يستأنف البرلمان المغربي مناقشة موازنة 2002 غداً الاثنين بعد توقف استمر اسبوعا بسبب اجتماعات "البنك الاسلامي للتنمية" في الجزائر ومشاركة وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو فيها. توقع مصدر في اللجنة المالية الفرعية في البرلمان المغربي في اتصال اجرته معه "الحياة" امس ان يستغرق درس الموازنة نحو شهرين قبل إقرارها في مجلسي البرلمان في نهاية كانون الأول ديسمبر وتنفيذها مطلع السنة المقبلة، وهي آخر موازنة في عهد الحكومة الاشتراكية التي يرأسها السيد عبدالرحمن اليوسفي. وأشار المصدر الى ان الموازنة التي تبلغ قيمتها 165 بليون درهم، ستقل بنحو بليون دولار عن قيمة موازنة العام الماضي بسبب خفض العملة ازاء الدولار واليورو الأوروبي، حيث بلغت قيمتها 16 بليون دولار في عام 2000 و15 بليون دولار العام الجاري، ما يجعلها، على حد قول المصدر، "غير قادرة" على تلبية "حاجات الاستثمار والتنمية في المغرب الذي يخرج تدريجا من ثلاث سنوات من الجفاف الحاد وانكماش النمو". وتتوقع الموازنة نمواً بنحو 6.5 في المئة العام الجاري ونحو 4.5 في المئة السنة المقبلة، على ان تقل الايرادات الضريبية بنحو 500 مليون دولار بسبب الوضع الدولي غير المساعد وخفض الرسوم على الواردات الخارجية تطبيقاً لاتفاقية الشراكة الأوروبية والمنطقة العربية الحرة وبنود منظمة التجارة الدولية. وقال وزير المال فتح الله ولعلو ل"الحياة" ان عجز الموازنة المقبلة يقدر ب3 في المئة من اجمالي الناتج المحلي ستتم تغطيته من السوق المالية المحلية، وهي صيغة دأب المغرب على تطبيقها منذ سنوات بهدف خفض حجم الديون الخارجية الى 15 بليون دولار السنة المقبلة، لكنها أدت في المقابل الى ارتفاع كلفة الدين الداخلي الذي فاق للمرة الأولى قيمة الدين الخارجي. وستسدد وزارة المال نحو 47 بليون درهم أربعة بلايين دولار للديون والفوائد منها 1.7 بليون دولار مستحقات خارجية. وأضاف ولعلو ان المغرب لا يواجه ضيقاً في الموارد المالية بقدر ما يعاني من ضعف في أداء الاقتصاد بسبب مخلفات الجفاف وتدهور سعر صرف اليورو ما أضر بالصادرات المغربية. وتوقع في المقابل ان تستفيد الرباط من استقرار اسعار الطاقة في السوق الدولية ونمو عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين على رغم التقلص المتوقع في تدفقات الاستثمار الخارجي نتيجة الازمة الدولية. وكانت قيمة تلك الاستثمارات بلغت ثلاثة بلايين دولار العام الجاري. وتتوقع الموازنة ايضاً تراجعاً في عائدات التخصيص بنحو 41 في المئة، لتخفض الايرادات الى 1.2 بليون دولار من أصل 2.3 بليون دولار. وكان التخصيص ساعد المغرب طوال السنوات الماضية على معالجة خلل الموازنة ونمو الاستثمارات الخارجية، وزيادة الاحتياط النقدي إلى نحو 9 بلايين دولار. وتقترح الموازنة بيع حصص الدولة في شركات متوسطة الحجم مثل شركة التبغ وشركة صوماكا لتركيب السيارات وجزء من رأس مال "البنك الشعبي"، بالإضافة إلى نسبة 10 في المئة المتبقية من حصة "شركة اتصالات المغرب" التي كانت أكبر عملية تخصيص منذ اطلاق البرنامج عام 1993. ويعتقد المشرفون على الموازنة أن الوضع الدولي الراهن "غير مساعد" على طرح شركات كبرى على التخصيص، كما كان مقرراً، مثل "الخطوط الملكية المغربية". وستضطر الحكومة إلى تمويل جزء من عجز الشراكة في حدود 14.1 بليون درهم نحو 100 مليون دولار في انتظار إعادة هيكلتها وتقسيمها إلى شركات متوسطة الحجم. وكانت الشركة فقدت نحو ثلث رأس مالها منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر، وتتوقع استمرار مسلسل الخسائر لفترة طويلة ستعتمد فيها على دعم الدولة. وقال وزير المال إن مضاعفات الأزمة الدولية على الاقتصاد ستكون "ضعيفة" باستثناء قطاع النقل الجوي وبعض مجالات السياحة. وتوقع أن يخسر المغرب 2.0 نقطة من اجمالي الناتج المحلي مرتبطة أساساً بتراجع الطلب في أسواق الاتحاد الأوروبي التي تستوعب 65 في المئة من تجارة المغرب الخارجية. وبدأ بعض القطاعات يفقد قدرته على التوظيف، حيث سرحت شركات في مجال الملابس والنسيج الآلاف من المستخدمين، في حين لن توظف الدولة سوى 11 ألف شخص من الشباب. وتشكل البطالة أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد، وهي تشمل 24 في المئة من الفئة النشيطة.