كابول - رويترز، أ ب - للمرة الاولى منذ خمس سنوات يختلط صوت المؤذن في صباح كابول بصوت الموسيقى التي كانت محرمة طيلة فترة حكم حركة "طالبان". وعاد الصخب الى أسواق العاصمة الأفغانية وشوارعها. وبدأ الرجال يحلقون لحاهم، وبدت امرأة تعمل في احد المحلات التجارية وكشفت وجهها متخلية عن البرقع الذي فرضته "طالبان". وبثت "اذاعة افغانستان" التي حلت محل "اذاعة الشريعة" التابعة ل"طالبان"، الاغاني الوطنية من مثل "افغانستان بلادي لك احيا ولك اموت". وقدم صوت نسائي نشرة الاخبار. ودعت المذيعة بنات جنسها الى الاقتداء بها والنزول الى العمل تلبية للدعوة التي اطلقها "تحالف الشمال". ومما جاء في بيان التحالف "يعلن المجاهدون بشرى سارة لجميع الاخوات والنساء في افغانستان ان من حقهن متابعة دروسهن ومزاولة العمل بالتوافق مع الشريعة الاسلامية وتقاليدنا الجديرة بالاحترام". واضاف البيان الصادر باسم "دولة افغانستان الاسلامية" ان التحالف "سيوفر للافغانيات فرصا للعمل والاستفادة من التأهيل". لكن غالبية النساء لا زلن يرتدين البرقع، وقالت احداهن: "لا يزال الوقت مبكراً والاوضاع لا تمنح الثقة، لكننا سنخلعه ما ان نشعر بهامش اكبر من الحرية". وفي الشارع الافغاني انشغل الجميع بمناقشة مستقبل البلاد. فقال محمد آغا وهو حارس سابق لأحد قادة "طالبان": "تعبنا من الحرب ونرجو الجميع ان يمنحونا السلام". وقالت سيدة: "لا بد للأمم المتحدة من التدخل. انا من كابول وانا متعلمة واعرف اننا في حاجة لتدخل الاممالمتحدة وعودة الملك ظاهر شاه". وفي شكل عام يبدو ان اسارير الشعب الافغاني انفرجت قليلاً، وقال بائع اطارات عمره 35 عاماً: "كل شيء مختلف الآن. عانينا مشاكل كثيرة في السابق اما الآن نحن احرار وننتظر تأليف حكومة جديدة". واستيقظ سكان كابول صباح أمس من دون ان يشعروا بالخوف بعد 38 يوماً من القصف الاميركي، حيث خلت سماء الخريف الزرقاء الصافية من الطائرات التي أمطرتها بالموت في اطار الحملة الاميركية لاطاحة "طالبان" واعتقال اسامة بن لادن. وعلى رغم مظاهر البهجة، الا ان السكان لم يشعروا بالراحة التامة بعد، ووقف جنود "تحالف الشمال"، وبنادق الكلاشنيكوف على اكتافهم، يحرسون نقاط التفتيش ليلاً، واعترضوا قادة السيارات القليلين الذين غامروا بالخروج الى الشوارع الخاوية. وعند الفجر خرج الجنود في دوريات راجلة في انحاء المدينة حيث ما زالوا يبحثون عن فلول قوات "طالبان" التي فرت منها بالجملة ليل الاثنين - الثلثاء الماضي، بعدما اقتحمت قوات المعارضة خطوطهم الامامية في الشمال. وعجت المتاجر التي تبيع كل شيء بالنشاط. وبعد اقل من 24 ساعة ازدحم الطريق الرئيسي بالسيارات. وتعالت اصوات ذمامير سيارات الأجرة تعبيراً عن نفاذ صبر سائقيها، ودق راكبو الدراجات، غير القادرين على تحمل اسعار الوقود، اجراسها. وقال احد افراد الشرطة العسكرية التي ترتدي الزي العسكري: "اتينا الى هنا لنحقق أمناً افضل داخل المدينة. ولا نواجه مشكلات والناس رحبوا بنا". وقال بائع اطارات آخر انه يرحب بتقدم التحالف الشمالي على رغم انه ينتمي الى البشتون الجماعة العرقية التي لا تثق تقليدياً في المعارضة التي يغلب عليها الطاجيك والاوزبك والهزارة الشيعة. وقال: "الناس تريدهم ان يأتوا بحكومة صالحة تشارك فيها كل الجماعات العرقية". غير ان الشهود قالوا انه بعد مرور ساعات قليلة على دخول التحالف استولى المقاتلون الموالون للرئيس المخلوع برهان الدين رباني على وسط العاصمة، بينما سيطرت جماعة حزب الوحدة الشيعي على جنوب غربها، الامر الذي يشير الى انقسامات وشيكة.