يحدد اليوم وزير الخارجية الاميركي كولن باول استراتيجية عمل من اجل اقناع اسرائيل والفلسطينيين بالعودة الى المفاوضات والتوصل الى تطبيق "رؤية" الرئيس جورج بوش القائمة على وجود دولتين: فلسطين واسرائيل آمنة على اساس قراري مجلس الامن 242 و 338 . لكن مصادرديبلوماسية اميركية قالت ل "الحياة" ان اعلان باول سيكتسب بعداً جدياً اذا نجح الوزير بانتزاع تعهد من البيت الابيض بأن الرئيس بوش سيكون مستعداً شخصياً للمشاركة في الجهود الاميركية، وهذا خيار لا يزال بوش متردداً ازاءه لاسباب محلية ولأن القريبين منه يرون ان ملف السلام في الشرق الاوسط يجب تركه الى فترة ثانية من الرئاسة في حال اعيد انتخابه. ولذلك اعلن باول في حديث تلفزيوني انه سيقدم في خطابه "رؤية لما نريده للمنطقة وهي رؤية مليئة بالأمل والوعود" للمساعدة على ارساء السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، ورفض الحديث عن "خطة جديدة". وحتى الساعات الاخيرة كان النص الاخير لخطاب باول غير جاهز بانتظار موافقة البيت الابيض. وتوقعت مصادر ديبلوماسية واميركية ان يشمل الخطاب البناء على موضوع "الرؤية الفلسطينية" التي حددها بوش في الاممالمتحدة واعادة التركيز على ضرورة تطبيق مقررات ميتشل وورقة تينيت كطريق وحيد للوصول الى المفاوضات. وسئلت مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس في مقابلة مع شبكة "ان بي سي" امس، عن معنى استخدام بوش اسم "فلسطين"، فقالت ان "فلسطين، ببساطة، هي عبارة تمثل دولة قد توجد للشعب الفلسطيني". واضافت ان ما حاوله الرئيس هو "عرض رؤية لما يمكن ان يحصل في حال نجحت الولاياتالمتحدة في اقناع الطرفين بالعودة الى عملية تؤدي الى سلام دائم". واشارت مصادر اميركية الى ان اهمية خطاب باول ترتكز الى الخطوات التي سيتم الاعلان عنها لاستئناف المفاوضات. ومن المقرر ان يغادر مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز الى المنطقة في اي وقت. ولم تستبعد المصادر ان يزور باول المنطقة بعد زيارة شارون لواشنطن في الاسبوع الاول من الشهر المقبل اذا لمس تجاوباً من الاطراف وحماساً من البيت الابيض. وتوقعت المصادر ان يشمل خطاب باول دعوة اسرائيل الى وقف النشاطات الاستيطانية كجزء من محاولات تدعيم الثقة بين الطرفين. واستبعدت المصادر أن يعلن باول عن تصور حل لقضايا المرحلة النهائية او الاشارة الى مواقف جديدة لم يسبق للولايات المتحدة ان اعلنت عنها من قبل. وتابعت المصادر ان جمع المواقف الاميركية السابقة، تحديداً تلك التي سبقت مؤتمر مدريد، واعادة طرحها سيعطيان زخماً للجهود السلمية. التخلي عن اسبوع التهدئة وفي عمان علمت "الحياة" من مصادر موثوق بها ان باول سيدعو اسرائيل والفلسطينيين اليوم الى البدء بتطبيق توصيات ميتشل من دون انتظار مهلة سبعة ايام من الهدوء التي كانت اشترطتها اسرائيل في السابق. وقالت المصادر ان باول سيعيد تأكيد دعم واشنطن فكرة إقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل على اساس قرارات الشرعية الدولية. إلا انه ليس معروفاً بعد إذا كان سيدعو في هذا الإطار الى التزام تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 242 الذي ينص على انسحاب اسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران 1967. واضافت ان باول "لن يطرح خطة سلمية" بل "سيقدم بياناً حول سياسة بلاده تجاه التسوية السلمية في الشرق الاوسط". كما "سيوجه انتقادات شديدة الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات" بحجة انه لم يقم من جانبه بما يكفي لوقف العمليات العسكرية ضد اسرائيل. ولم ينتظر الوزير الاميركي الى اليوم، اذ قال في مقابلة امس مع شبكة "فوكس" التلفزيونية ان على عرفات "ان يخفض وتيرة العنف. عليه ان يبذل مئة في المئة من الجهود لوقف كل اعمال العنف ويجب ان نرى نتائج تعكس هذا الجهد بنسبة مئة بالمئة". واعتبرت المصادر ان التوقعات تشير الى "بيان مخيب للآمال بالنسبة الى الجانب الفلسطيني" الذي يطالب بحماية دولية للفلسطينيين والتزام واضح بضرورة إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية. إذ استبعدت المصادر ذاتها ان يشير البيان الى وضع القدسالمحتلة. ولفتت الى ان طريقة صياغة البيان والعبارات المستخدمة "ستكون في غاية الاهمية" لجهة تشخيص اي تحول في الموقف الاميركي، وهو ما تسعى اسرائيل من خلال اتصالاتها مع الجانب الاميركي الى الحؤول دونه. بيريز: اميركا لم تدعم يوماً حق العودة وفي اسرائيل، استبعد وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز ان يتضمن خطاب باول "شيئاً خارقاً"، وسألته اذاعة الجيش عن احتمالات ان يتطرق الخطاب الى مسألة اللاجئين الفلسطينيين، فقال ان الولاياتالمتحدة "لم تدعم في أي يوم حق اللاجئين في العودة، ولا أتوقع ان يعلنوا دعماً كهذا هذه المرة ايضاً". وتوقعت صحيفة "هآرتس" العبرية ان يتحدث باول عن وجوب ايجاد حل لقضية اللاجئين ومستقبل القدس في اطار التسوية الدائمة، وهو ما أكدته امس ايضاً صحيفة "الأيام" الفلسطينية التي افادت ان واشنطن اطلعت اول من أمس الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على مضمون الخطاب. واضافت نقلاً عن مصادر متعددة انه سيتحدث عن أفكار عامة عن مختلف القضايا. وقالت انه لن يتحدث عن طبيعة الحل الذي تتصوره الادارة الاميركية لقضيتي اللاجئين والقدس. وأضافت ان خطاب باول لن يتحدث عن سعي اميركي لتحقيق سلام بين الطرفين، وانما عن ضرورة تحقيق الهدوء في المنطقة في سياق الخطة الاميركية الشاملة لمحاربة الارهاب. شارون... وسولانا وسئل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون أمس، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البلجيكي غي فيرهوشتاد، عن احتمال ان يوجه باول طلباً الى اسرائيل للتخلي عن شرط الهدوء التام لسبعة أيام فأعلن تمسكه بهذا الشرط. لكن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا اعتبر تصريح شارون "ضرباً من الغباء"، وقال ان موقف الاتحاد الأوروبي والموقف الاميركي حيال هذه المسألة متطابقان. وتوافق قادة "تحالف السلام" اليساري الاسرائيلي، بما في ذلك زعيم "ميرتس" يوسي سريد ووزير العدل العمالي السابق يوسي بيلين خلال اجتماعهم مع الترويكا الأوروبية على ضرورة استئناف المفاوضات فوراً من دون انتظار فترة "الهدوء الكامل".