واصلت اسرائيل حملتها العسكرية الواسعة واجتاحت أمس معظم مناطق الضفة الغربية باستثناء نابلس والخليل وأريحا، مهددة بدفع رموز السلطة الفلسطينية إلى غزة لحشرها في القطاع الذي أعلن آرييل شارون استعداده للخروج منه كلياً. وقصفت المناطق السكنية فاستشهد ثمانية فلسطينيين. وفيما حذر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز من مخاطر استمرار هذا العدوان على الشعب الفلسطيني وضرورة وقفه من أجل استئناف عملية السلام، أكدت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" أن اتصالات روسية - أميركية أظهرت ان واشنطن "لا تملك مشروعاً سياسياً" لتسوية سلمية. راجع ص 10 واذا ثبت أن لا مشروع سياسياً حتى الآن، فإن السلطة الفلسطينية ستجد نفسها أمام أزمة لا تحسد عليها، بعدما أعلنت أمس حظر "الميليشيات" فأثارت معارضة كبيرة في الشارع الفلسطيني، وفي الوقت نفسه لم ترض اسرائيل التي ردت بقتل ثمانية فلسطينيين ليرتفع عدد الشهداء خلال ثلاثة أيام الى 20، وبتوسيع احتلالها مناطق السلطة، واقتحامها مدينتي طولكرم وقلقيلية، واقتراب قواتها من ساحة كنيسة المهد في بيت لحم، ورفع العلم فوق مقر للامن الوطني في قلقيلية وفوق مبنى وزارة الحكم المحلي في رام الله، وهي خطوة تحمل مغزى سياسياً خطيراً خصوصا ان الدولة العبرية اعتبرت رام الله العاصمة البديلة للفلسطينيين. ورأى مراقبون ان اسرائيل تهدف من وراء هذه الاجراءات الى إحراج السلطة امام الشارع الفلسطيني من جهة واستكمال خطتها لتقويض رموزها في الضفة احتواءً لغضب اليمين بعد اغتيال وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي. "لا خطة اميركية" وتأتي هذه التطورات في وقت اشار مصدر كبير تحدثت اليه "الحياة" في موسكو الى عدم وجود "أفكار أميركية جديدة" لتسوية سلمية في الشرق الاوسط، مشيرة الى ان الجانب الروسي استغرب حديث الاميركيين عن اجراءات الثقة "سقفاً" لجهودهم الحالية، وداعياً الى توفير "آفاق سياسية". واوضح المصدر ان مساعد وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز الذي زار موسكو قبل مقتل زئيفي، اعتبر ان الانسحابات الإسرائيلية وشروع الفلسطينيين في اتخاذ اجراءات "مشجعة" تصب كلها في "تنفيذ ما يلزم لتثبيت مرحلة التبريد والتهيئة للانتقال إلى اجراءات بناء الثقة". وأضاف ان الأميركيين اعترفوا بأنهم لا يملكون مشروعاً سياسياً لطرحه، وان بيرنز قال بالنص: "ليست لدينا أفكار جديدة". ورداً على طلب روسي بأن "يمنح الفلسطينيون موضوع وقف الاستيطان فوراً"، أجاب بيرنز ان "المرحلة غير مناسبة". وقال إن إسرائيل "بدأت بالانسحابات وينبغي تشجيعها". واعتبر احد الخبراء الروس أن ما نقله المسؤول الأميركي أكد أن الحديث عن الدولة الفلسطينية قد لا يتعدى كونه "خطاباً لمقتضيات الظرف الأفغاني". وكانت وزارة الخارجية الاميركية رفضت مساء الجمعة توجيه نداء مباشر إلى اسرائيل للانسحاب الى المواقع السابقة بعدما احتلت منطقة بيت لحم.