارتزاق.