نفت شركة "مصر للطيران" ما ذكره محققون أميركيون أمس عن ان مشكلة تقنية حصلت في الطائرة التابعة لها قبل سقوطها وتحطمها في المحيط الأطلسي قبالة السواحل الشرقية الأميركية الأحد الماضي. وبات واضحاً ان سر سقوط الطائرة سيبقى حالياً محفوظاً في اعماق المحيط، في الصندوقين الأسودين اللذين حددت البحرية الأميركية أمس موقعهما، لكنها اوقفت البحث 48 ساعة على الأقل نظراً إلى سوء الأحوال الجوية. والمعروف انه كان على متن طائرة "بوينغ 767" صندوقان: الأول، يسجل كل المعلومات المتعلقة بطيران الرحلة 990 من نيويورك إلى القاهرة، مثل سرعة الطائرة واتجاهها ووضع معظم آلاتها، من المحرك إلى أصغر آلة فيها. والآخر، يسجل أحاديث قائد الطائرة وملاحيها واتصالاتهم مع برج المراقبة خلال النصف الساعة الأخير من الطيران. وإذا توافرت كل المعلومات من الصندوقين، فلن تكون هناك حاجة إلى انتشال معظم حطام الطائرة المنتشر في قاع البحر على عمق أكثر من مئة متر. ويمكن ان تتوقف عملية البحث حتى نهاية الأسبوع إذا استمرت العاصفة التي تشهدها منطقة الكارثة قبالة جزيرة نانتاكيت شمال شرقي الولاياتالمتحدة. وتراجعت أمس إلى حد كبير النظرية التي تعزو أسباب الحادثة إلى تحول محرك الطائرة عن عمله العادي إلى ما يسمى بقوة الدفع الخلفية، وهو نظام ميكانيكي يعمل عادة عندما تهبط الطائرة على المدرج ويستعمل لخفض سرعتها بطريقة المكابح الهوائية. واستبعد الخبراء هذه النظرية أمس بعدما سرت بقوة الثلثاء الماضي، لأسباب عدة، بينها أنه تم وقف نظام قوة الدفع الخلفية للطائرة في لوس انجليس بعدما شكا قائد الطائرة أنه لا يعمل جيداً، اضافة الى ان تشبيه الكارثة بتلك التي تعرضت لها طائرة "لاودا اير" التايلاندية في غير محله، نظراً الى التحسينات التي ادخلت على المحرك منذ الحادثة الاخيرة في العام 1991. وذكرت مصادر الطيران المدني الفيديرالي ان الردارات الارضية التي كانت تراقب الطائرة خلال تحليقها، لاحظت ان سقوط الطائرة المفاجئ بطريقة مستقيمة وبسرعة تجاوزت سرعة الصوت، لا ينسجم مع سقوطها لو كان السبب قوة الدفع الخلفية. الى ذلك استمرت امس مأساة عائلات الضحايا الذين تجمعوا في بروفيدانس ولاية رود ايلاند بانتظار معلومات عن اقاربهم وأغراضهم الشخصية. وأصيب افراد هذه العائلات بصدمة كبرى عندما ابلغهم المسؤولون الفيديراليون بألا يتوقعوا تسلم جثث كاملة وان ما تم انتشاله حتى الآن هو اجزاء من هذه الجثث وأطراف كأصابع اليد. وتم اسعاف عدد من افراد هذه العائلات ونقلت امرأة الى المستشفى بسبب غيابها عن الوعي. كل الاحتمالات واردة ولا تسقط السلطات الفيديرالية أياً من الاحتمالات بشأن سقوط الطائرة بما في ذلك الخلل الميكانيكي أو الخطأ بشري او العمل الاجرامي، علماً ان مكتب التحقيقات الفيديرالي لا يملك أي ادلة أو معلومات تشير الى الاحتمال الاخير. وفي القاهرة، قال الخبير المصري اللواء عصام احمد الذي عمل في "مصر للطيران" كمسؤول عن تحليل الحوادث ل"الحياة" ان عمل جهاز الدفع العكسي في الطائرة هو احداث مقاومة عكسية للمحركات لتساعد على توقف الطائرة بسرعة من دون استخدام المكابح، مشيراً الى ان عمل الجهاز يمكن الطائرة من توجيه الاستغاثة. واكد ان عدم توجيه استغاثة من قائد الطائرة المصرية "ينفي ادعاءات سقوطها لوجود عطل في جهاز الدفع العكسي، كما يشير الى وجود شيء ما داخل غرفة القيادة منع قائد الطائرة ومساعديه الاستغاثة". وعن تسجيل اجهزة الرادار سقوط الطائرة من ارتفاع 33 الف قدم الى 14 الف قدم خلال 24 ثانية قبل اختفائها على شاشة الرادار، قال "ان ما تم تسجيله على الشاشة يمكن ان يكون جزءاً كبيراً من الطائرة وليس الطائرة كلها، واذا ظهر الصندوق الاسود وتم تفريغ محتوياته سيتم تحديد سبب السقوط، اما اذا لم تتضمن المحتويات البيانات المطلوبة فلا بد من تجميع كل حطام الطائرة لمعرفة سبب سقوطها".