اعاد تحطم طائرة ركاب تابعة لشركة "اميركان ايرلاينز" صباح امس مدينة نيويورك الى اجواء 11 ايلول سبتمبر، ما دفع السلطات الى اغلاق كل الانفاق والجسور المهمة المؤدية اليها والمطارات الثلاث فيها، وسط تكهنات تتأرجح بين عملية ارهابية او انفجار نتيجة عطل فني. ووُضعت مدينة نيويورك في حال طوارئ وأُغلقت الاممالمتحدة أمام الوزراء والموظفين وسادت أجواء الدهشة والخوف لدى سقوط الطائرة وعلى متنها 260 شخصاً سقطت في منطقة "كوينز" السكنية. وفيما حلقت طائرات حربية من طراز "إف-15" في الاجواء بعد تحطم الطائرة فوق ضاحية كوينز شرق المدينة، واعلن رئيس بلدية نيويورك رودولف جولياني ان المدينة وضعت في حال تأهب عامة، اعلن ناطق باسم الوكالة الفيديرالية للطيران المدني ان الاتصال اللاسلكي بين المراقبين الجويين وطائرة "الايرباص-300" فُقد بعد اربعة دقائق من اقلاعها في الساعة 13،09 بالتوقيت المحلي 13،14 توقيت غرينتش من مطار جون كينيدي الدولي متوجهة الى سان دومينغو في جمهورية الدومينيكان في الرحلة الرقم 587. وفي وقت لاحق، قال جولياني للصحافيين في موقع سقوط الطائرة انه "لا يوجد ناجون". وقال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر ان كافة الاتصالات مع طاقم الطائرة كانت عادية قبل ان تتحطم، موضحاً ان السلطات لا تستبعد مع ذلك أي احتمال بشان اسباب هذه الكارثة. كما اعلنت الوكالة الفيديرالية للطيران المدني ان التحقيق في تحطم الطائرة يتمحور حول فرضية الحادث. وقال الناطق باسم الوكالة وليام شومان "لا مؤشر لدينا على عمل ارهابي"، لكنه اضاف ان "كل الاحتمالات تبقى مفتوحة". وبسبب الظروف الراهنة نتيجة احداث 11 ايلول يرفض المسؤولون الجزم بأن عملاً ارهابياً هو امر غير محتمل. واعلن فلايشر ان غرفة الاوضاع ابلغت بوش الخبر اثناء اجتماعه مع مجلس الامن القومي، فاجرى اتصالات هاتفية مع عمدة نيويورك وحاكمها. وقالت مصادر "اف بي اي" ان لا يوجد حتى الآن ما يشير الى ان الحادثة نتيجة عمل ارهابي. كارثة أكبر... لولا العطلة وضربت السلطات طوقاً على مكان سقوط حطام الطائرة وموقع آخر سقط فيه محرك الطائرة. واستقر الحطام في منطقة سكنية في ضاحية كوينز قرب مدرستين، لكن يوم امس صادف عطلة قدامى المحاربين، ما جنّب المنطقة كارثة كبيرة. وكان الحصول على المعلومات عن مسار الطائرة وهويتها ووجهتها سريعاً بسبب الاجراءات الامنية المتخذة بعد 11 ايلول لحماية الاجواء الاميركية. فخلال دقائق كانت طائرات "إف-15" تحلق في الاجواء قرب مكان تحطم الطائرة. وقال الناطق باسم الوكالة الفيدرالية للطيران ان القواعد تقتضي بان "تبلغ الادارة الفدرالية للطيران القيادة العسكرية بان طائرة تحطمت". ولم تسجل طائرات الانذار المبكر التي تراقب الاجواء الاميركية وتمتلك جميع المعلومات المتعلقة بمسار الطائرة أي حركة غير اعتيادية توحي بان الطائرة تعرضت لاختطاف. وذكرت مصادر البنتاغون انه لم يتم ابلاغ وزارة الدفاع من قبل سلطات الطيران المدني الفيدرالية عن أي حركة غير اعتيادية قبل تحطم الطائرة. وعلى رغم ان شهود عيان رأوا سقوط محرك الطائرة فإن المسؤولين فضلوا البقاء بعيداً عن اعطاء السبب لتحطمها. وقال جولياني ان شهادات متطابقة افادت بان احد محركي الطائرة سقط قرب من مطار جون كينيدي قبل وقوع الحادث. واشار الى انه تحدث مع الرئيس الاميركي جورج بوش وحاكم ولاية نيويورك والمسؤولين الامنيين. واعلن مايك ماكان رئيس الجهاز الامني في الاممالمتحدة ان جميع المنافذ المؤدية الى مبنى المنظمة الدولية اُقفلت امام حركة السيارات والمارة، موضحاً ان هذه الاجراءات اتخذت "من باب الوقاية". وقدمت رئيسة المجلس سفيرة جامايكا باتريسيا دوران في تصريح مقتضب امام الصحافة تعازيها للحكومة والشعب الاميركيين. وسواءً كان حادث التحطم نتيجة عطل فني او عملية ارهابية فان مجرد حصوله شكل صدمة كبيرة لجهود الادارة من اجل استعادة الحياة الطبيعية في الولاياتالمتحدة وحث المواطنين على الثقة بسلامة الطيران المدني الذي يعاني من خسائر مادية فادحة من جراء احداث 11 ايلول. مجلس الامن: تعزية وتكهنات وتوجه مجلس الأمن بالتعزية الى الولاياتالمتحدة في اجتماع على مستوى وزراء الخارجية لإبراز العزم الجماعي على مكافحة الارهاب. ووقف الوزراء حداداً على ضحايا الرحلة رقم 587، وعبر على لسان رئيسه للشهر الجاري، وزير خارجية جامايكا عن "الصدمة" و"الدهشة" لوقوع الحادث من دون ربطه بالارهاب. وأُغلقت مدينة نيويورك جواً وبراً وبحراً في اعقاب الحادث الذي لم يكن واضحاً اذا كان نتيجة عطل فني أو عملية تخريبية أو ارهاب. وسارعت الاممالمتحدة الى اقفال ابوابها أمام السيارات والوفود، بما في ذلك وزراء الخارجية. وانطلقت التكهنات لجهة احتمال استهداف مقر الاممالمتحدة، بعد التهديد المبطن الذي أطلقه اسامة بن لادن الاسبوع الماضي ضد المنظمة الدولية، خصوصاً ان وزراء خارجية اكثر من 150 دولة لا يزالون يشاركون في اعمال الجمعية العامة. وانحسرت هذه التكهنات لدى سماع أنباء سقوط محرك الطائرة، ما اعتبره البعض ربما مؤشراً الى عمل تخريبي أو عطل فني اكثر من احتمال محاولة اختطاف الطائرة لتفجيرها في مبنى الاممالمتحدة. وحلقت الطائرات العسكرية الاميركية في أجواء المدينة، ووضعت الاممالمتحدة السلاسل والغلائل على جميع البوابات الى المقر. وبين الوزراء الذين مُنعوا من دخول المبنى وزير خارجية فرنسا، فيما بقي معظم الوزراء العرب في فنادقهم. واستمرت الجمعية العامة تستمع الى خطب الوزراء بلا انقطاع، فيما توجهت الانظار الى الاجتماع الوزاري لمجموعة "6"2" في شأن افغانستان والذي ضم وزراء خارجية الدول المجاورة لافغانستان الى جانب وزيري الخارجية الاميركي كولن باول والروسي ايغور ايفانوف. وغاب عن اللقاء وزير خارجية باكستان بسبب اقفال مبنى الاممالمتحدة. وفيما تجمعت الوفود في الطابق التحتي امام الغرفة رقم 8 حيث اجتماع مجموعة "6"2"، تجاهلت الوفود الوزراء وتجمعت حول شاشة تلفزيون لمواكبة انباء الطائرة. وحاول الأمين العام كوفي انان، بعد اللقاء، منافسة صوت التلفزيون العالي، لكن الموظفين والوفود تعلقوا بالشاشة في أي حال. ونقلت مصادر حضرت الاجتماع أجواء وزير خارجية ايران، كمال خرازي، لدى سماع الوزراء انباء تفجير الطائرة. وقالت المصادر ان خرازي تقدم بالتعازي بصدق وأسف وعبر عن أمله بألا تكون الحادثة عملية ارهابية وانما مجرد حادث. واضافت ان انقطاع الاجتماع ثلاث مرات للاستماع الى مكبرات الصوت عن الحال الأمنية والاجراءات الأمنية كان له وقع غريب عند الوزراء الذين بحثوا في مستقبل افغانستان، الآني والبعيد المدى.