يشغل تحديد بدء الصوم من كل عام اهتمام العلماء والمفكرين من القائمين على المجامع الفقهية والمؤسسات والهيئات الاسلامية نتيجة الخلاف حول هلال شهر رمضان وهل يثبت بالرؤية البصرية أم بالحسابات الفلكية التي يمكن تسميتها بالرؤية العلمية. ويرى بعض العلماء أن الرؤية البصرية المجردة هي الأساس في بداية الصوم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "وصوموا لرؤيته فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً". ويقول شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي إن الرؤية الشرعية هي الأصل في تحديد اوائل الشهور، ومن أجل الوصول الى هذه الرؤية لا مانع من الاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة وعلى رأسها الحسابات الفلكية الموثوق بها. وأضاف شيخ الازهر أنه لا بد من الإصغاء الى العلم في تحديد بدايات الشهور العربية ومنها شهر رمضان لقوله تعالى "فاسألوا أهل الذكر"، وهم علماء الفلك الذين يستخدمون العلم النافع في معرفة ميلاد الهلال وبناء عليه يُعلن عن بدء الصوم. وكان لشيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق رأي ثابت في هذه القضية وهو ان الرؤية هي الأساس في تحديد بدايات الشهور العربية، وخصوصاً شهر رمضان وان الحسابات الفلكية استرشادية فقط "لأن الشارع كلفنا الرؤية واذا تعذرت الرؤية فلا مانع من الأخذ بحسابات ذوي البصر والخبرة من العلماء". ويقول رئيس جامعة الازهر الدكتور احمد عمر هاشم إن القرآن الكريم حدد ميقات صوم رمضان بأنه شهر يثبت برؤية هلال رمضان، مشيراً إلى أن السُنة النبوية المطهرة أوضحت تحديد الميقات وكيفية ثبوت رؤية الهلال. ولا يشترط أن تكون الرؤية من الجميع بل يكفي أن يشهد رؤيته مسلم عدل او مسلمان عدلان. فقد روي عن ابن عمر أنه قال: "جاء أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال إني رأيت الهلال، فقال أتشهد أن لا إله إلا الله، قال نعم، قال يا بلال أذِّن في الناس فليصوموا غداً". ومن جانبه قال استاذ الشريعة في جامعة الازهر الدكتور جلال عثمان: "إن الرؤية أولى وأفضل من الحسابات الفلكية لأسباب عدة أهمها أن الله تعالى ربط الصيام برؤية الهلال وليس بمولده كما جاء في قول الرسول: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، لأنه قد يولد الهلال في السماء ولا نراه بفعل المناخ والغيوم. وفي هذه الحال لا صيام ولا بد من إتمام شعبان. بينما الحساب الفلكي يلتزم بمولد الهلال، وهذا شيء لا يعرفه الاسلام لأننا مسلمون ملتزمون بالنصوص وهي نصوص واضحة وصريحة لا تحتمل التأويل ويجب علينا الاّ نجاري العلم على حساب الدين وألاّ نخضع العلم للدين". وتقول استاذة علم الفلك في جامعة القاهرة الدكتورة ناهد حسنين: "من الصعب تحديد بداية شهر رمضان من طريق الرؤية المجردة للهلال ولا بد من استخدام التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال". وأشارت الى أن الرؤية قد يحدث فيها الخداع البصري فيتخيل شخص رؤية الهلال قبل أن يولد. أما الحسابات الفلكية فلا تتقيد بالرؤية.