ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    سلمان بن سلطان: نشهد حراكاً يعكس رؤية السعودية لتعزيز القطاعات الواعدة    شركة المياه في ردها على «عكاظ»: تنفيذ المشاريع بناء على خطط إستراتيجية وزمنية    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    "موسم الرياض" يعلن عن النزالات الكبرى ضمن "UFC"    رينارد يواجه الإعلام.. والدوسري يقود الأخضر أمام اليمن    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    استراتيجية الردع الوقائي    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    26 مستوطنة إسرائيلية جديدة في عام 2024    استدامة الحياة الفطرية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    محمد بن سلمان... القائد الملهم    البرازيلي «فونسيكا» يتوج بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2024    برنامج الابتعاث يطور (صقور المستقبل).. 7 مواهب سعودية تبدأ رحلة الاحتراف الخارجي    العقيدي: فقدنا التركيز أمام البحرين    قطار الرياض.. قصة نجاح لا تزال تُروى    تعاون بين الصناعة وجامعة طيبة لتأسيس مصانع    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    5.5% تناقص عدد المسجلين بنظام الخدمة المدنية    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    غارات الاحتلال تقتل وتصيب العشرات بقطاع غزة    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    هجوم ألمانيا.. مشهد بشع وسقوط أبشع!    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    سعود بن بندر يلتقي مجلس «خيرية عنك»    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    خادم الحرمين يرعى منتدى الرياض الدولي الإنساني    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يصلون مكة ويؤدون مناسك العمرة    القبض على شخص بمنطقة الحدود الشمالية لترويجه «الأمفيتامين»    أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اضطرابات معيشية واسرية وانتقال من الريف الى المدينة وراء خروجهم من مجتمعاتهم . فصول من سير شبان مصريين متطرفين على حافة المشنقة ... وآليات تجنيدهم في الجماعات
نشر في الحياة يوم 02 - 10 - 2001

لماذا يتطرف المتطرفون؟ ظل السؤال يدور في اذهان المراقبين والمتابعين لنشاط الحركات الاصولية سواء تلك التي لا تعتمد العنف وسيلة للتغير ك"الاخوان المسلمين" أو الجماعات الراديكالية التي طغى نشاطها في بلدان عدة خلال السنوات الأخيرة على كل نشاط آخر، وضُربت النظرية التي تفسر تطرف الشباب بعوامل اجتماعية واقتصادية عن طريق نماذج من هؤلاء لم يعانوا الفقر يوماً ولم يتعرضوا لضغوط اجتماعية بل خرجوا من اسر تنتمي الى الطبقات الراقية وعلى رأس هؤلاء زعيم "جماعة الجهاد" المصرية الدكتور ايمن الظواهري الذي صار حديث العالم.
ومنذ حادثة الاقصر الشهيرة في مصر العام 1997 لم تقع في مصر احداث اخرى من الوزن الثقيل، إذ اعتمد بعدها تنظيم "الجماعة الإسلامية" سياسة سلمية بعدما وصل قادته الى قناعة بأن عملياتهم في عقد التسعينات لم تحقق لهم اي نتائج ايجابية وهم وضعوا أبحاثاً ليؤصلوا من الوجهة الشرعية توجههم السلمي الجديد، كما ان الطريقة التي تعاملت بها اجهزة الامن المصرية مع قضية الاصولية بدءاً من ذلك التاريخ أفضت الى نزع فتيل أزمات كانت تحدث في الماضي تسببت في دفع الاصوليين الى ارتكاب عمليات انتقامية. ولكن السؤال عاد ليطرح نفسه من جديد بعد ما وقعت عمليات عنف خارج مصر بدءاً من تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام في آب اغسطس 1998 مروراً بتفجير المدمرة الاميركية كول في ميناء عدن قبل نحو سنة وانتهاء بالهجمات على المنشآت الاميركية في نيويورك وواشنطن. وتضع جماعة "الاخوان المسلمين" ضوابط شديدة على إنضمام اعضاء جدد لها، ولعل "الجماعة" هي التنظيم الوحيد الذي يضع لائحة تحدد اسلوب انضمام العضو الجديد وكيفية التعامل معه. ووفقاً للباب الثالث من لائحة "الاخوان المسلمين" فإن المرشح للعضوية يقضي مدة ستة اشهر على الاقل تحت الاختبار فإذا ثبت قيامه بواجبات العضوية مع معرفته بمقاصد الدعوة ووسائلها وتعهد بأن يناصرها ويحترم نظامها ويعمل على تحقيق أغراضها ثم وافقت الجهة المسؤولة عنه على قبوله عضواً في الجماعة فيصبح "أخاً" منتظماً لمدة ثلاث سنوات، وإذا ثبت خلال السنوات الثلاثة الآنفة الذكر قيام "الاخ" بواجبات عضويته فللجهة المسؤولة ان تعتبره "اخاً" عاملاً ويؤدي العهد التالي: "اعاهد الله العظيم على التمسك بأحكام الإسلام والجهاد في سبيله والقيام بشروط عضوية جماعة الاخوان المسملين وواجباتها، والسمع والطاعة لقيادتها في المنشط والمكره في غير معصية ما استطعت الى ذلك سبيلاً وأبايع على ذلك والله على ما اقول وكيل".
وعلى كل عضو ان يدفع اشتراكاً مالياً شهرياً او سنوياً وفق النظام المالي لكل قطر، ولا يمنع ذلك من المساهمة في نفقات الدعوة بالتبرع والوصية والوقف وغيرها كما أن للدعوة حقاً في زكاة اموال الاعضاء القادرين على ذلك. وإذا قصّر العضو في بعض واجباته، أو فرّط في حقوق الدعوة اتخذت الاجراءات الجزائية اللازمة في حقه وفق النظام الجزائي الخاص بقطره بما في ذلك الإعفاء من العضوية، وعلى الاعضاء ان يتكافلوا في ما بينهم، وليتعهد بعضهم بعضاً بالسؤال والبر، ويبادر كل الى مساعدة اخيه ما وجد الى ذلك سبيلا، كما يأمرهم بذلك الإسلام، وذلك صريح الايمان ولب الاخوة، ومناصرة التعاون العالمي مناصرة صادقة في ظل الشريعة الإسلامية التي تصون الحريات وتحفظ الحقوق، والمشاركة في بناء الحضارة الانسانية على اساس جديد من تآزر الايمان والمادة كما كفلت ذلك نظم الإسلام الشاملة. ويعتمد الاخوان المسلمون في تحقيق هذه الاغراض على الوسائل الاتية، وعلى كل وسيلة اخرى مشروعة:
- الدعوة من طريق النشر والاذاعة المختلفة من الرسائل والنشرات والصحف والمجلات والكتب والمطبوعات وتجهيز الوفود والبعثات في الداخل والخارج.
- التربية بطبع اعضاء الجماعة على هذه المبادئ وتمكين معنى التدين قولاً وعملاً في انفسهم افراد أو بيوتاً وتربيتهم تربية صالحة عقيديا وفق الكتاب والسنة وعقلياً بالعلم وروحيا بالعبادة وخلقيا بالفضيلة وبدنياً بالرياضة وتثبيت معنى الاخوة الصادقة والتكافل التام والتعاون الحقيقي بينهم حتى يتكون رأي عام إسلامي موحد، وينشأ جيل جديد يفهم الإسلام فهما صحيحاً ويعمل باحكامه ويوجه النهضة اليه.
- التوجيه بوضع المناهج الصالحة في كل شؤون المجتمع من التربية والتعليم والتشريع والقضاء والإدارة والجندية والاقتصاد والصحة والحكم والتقدم بها الى الجهات المختصة، والوصول بها الى الهيئات النيابية والتشريعية والتنفيذية والدولية لتخرج من دور التفكير النظري إلى دور التنفيذ العملي.
- العمل بجد على تنقية وسائل الاعلام مما فيها من شرور وسيئات والاسترشاد بالتوجيه الإسلامي في ذلك كله.
- العمل على إنشاء مؤسسات تربوية واجتماعية واقتصادية وعلمية، وتأسيس المساجد والمدارس والمستوصفات والملاجئ والنوادي.
وحددت اللائحة أهداف "الجماعة" التي يسعى الاعضاء لتحقيقها بالآتي:
- تبليغ دعوة الإسلام الى الناس جميعاً والى المسلمين، وشرحها شرحاً دقيقاً يوضحها ويردها الى فطرتها وشمولها، ويدفع عنها الاباطيل والشبهات.
- جمع القلوب والنفوس على مبادئ الإسلام، وتجديد اثرها الكريم فيها، وتقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية.
- العمل على رفع مستوى المعيشة للافراد وتنمية ثروات الأمة وحمايتها.
- تحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي لكل مواطن، ومكافحة الجهل والمرض والفقر والرذيلة، وتشجيع اعمال البر والخير.
- تحرير الوطن الإسلامي بكل اجزائه من كل سلطان غير إسلامي، ومساعدة الاقليات الإسلامية في كل مكان، والسعي الى تجميع المسلمين جميعاً حتى يصيروا أمة واحدة.
- قيام الدولة الإسلامية التي تنفذ احكام الإسلام وتعاليمه عملياً، وتحرسها في الداخل وتعمل على نشرها وتبليغها في الخارج.
أسباب أخرى
ويرى الخبراء والمراقبون السياسيون في القاهرة ان العوامل الاجتماعية والاقتصادية ليست فقط الوحيدة التي تؤدي الى مشكلة التطرف وان كانت أقواها، وأن بعض الاسباب الاخرى برزت منذ عقد السبعينات وساهمت في التأثير المباشر على الظاهرة سلباً ومنها التفاوت الاجتماعي نتيجة التغيرات التي طرأت على التركيبة الاجتماعية للمجتمع المصري وبروز بعض الطبقات بعد التحول الرسمي من النظام الاشتراكي الى الرأسمالي، وان الانفعالات والعقد والازمات النفسية اخذت طريقها من خلال مدة الظاهرة وهي أمور اظهرها رصد الحالات الانفعالية والجوانب التي ساعدت على نمو الشخصية منذ ميلادها حتى قيامها بالسلوك المنحرف.
ويشير خبراء الى بروز الظاهرة بصورة لافتة في بعض المناطق الشعبية والعشوائية والعزب واوساط المتضررين من الكوارث الاجتماعية والطبيعية وبروز بعض الاحياء والقرى الى خريطة النشاط الديني المتطرف وفي مقدمها عين شمس - امبابة - بولاق الدكرور - الشرابية - الزاوية الحمراء - البساتين - مدينة السلام - كحك - ابو تيج - القوصية - نجع حمادي في الوقت الذي تكاد تنعدم فيه مظاهر التطرف بالكامل في بعض الاحياء والمحافظات والشواطئ الساحلية ومنها الزمالك - مصر الجديدة - المهندسين - مدينة نصر - الاسماعيلية - شاطئ العجمي - والساحل الشمالي - سيناء والوادي الجديد والبحر الاحمر.
وجاء في اعترافات القيادي في تنظيم "الجماعة الإسلامية" شريف حسن أحمد محمد حسن الذي نفذ فيه حكم الاعدام العام 1993 بعد ادانته في قضية العائدين من افغانستان عن اسباب انخراطه في التنظيمات الدينية المتطرفة في الصفحة 16 من التحقيقات "أنا بدأت اصلي واعرف طريق ربنا بعيداً من الطريق الوحش اللي انا كنت ماشي عليه مع اصدقاء السوء واللي عرفني طريق ربنا وأنا غضبت من وضعي هذا وقررت الخروج من ازمتي وهمومي المتمثلة في عدم قدرتي على توفير مبالغ مالية للزواج والمعيشة المستقلة وكان الكلام ده تقريباً عام 1987 وتعرفت على شاب من السلفيين يدعى عصام مرعي كان يهتم بالدين ظاهرياً فقط ولكنه ترك في نفسي اثراً كبيراً".
اما القيادي في تنظيم الجهاد مجدي محمد محمد سالم المحكوم بالسجن لمدة عشرين عاماً في "القضية 23/93" فكان السبب في تغير طبيعته الايديولوجية واتجاهه الى طريق الجهاد هو تأثره لقراءة احد الكتب السياسية بعنوان "نصر بلا حرب" من تأليف الرئيس الاميركي السابق ريتشارد نيكسون، وقال سالم اثناء محاكمته "أنا قرأت هذا الكتاب وتأثرت كثيراً بما جاء فيه من معتقدات خاصة بالاميركيين على اساس ان العهد القديم التلمود يتكلم عن عقيدة دينية عندهم بانه في نهاية الالف الثانية يعني نهاية القرن العشرين سيكون هناك حرب بين بني اسرائيل وبين المسلمين، وأن هذه الحرب سوف تنتهي بالقضاء التام على المسلمين في نظرهم، واستعباد المسلمين واستنزاف ثرواتهم وجعلها تحت سيطرتهم المباشرة بما يحقق لهم في النهاية النصر بلا حرب وأنه من هذا المنطلق تولد لديه احساس بضرورة الحفاظ على الدين الإسلامي من خلال القيام باعمال عسكرية لتدعيم اسس الدولة الإسلامية".
شهادات
عنصر آخر من ابرز الاصوليين الراديكاليين المصريين هو القيادي في "الجماعة الإسلامية" مصطفى محمد محمود عيسى والمسؤول العسكري لها في الصعيد خلال النصف الاول من عقد التسعينات والمتهم في حوادث عدة لاغتيال ضباط في الشرطة منهم اللواء محمد عبداللطيف النمر والمقدم ابو بكر سالم وبعض الافراد. كانت بعض الظروف الاجتماعية والعائلية سبباً ومنطلقاً مباشراً في توجهه الى هذا الطريق الديني المسلح وتتمثل في وفاة زوج شقيقته وولي امره العام 1985 اثناء عمله في مصنع الحديد والصلب اثر سقوط جسم صلب عليه وهو كان يتولى الانفاق على الاسرة بعد وفاة والده ووالدته دون ترك اي موارد مالية.
أما عبدالحميد محمد عبدالحميد حسب الله الذي نفذ فيه حكم الاعدام في قضية "طلائع الفتح" العام 1994، فشكلت بعض العوامل الاجتماعية والنفسية والتربوية منطلقاً لتحركه الى اخذ طريق العنف الديني المسلح تمثلت في:
- انضمامه منذ الصغر الى جماعة "الاخوان المسلمين" وانخراطه في تشكيلات الجماعة والتردد على مساجدها وقراءة مطبوعاتها خصوصاً التي اعدها حسن البنا وبعض الضباط الاحرار الاخوان ومنهم عبدالمنعم عبدالرؤوف وابتعاده عن هذه الجماعة نتيجة اكتشافه لعلاقة هذه الجماعة بالسلطة منذ العهد الملكي. ثم قراءته لكتاب "كلمة حق" تأليف الدكتور عمر عبد الرحمن واعجابه بمضمونه خصوصاً النقاط الفكرية والعقائدية ثم انضمامه الى بعض الجماعات والجمعيات الشرعية العلنية والخاضعة للاشراف الحكومي لاتخاذها ستراً.
- لقائه شخصين في افغانستان احدهما سوري يدعى ابو برهان واخر فلسطيني يدعى نور الدين ساهما في تطوير قناعته بضرورة اللجوء الى العنف المسلح لتحويل الافكار والايديولوجيات الى آليات للتغيير وذلك باستخدام الاسلحة الآلية والرشاشات والتدرب على استخدام المتفجرات وصنعها بعد ما أيقن تماماً ان اسلوب الدعوة والبرلمانية لجماعة الاخوان المسلمين للوصول للحكم غير مُجدٍ وأن الطريق الوحيد هو إعلان الحرب على السلطة السياسية، وتمكن حسب الله من توظيف دراسته الطبية ومعرفته لبعض التركيبات الطبية والكيماوية لمصلحة نشاطه من خلال تصنيع المفرقعات.
في قرية الحجيرات والتي تبعد 5 كيلو مترات شمال مدينة قنا وهي قرية صغيرة يبدو لزائرها على الفور مدى الفقر والجهل الذي يعيش فيه اهلها، التقت "الحياة" افراداً من اسر متهمين في قضية "ضرب السياحة" اعدموا بناء على احكام صدرت ضدهم بعد ما كانوا نفذوا هجوماً استهدف حافلة سياحية العام 1993 وهناك تحدثت والدة بسطاوي عبد الحميد ابو المجد وذكرت ان زوجها يعمل في احدى الدول العربية وقالت عن ابنها الذي تم اعدامه "انضم الى احدى الجماعات الإسلامية في القرية وصار عضوا بها وكان يحضر بعض زملائه الى منزلنا، يجلسون سوياً ويتناقشون في امور لا افهمها"، واضافت: "بيتنا كما ترون مبني بالطوب، ننام على "كنبة" واحياناً على الارض، دخلنا بسيط الى ابعد الحدود والنتيجة ان ابني ضاق ذرعاً وعانى الفقر في الوقت الذي كان يشاهد فيه السياح الأجانب يستقلون حافلات فاخرة وينفقون ببذخ ويقيمون في فنادق لا نحلم بأن ندخلها"، وتابعت "على الرغم أننا في الصعيد نحرص على اكرام الضيف الا ان تلك الظروف دفعت ابني ورفاقه الى مهاجمة السياح". في ركن من اركان المنزل البسيط كانت تجلس جدة بسطاوي العجوز 65 سنة، تحدثت بصعوبة وقالت: "لا اعرف شيئاً عن السياحة التي يتحدثون عنها وفوجئت وقتها بأن بسطاوي اتهم في قضية الهجوم على السياح".
وقالت شقيقته خضرة 18 سنة "لا اصدق ان بسطاوي مات بهذه السهولة، لم أكن اتصور ان يُعدم ويأتي الينا داخل صندوق".
في قرية الحجيرات ايضا يقع منزل سعد الامير ابو المجد الذي تم اعدامه بعد ادانته في القضية نفسها، وقال والده "كان سعد اكبر ابنائي، ترك الدراسة منذ صغره ليساعدني في زراعة قطعة ارض صغيرة نملكها وحينما اشتريت سيارة نصف نقل اعتاد ان يقودها لمساعدتي واحياناً كان يستغلها لانجاز بعض الاعمال لاهالي القرية في مقابل مبالغ مالية". واضاف: "كانت مفاجأة لي ان يستغل ابني السيارة في نقل المتهمين الذين قاموا بالهجوم على حافلة سياحية في ميدان عبد الرحيم قناوي، ولذلك عندما علمت بالامر قمت بتسليمه بنفسي الى الشرطة بعد ان تأكدت انه اعلن توبته بعد الحادث وانه لم يطلق النار على السياح"، ويشير الى ان ابنه "انضم الى الجماعة الإسلامية قبل خمس سنوات من وقوع الحادث وكان عمره وقتها 18 عاماًَ، ولم اعترض لأن دور الجماعة وقتها كان يقتصر على الدعوة وممارسة الشعائر الدينية، ومع مرور الوقت لاحظنا في القرية ان شوكة الجماعة اشتدت وصارت تقف في وجه رجال الامن وتتعارك معهم حتى حدث ما حدث وعاد سعد جثة هامدة في صندوق خشب. وعلى رغم ذلك تماسكت وقلت لنفسي انه دفع بنفسه الى الجحيم". وقال شقيقه عصفور: "تماسكت بعد وصول جثة سعد الى القرية بعد شنقه، كان يملأ القرية حركة ويحبه كل الناس فيها، لكن احواله تغيرت كثيراً بعد انضمامه للجماعة الإسلامية".
عوني وفهمي واحداث زينهم
في يوم 26 تشرين الثاني نوفمبر العام 1994 تم تنفيذ حكم الاعدام في الاصوليين مصطفى عوني زكي ومحمود صلاح الدين فهمي بعد أن دانتهما المحكمة العسكرية بقتل النقيب احمد البلتاجي ومواطن آخر والشروع في قتل 8 آخرين في القضية رقم 19 لسنة 1993 جنايات عسكرية في القضية التي عرفت باسم "احداث زينهم". كما دانت المحكمة 6 آخرين في القضية نفسها بجرم حيازة اسلحة وقنابل من دون ترخيص والانضمام الى جماعة اسست خلافاً لاحكام القانون بهدف قلب نظام الحكم والاشتراك في اتفاق جنائي لارتكاب جرائم القتل والشروع في القتل بالوسائل الارهابية. كما حازا قنابل دفاعية طراز اف -1 من دون ترخيص وكان معهما الارهابيان ياسر نيازي ورجب عبد الوكيل اللذان قتلا في الحادث.
وفي قرية العوامر التابعة لمدينة اسيوط كان اللقاء مع عوني زكي 53 عاماً وهو مزارع والد مصطفى الذي قال: "كنت اعلم انه سيموت بهذا الشكل المروع لانه ارتكب العديد من الجرائم في اسيوط قبل سفره الى العاصمة واشتراكه في حادث زينهم. فمصطفى كان يبلغ من العمر 22 عاماً ولم يكمل دراسته في الصف الاول التجاري بسبب القبض عليه مرات كثيرة".
الفيوم
وفي يوم 18 تموز يوليو 1994 تم تنفيذ حكم الاعدام في 5 أصوليين شاركوا في محاولة اغتيال وزير الاعلام صفوت الشريف. وكان الحكم صدر يوم 27 ايار مايو من العام نفسه، باجماع الاراء وهم حسن رمضان شلقاني وابراهيم السيد العلي احمد علي واحمد حسين الحسيني وطارق عبد الرازق حسن واشرف السيد ابراهيم.
وكانت المحكمة وجهت إليهم الكثير من الاتهامات الاخرى منها ارتكاب عمليات تفجير في التحرير والعتبة وداخل الهرم وفي شارع الهرم وبجوار الحافلات السياحية امام المتحف المصري وقتل الرائد سمير منصور والشروع في قتل العقيد عادل حسن سعد والرائد محمد عبد العظيم عبدالرازق وعدد من الجنود والمواطنين داخل مبنى الدفاع المدني والحريق بالعتبة.
شملت القضية 14 متهماً حكم على ستة منهم بالاعدام احدهم في حال فرار خارج البلاد.
في قرية فيديمين التابعة لمدينة سنورس بالفيوم قال والد حسن رمضان شلقاني إن ابنه حاصل على بكالوريوس تعاون زراعي لكنه رفض العمل موظفاً حكومياً على اعتبار ان العمل الحكومي حرام وفضّل العمل نجاراً وانضم الى التنظيمات الإسلامية، واضاف الاب: عندما انتقلنا للاقامة في منطقة دار السلام في العاصمة اشتد ارتباطه باعضاء الجماعة في القاهرة وكانوا يترددون على منزلنا ولم اتوقع ان يكون ذلك مصدر شر وتم القبض عليه العديد من المرات، وفي كل مرة كان يتم الافراج عنه حتى فر منذ عامين ولم اعد اعرف عنه اي شيء حتى فوجئت بالقبض عليه متهماً بمحاولة اغتيال صفوت الشريف واعدامه بعد ذلك، وقالت والدته حسنات عبدالمعطي: إنها تتمنى ألاّ ترى أية اسرة ابنها مشنوقاً وموضوعاً في صندوق مهما كانت الاسباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.