سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صفقة ال15 بليون دولار توازن بين الأوروبيين والأميركيين ... بعد انتهاء القطيعة مع "ايرباص" . "الامارات" تدخل الى نادي "الثلاث الكبار" في سوق الطيران العربية وتستعد لمضاعفة رحلاتها وفتح محطات في خمسة بلدان جديدة خلال 0022
شكلت الصفقة الكبيرة التي وقعتها "طيران الامارات" قبل ثمانية أيام مفاجأة للعاملين في سوق الطيران الدولية، إذ أنها أتت في صورة تعاكس كل توقعات السوق الدولية، وفي وقت تتوالى عمليات التسريح لدى الشركات الجوية الأميركية والأوروبية وتتأهب الناقلات الجوية العربية لتقليص أنشطتها. إلا أن الأبرز في هذه الصفقة التي كانت "الحياة" أول من كشف عنها النقاب راجع عدد 10-5-2001، هو أنها تضع "الامارات"، عملياً، على طريق التحول إلى أحد اللاعبين الرئيسيين في صناعة النقل الجوي في العالم العربي. تعتبر الصفقة التي أعلنتها "طيران الامارات"، والتي بعثت الحيوية في "معرض دبي الجوي 2001" منذ يومه الأول، الأكبر في تاريخ صناعة الطيران العربية، إذ تشمل طلبيات لشراء 58 طائرة جديدة عريضة الجسم بقيمة 15 بليون دولار. ويضم أسطول "الامارات" حالياً 36 طائرة حديثة يقل متوسط عمرها عن ثلاث سنوات ستضاف اليها في العامين المقبلين 20 طائرة جديدة تمت التوصية عليها منها ست "ايرباص 200-330" وست "ايرباص 500-340" البعيدة المدى. وتتميز الصفقات الجديدة بأنها ستتيح مضاعفة أسطول "الامارات" وسعته المقعدية مرتين على الأقل ليتجاوز عتبة المئة طائرة عام 2010، وهو الهدف الذي حدده ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد خلال "سوق السفر العربية 2001" حينما أعلن أن أسطول "الامارات" سيرتفع الى 100 طائرة بحلول العام 2010 . وقال ل"الحياة" غيث الغيث، المدير التنفيذي للدائرة التجارية في الناقلة: "هدفنا تحقيق معدل نمو متوسطي حتى عام 2010 يبلغ 20 في المئة سنوياً. واستراتيجيتنا للنمو والتوسع تقوم على الاستفادة من الأزمة الحالية لا الخضوع لها أو الانكماش". وتتوزع الصفقات الجديدة بين 33 طائرة "ايرباص" منها 22 طائرة عملاقة من طراز"380" مع خيار شراء عشر طائرات أخرى من الطراز نفسه، وثمان من طراز "600-340" البعيد المدى وثلاث من طراز "330"، وبين 25 طائرة "بوينغ" من طراز"777". وتسعى خطة التوسع إلى جعل"الامارات" إحدى الناقلات الثلاث الكبرى في العالم العربي، إلى جانب "السعودية" و"مصر للطيران". إلا أن الناقلة الاماراتية الفتية التي ابتدأت نشاطها عام 1985، تستفيد في استراتيجية النمو التي تطبقها من الامتيازات الكبيرة التي يتيحها امتلاكها قاعدة ضخمة هي مطار دولي الذي يعد الأكبر في العالم العربي، وارتباطها بمرافق أساسية للخدمات في امارة دبي ودولة الامارات تعتبر من أكثرها تطوراً في الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج. وكانت "الامارات" أول شركة في العالم وقعت عقداً لشراء طراز "ايرباص380" العملاق. وأبرمت، خلال معرض "فارنبوره 2000" الجوي، مذكرة تفاهم أولية نصت على شراء سبع طائرات "380" مع خمسة خيارات شراء أخرى. إلا أن الاتفاق الرسمي الأخير الموقع في دبي رفع عدد الطائرات من سبع إلى 22 طائرة "380" تقارب قيمتها ستة بلايين دولار، يضاف اليها خيار شراء عشر طائرات "380". ولم يتم الاتفاق على نوعية الطرازات التي ترغب "الامارات" في شرائها من طائرة "ايرباص 380"، ولا من طائرة "بوينغ 777"، بعدما ترك تحديد الجوانب الفنية الى مرحلة لاحقة. وقال ل"الحياة" دوغلاس غروسكلوز، نائب رئيس "بوينغ" لمبيعات الطائرات التجارية إن "العقد الرسمي سيوقع السنة المقبلة بعدما ينهي محامو الجانبين اتمام الاجراءات القانونية للعقود الفنية". وراعت الصفقة الجديدة الحفاظ على التوازن بين الأوروبيين والأميركيين، إذ أن نصف أسطول "الامارات" سيصبح مؤلفاً من طائرات "بوينغ 777". ويبلغ عدد الطائرات التي يضمها الأسطول حالياً 13 طائرة "777" تسع من طراز "200-777" وأربع من طراز "300-777" الأكبر تضاف اليها ثماني طائرات جديدة "300-777" ستتسلمها الناقلة خلال العامين المقبلين. كما أن الصفقة أعلنت انتهاء الأزمة الصامتة التي قامت بين "الامارات" و"ايرباص" قبل ستة شهور، والتي أدت إلى تهديد مسؤولي "الامارات" علناً بالغاء أي طلبيات جديدة من طراز "380"، وتجميد أي طلبات مستقبلية والاتجاه الى "بوينغ" للحصول على حاجة "الامارات" من الطائرات الجديدة. ويبدو واضحاً بعد الصفقة الأخيرة، وإعلان "الامارات" و"ايرباص" أيضاً عزمهما تأسيس شركة لخدمات الطيران سيملكانها مناصفة، أن العلاقات بينهما عادت إلى سابق عهدها، بعدما حسم نزاع كان يتعلق، على ما يبدو، بموقف سلطات الطيران المدني في فرنسا. وعلمت "الحياة" أن المفاوضات بين "الامارات" و"بوينغ" دخلت مرحلة جدية منذ نحو ستة شهور وشملت شراء مزيج من طرازي "200-777" و"300-777"، وأن احدى النقاط التي تصطدم بها المحادثات حالياً تتعلق بالاتفاق على السعر، إذ تطالب "الامارات" باعطائها بعض الخصومات. وأشار دوغ إلى أن "تسليم الطائرات الخمس والعشرين سيتواصل بين عامي 2004 و2009، مع حق تحديد الطراز الذي تريده طيران الامارات من طائرة 777 قبل سنة من موعد التسليم". وقال الغيث: "نحن بحاجة إلى هذه الطائرات لأنها العمود الفقري لنمونا على الخطوط ذات الكثافة العالية. وهي تتيح لنا متابعة نمونا الطبيعي والتحول إلى طرازات ايرباص 380 الأكبر، في السنوات المقبلة". محطات وخطوط جديدة وكشف نية "طيران الامارات" زيادة معدل رحلاتها، خلال الشهور المقبلة، الى أغلب المحطات التي تسيّر اليها رحلات منتظمة حالياً "في أوروبا وآسيا وافريقيا". وقال إن هذا الاجراء سيتيح الاستفادة من الأزمة الحالية بدل الانكماش والتقوقع في وقت تظهر هناك فرص جديدة للنمو نتيجة الاختفاء التدريجي للاعبين، كما أن هناك نية لاضافة مجموعة من المحطات إلى شبكة "الامارات" لتتجاوز "عتبة الستين محطة العام المقبل". وأشار إلى أن "النية متجهة في هذا الخصوص إلى افتتاح خمس محطات جديدة لطيران الامارات السنة المقبلة". وقال إن "بين الوجهات الجديدة اليابان وموريشيوس والخرطوم". وأشار إلى أن مطار دبي الدولي سيكون الوحيد في الشرق الأوسط القادر على التعامل مع أكثر من 22 طائرة عملاقة من طراز"380" ذي الطابقين القادر على نقل 550 مسافراً دفعة واحدة، والذي يبلغ عرض أجنحته 80 متراً. وقال إن التوسعات الكبيرة التي تنفذ في مطار دبي الدولي بكلفة 5،2 بليون دولار ستتيح له التحول الى أكبر مطار في الشرق الأوسط، وستجعله قادراً على التعامل مع حركة نقل نحو 70 مليون مسافر. وكان ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد أعلن، عقب ابرام صفقة الطائرات، زيادة حجم الاستثمارات في مطار دبي بمقدار 1،1 بليون د ولار لانشاء محطة ثالثة ل"الامارات" بالاضافة الى محطة للشحن الجوي. وستبدأ أشغال مشروع التوسعة الجديد العام المقبل وتستمر لمدة أربع سنوات. واستقبل مطار دبي العام الماضي 14 مليون مسافر، ويتوقع أن يستقبل خمسة أضعاف هذا الرقم في العقد المقبل. وتملك "طيران الامارات" أكبر موازنة ترويج في صناعة النقل الجوي في العالم العربي إذ تنفق سنوياً 40 مليون دولار على حملاتها الاعلامية والاعلانية. وعلى رغم لجوء الناقلة إلى الطلب من مورديها خفض مستحقاتهم التعاقدية في اطار مراجعتها نفقاتها بعد الأزمة الأخيرة، إلا أنها قررت عدم تخفيض الموازنة الترويجية، "لا بل العمل على تعزيزها اذا احتاج الأمر". ويبدو التحدي الذي تبديه "الامارات" لمواصلة النمو صعباً على التصديق، لا سيما في الظروف الحالية التي تشهد مخاوف من انهيار يطاول السوق الاقليمية ويؤدي الى افلاسات واسعة وإعادة هيكلة لسوق الطيران التجاري. إلا أن الصحيح أيضاً أن مخاوف الركود الحالية تشبه بدرجة كبيرة مخاوف مماثلة عرفتها سوق النقل الجوي العربية قبل ثلاثة أعوام، ولم تمنع "الامارات" منذ ذلك الحين من ابرام صفقات لشراء طائرات جديدة بقيمة ستة بلايين دولار، وتحقيق أرباح العام الماضي بلغت 85 مليون دولار، في حين ارتفع عدد مسافريها الى 5،7 مليون مسافر. إلا أن السؤال الذي يطرحه المراقبون في هذا المجال هو: هل تستطيع "الامارات" البقاء شركة تابعة لحكومة دبي، تعتمد في تمويلها فقط على القروض المصرفية واصدار سندات؟ أم أنها ستلجأ إلى فتح رأس مالها أمام دخول شركاء من أبوظبي، كما تردد مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة، وأمام إدراجها في السوق المالية الدولية لتأمين المبالغ الهائلة التي يتطلبها توسعها الهائل والسريع؟. السوق الأميركية وفرص النمو السريع تنوي "الامارات" التحول الى ناقلة عالمية مع مد شبكة رحلاتها المنتظمة إلى مختلف أنحاء أميركا الشمالية، وبكثافة تفوق بقية الناقلات الجوية العربية. وتسير الشركة حالياً رحلات منتظمة الى 56 مدينة في 39 دولة. وكانت "الامارات" ركزت في السنوات الأولى لانطلاقتها على شبه القارة الهندية، معتمدة لضمان نموها على الخطوط ذات الكثافة العالية. ثم توسعت في السنوات التالية لتمد شبكة خطوطها الى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وافريقيا، متيحة لصناعة السياحة في دبي أن ترتبط بالأسواق الدولية الموردة للسياح في صورة منتظمة. وقال الغيث: "لدينا خطط لنطير إلى الولاياتالمتحدة ابتداء من سنة 2003، حيث ننوي فتح سبع محطات جديدة. وسنبدأ من نيويورك وننطلق بعدها إلى الوجهات الأخرى، ونيتنا مد شبكتنا الى أميركا الجنوبية أيضاً. وهذه الفكرة في مرحلة الدراسة الأولية". ومن المنتظر أن يفيد هذا التوسع "طيران الامارات" ويجعلها في موقع أفضل للدخول في تحالفات جوية في أميركا الشمالية. وأكد محللون تحدثت اليهم "الحياة" أن الناقلة الاماراتية ستجد نفسها مضطرة حتماً للقيام بتحالفات عريضة بغرض زيادة حصتها من سوق النقل بين الأميركتين والعالم العربي، وشبه القارة الهندية، وبما يتلاءم مع الارتفاع المضطرد في السعة المقعدية لطرازاتها الجديدة. وأشاروا إلى أن الناقلات الأميركية التي سيثقلها الهاجس الأمني خلال السنوات المقبلة سترى نفسها مستفيدة من تحالفها مع ناقلة خليجية، لتأمين نقل مسافريها إلى وجهاتهم العربية، وما بعد المنطقة العربية، من دون تكبد أعباء افتتاح محطات في الشرق الأوسط. وقال الغيث: "صفقاتنا تتيح التكامل لأسطولنا وخطط التوسع المطبقة في شبكتنا وفي سعتنا المقعدية. لدينا طائرات من طراز 300-777 تنقل حالياً قرابة 400 راكب في الرحلة الواحدة إلى محطات مثل لندن والسعودية، وهذه الخطوط وغيرها من الخطوط الأبعد ذات الكثافة العالية ستنضج في السنوات المقبلة في اطار النمو الطبيعي للسوق، وسنحتاج حينها إلى طائرات ايرباص 380 العملاقة التي سندخلها الخدمة سنة 2006 لتساعدنا على مواجهة الارتفاع الكبير في الحركة". ويبلغ معدل النمو السنوي على رحلات "الامارات" إلى بريطانيا 18 في المئة، وهو يكاد يضاهي معدل النمو السريع للرحلات إلى الهند. وتتوقع "الامارات" المحافظة على وتيرة النمو هذه، على رغم التطورات الأخيرة. ويرى القائمون عليها ان إتاحة وجهات جديدة أبعد على شبكة محطاتها، ستؤدي حتماً إلى زيادة الاقبال على رحلاتها وزيادة نسبة إشغال السعة المقعدية المتاحة علىها. ويسمح شراء ثماني طائرات من طراز "600-340" الذي يعتبر الأبعد مدى في العالم، تسيير رحلات مباشرة من شبه القارة الهندية إلى المطارات الأميركية، عبر المرور فوق القطب الشمالي الذي يبعد في صورة متساوية تقريباً من مدينتي نيويورك ولوس أنجليس على الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة. ومن شأن هذا التوسع ان يحول "الامارات" الى منافس قوي للناقلات الجوية الآسيوية الاخرى التي كانت حتى الآن تشكّل جسر العبور الرئيسي للمسافرين بين اوروبا والخليج. وتراهن "الامارات" على أن هذه الرحلات ستعزز وضعها في السوق الأميركية والآسيوية والعربية لأنها ستضمن للمسافرين وفراً مقداره سبع ساعات على الأقل من زمن الرحلة الطويل الى الولاياتالمتحدة، وفترة وفر مماثلة للمسافرين العرب الذين يريدون التوجه الى أميركا الوسطى والجنوبية، من دون الحاجة إلى التوقف في أحد المطارات الوسيطة في أوروبا مثل لندن أو باريس أو امستردام أو ميلانو أو فرانكفورت. ويساعد استخدام الطائرات البعيدة المدى، بما في ذلك "ايرباص 380" التي تستطيع الطيران مسافة 15 ألف كيلومتر، ونقل حمولة قدرها 150 طناً، الاستغناء عن الهبوط في المطارات الوسيطة التي زادت في شكل كبير رسوم الهبوط والتوقف، مثل هيثرو وفرانكفورت وهونغ كونغ وباريسوامستردام وجاي.أف. كندي ، وبالتالي تحويل الخفض في الكلفة التشغيلية إلى المستهلك مباشرة وإلى سعر التذكرة الذي يدفعه الراكب لابقاء أسعار السفر والشحن متدنية. ويقول العاملون في صناعة الطيران التجاري إن هذه الأسباب متضافرة تسهم في تحقيق وفر في الثمن والوقت، وهو عامل تنافسي سيعزز موقع "الامارات" والناقلات الأخرى التي تبادر إلى إدخال الطائرات البعيدة المدى الى أسطولها، قبل غيرها من الناقلات. ومن المقرر ان تستخدم طائرات "ا يرباص 380"، على خطوط الرحلات من دبي الى لندن وفرانكفورت وسنغافورة وسيدني وخطوط الشبكة في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية وحوض المحيط الهادي. وقال الغيث: "استخدام الطائرات ذات المدى الأبعد والسعة الأكبر والامكانات التشغيلية الأفضل والأكلاف التشغيلية الأقل يغير قواعد اللعبة في عالم الطيران التجاري، ونحن نبني استراتيجية نمو للسنوات المقبلة تراعي هذه التحسينات والتغييرات، سيما وأننا ننوي تجاوز عتبة العشرة ملايين مسافر سنة 2006 وعتبة ال15 مليون مسافر سنة 2010".