يحاول الرئيس الأفغاني، حامد كارزاي، إبرام صفقة مع أحد خصومه للحؤول دون فوز أحد أبرز منافسيه في الانتخابات الأفغانية. وقد تسهم الانتخابات الديموقراطية الثانية في أفغانستان بتقسيم البلاد عرقياً وطائفياً. فالرئيس كارزاي ومنافسه الرئيسي، عبدالله عبدالله، يتحدران من أصول عرقية مختلفة، ومن منطقتين متباعدتين. ويخشى مسؤولون أفغان انزلاق أفغانستان إلى العنف، في حال لم يعلن فوز أحدهما مباشرة في الجولة الأولى من الانتخابات. ف «السلاح منتشر، وكل الأِفغان مسلحون، والسياسي مضطر الى إرضاء الجميع»، على ما يقول محلل أفغاني. وهدد أنصار المرشح عبدالله، ومعظمهم من الطاجيك، بتنظيم تظاهرات ترفع سلاح كلاشنيكوف يضاهي عدد المتظاهرين فيها نظيرهم في التظاهرات الإيرانية، في حال فوز كارزاي. فهم يرون أن فوزه من غير تزوير غير محتمل. وعلى رغم أن كارزاي، وهو من البشتون، هو الأوفر حظاً في الانتخابات، يخشى أنصاره أن يشتت المرشح الثالث، أشرف غاني، أصوات البشتون. فيحرم الرئيس الحصولَ على نسبة 51 في المئة من الأصوات، والنسبة هذه تخوله الفوز بالرئاسة. وتردد في كابول أن الرئيس عرض على أشرف غاني تولي منصب رئاسة السلطة التنفيذية. ويبدو ان الفكرة مصدرها واشنطن. وهذه رأت أن تولي غاني، وهو استاذ جامعي ووزير مالية سابق، منصب رئاسة السلطة التنفيذية خطوة تمهد لتصريف أعمال تكنوقراطية. وقبل عامين، كان أشرف غاني أحد المرشحين لتولي رئاسة البنك الدولي. ولكنه يفتقر الى تأييد الأفغان الواسع والشعبي. وينفي موظفو السفارة الأميركية في كابول التدخل في الشؤون الداخلية. وقبل أيام، أعلن مقرب من أشرف غني أن الأخير ماض في الحملة الانتخابية، ولا ينوي الانسحاب من المنافسة. ويرى مراقبون أفغان أن عرض الرئيس كارزاي هو دليل قوة المرشح أشرف غاني. وشُنّت حملات كثيرة على كارزاي، وهو وصل إلى السلطة منذ إطاحة القوات الأميركية حكم طالبان في 2001. وانُتقد عجزه عن بسط سلطة الدولة خارج العاصمة كابول. وعلى رغم بطء النمو الاقتصادي، وتفشي الفساد الإداري في أجهزة الدولة، يبدي كُثر اعجابهم بنجاح كارزاي في الجمع بين الأصدقاء والأعداء، وتقربه من الفريقين. فهو قطع وعوداً للأطراف كلها، ومنها تحالف الشمال والهزارة الشيعة وأمراء الحرب. ووزع مناصب على الجميع. وفي الحملة الانتخابية الحالية، أبرم الرئيس كارزاي صفقات مع قادة القبائل والزعماء المحليين، ووعدهم بمناصب بارزة لقاء التصويت له. وليس مصير هذه الوعود، إذا عقدت الصفقة مع أشرف غاني جلياً، لكن بعض المراقبين يرون أن الصفقة قد تمهد الطريق الى حكومة وحدة وطنية، في وقت بلغت أعمال العنف ذروتها في البلاد، ويخشى أن تصيب نيرانها مراكز الاقتراع. * مراسل، عن «اندبندنت» البريطانية ، 7/8/ 2009، اعداد جمال اسماعيل