تراجعت إسرائيل في اللحظات الأخيرة مساء أمس عن الإنسحاب من مدينة بيت لحم وبلدة بيت جالا بدعوى "استمرار العنف". وقال مصدر أمني ان الانسحاب "أرجئ الى أجل غير مسمى في ضوء استمرار إطلاق النار... وإذا التزم الفلسطينيون الهدوء وأوفوا بتعهداتهم، فإن إسرائيل ستراجع قرارها". وكان الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي اتفقا على هذا الانسحاب في اجتماع اللجنة الامنية العليا بمشاركة أميركية في تل ابيب مساء الجمعة، لكن خلافات بين الجانبين كانت تهدد بوقف التنفيذ. ففي حين رهنت اسرائيل الانسحاب مجدداً بما تسميه "عودة الهدوء والأمن" وتسليمها ناشطين من منطقة بيت لحم أدرجتهم في قائمة المطلوبين، رفضت السلطة الفلسطينية هذه الشروط، وطالبت بالانسحاب فوراً من كل المدن. وقال وزير الثقافة والاعلام ياسر عبد ربه: "اذا لم تنسحب اسرائيل من المناطق التي أعادت احتلالها ولم تنه اجراءات الحصار، فلن يكون هناك وقف اطلاق نار". كذلك صرح مسؤول جهاز الامن الوقائي في الضفة العقيد جبريل الرجوب بأن السلطة لن تسلم اي فلسطيني الى اسرائيل، وان هذا الانسحاب "سيتم بلا شروط مسبقة تنفيذاً لاقتراح حل وسط قدمه الجانب الاميركي في اجتماع الجمعة". وعلى رغم ان مواجهات عنيفة وقعت أمس في بيت لحم أستخدم فيها الاسرائيليون الدبابات، الا ان التطورات على الارض تدحض المزاعم الاسرائيلية بأن استمرار العنف وراء تجميد الانسحاب. ففي طولكرم مثلاً استشهد فراس جابر 24 عاما، احد اعضاء الجناح العسكري لحركة "فتح"، برصاص الرشاشات الثقيلة عندما توغلت ثلاث دبابات لنحو كيلومتر داخل المدينة، مما تسبب في تبادل عنيف لاطلاق النار مع مسلحين. كذلك واصل الجيش حملة الاعتقالات، فأوقف خمسة ناشطين في "الجبهة الشعبية" وسادساً في "فتح" في بلدة كفل حارث جنوب نابلس، الواقعة في المنطقة "ب" الخاضعة للسيطرة الادارية الفلسطينية والامنية الاسرائيلية. وبرفض إسرائيل تنفيذ الإنسحاب الذي توسطت فيه الولاياتالمتحدة، تكون حكومة ارييل شارون قد أدارت ظهرها مجدداً للأميركيين ولمطالبهم بالتهدئة، علماً ان عبد ربه أشار إلى ان الاميركيين وعدوا ب"ضمان انسحاب كامل لقوات الاحتلال في الايام المقبلة".