"الحرب ضد الإرهاب" أحدث شعارات الساحة... فما هو الإرهاب؟ في التعريف الأميركي: "الارهاب هو ردة الفعل الحاقدة ضد الديموقراطية الغربية"... تحليل يتهرب من مواجهة الحقائق ويبرر ردة الفعل ولا يعترف بالمسببات، إذ لا يتطرق الى قضايا العدالة الاجتماعية بين البشر... ولماذا هذا الحقد موجه الى جهة بعينها. ليس الارهاب ان تقف متحفزاً ومتحيزاً لشعار سياسي أو ضده، مع أميركا الرأسمالية أو ضدها، مع الشيوعية أو ضدها. الإرهاب، ببساطة، هو أن تحلل لنفسك فعل ما يروّع غيرك...! وأن تسعد بنتائج تنفيذ هذا الفعل بأي مبرر أو بأي وسيلة. والإرهاب مستشر في كل مكان... ومن يقول ان هناك بقعة في هذه الأرض اليوم تخلو تماماً من الراغبين في ارهاب أي فئة من الناس، إما جاهل أو متعمد أن يلوي عنق الحقيقة. والإرهاب الأفظع هو ما يسخر في خدمة فئة بعينها... وابحث عن رغبة الإنسان في السيادة على غيره بأي وسيلة بما في ذلك كم الأفواه واحتكار مصادر المال والسلاح ووسائل الإعلام. * منذ العصر الحجري والتخويف وسيلة الطامحين للوصول الى التسلط الكامل... وربما جاءت الأديان كلها لتحدَّ من استشراء هذه النزعة لكي لا يصبح التجبر والإرهاب والإجبار لغة الحوار بين الأقوياء والمستضعفين في الأرض، وعلى رغم ذلك ما زال "القبضايات" و"المافيا" يعيثون فساداً في الشوارع الخلفية لأي مدينة. فمن تتهم بالإرهاب؟ هل تبدأ بالظالم؟ أم بالمظلوم الذي قرر أن يُسمع الآخرون صوته ولو متهدداً بالانتقام والويل والثبور؟ السؤال يبدو انسانياً حتى لنكاد ننسى أن إطار التوتر عالمي والبؤرة أوسطية. والمدانون بالإرهاب والتعصب هم الآن المسلمون. من المجرم؟ المستوطن الاسرائيلي المدجج بالسلاح؟ أم الفلسطيني المغتصَب الحقوق والمغلوب على أمره والمعذب فوق أرض أجداده؟ ونصيحة الدول الإسلامية تأتي مترفقة: "ابحثوا عن المسببات قبل أن تظلموا الأبرياء بردات الفعل... اسرائيل أكثر المنظمات ارهاباً وعدواناً وبصورة رسمية مقننة؟... فكيف يصمت عنها تحالف محاربة الإرهاب ويباركها شريكاً في محاربة الآخرين؟ والتوضيح العربي بسيط ومباشر: "هل الطفل الفلسطيني قاذف الحجارة ارهابي مروع للآمنين... أم ضحية الاستيطان الغاصب؟". * السؤال إذاً هو لماذا ظلت الأرض - على اختلاف أصقاعها وتضاريس جغرافيتها وتعليمات أديانها تنجب "الإرهابيين"! سواء كانوا من المنتمين الى "الكو كلوكس كلان" أو "ذوي الرؤوس الحليقة" أو "الخوارج" أو "نمور التاميل" أو "الإيتا" أو "الجيش الأحمر"... أو غيرهم من المنظمات؟ في حال الإرهاب بالذات أقول "فتش عن ضيم وفئوية"! الإرهاب هو أن يخلو المرء من الرجولة والمروءة فيعمل على ترويع غيره. لا أحد في حال نفسية سوية يحب الإرهاب!! فلمّ تكاثرت المنظمات الإرهابية السياسية وشبكات الجريمة المنظمة؟ ولم التهمة موجهة للمسلمين فقط؟ لا أتقبل مبدأ التذرع بمبررات فاضلة لشرعنة الحصول على سيادة محلية أو دولية... ولا أتقبل مبادئ أي جهة متطرفة في فرض رأيها الواحد. ولكنني ضد أن يُقصف الأبرياء بحجة أن أفراداً منهم أخطأوا. هل تبدأ بالظالم أم المظلوم؟ خلاصة التجربة التاريخية للحضارات ان استمرار الضغط يولد الانفجار وقد مارس الغربيون ضغوطهم على دول العالم الأخرى استعماراً واستغلالاً ونهباً للثروات واحتقاراً للثقافات المختلفة الى درجة القضاء على حضارات كاملة وافناء السكان الأصليين في مناطق جغرافية كاملة بتبريرات واهية وأنانية. ثم يتعجبون ان يكون هناك - الى جانب الانبهار بتفوق العلم والقوة - حقد وغضب. فحتى الإعانات الإنسانية الرسمية هي في الغالب مشروطة ومرتبطة ببقاء التبعية والخنوع. وتبقى "لو" والمفتقدات... لو لم يكن هناك ضيم يدفع الملايين للهروب والبحث عن الحل في المنافي البعيدة حيث يتفاعل الغضب والحرية المتاحة ولو من طريق البناء لا التدمير. بأيديهم منعوا تدهور اقتصاد الأوطان وحضارتها وانسانيتها. والشواهد كثيرة... تفجير برجي مبنى التجارة الدولية ارهاب مرفوض...فعلاً. ولا يقل عنه قصف أفغانستان أو فيتنام أو الصومال... كل هذا أيضاً ارهاب مرفوض. فلنعاقب من يرتكب الجرم... لا كل من نود أن يخضع لتسلطنا.