تشعر اليابان بالاستياء من الموقف الأميركي الداعي الى مشاركتها في إعادة تعمير أفغانستان، من دون استشارتها مسبقا، في وقت بذلت الحكومة اليابانية اهتماماً كبيراً لادخال تشريعات تتيح لقواتها المشاركة في عمليات اسناد لوجستيكية للقوات الأميركية المهاجمة في مسارح عمليات بعيدة. ويقول المسؤولون في طوكيو إن اليابان لن تكون قادرة على تقديم المعونة المالية التي تطالب بها واشنطن، في المرحلة التي ستعقب إنهيار نظام "طالبان"، والتي يركز المشروع الأميركي على استخدامها لاقامة نظام أفغاني جديد يحظى بدعم المجتمع الدولي . وذكر نوبوتاكا مياهارا، المدير العام لشعبة الشرق الأوسط في الخارجية اليابانية، في لقاء أجرته معه "الحياة" في مكتبه في طوكيو، "أن مستقبل أفغانستان يناقش الآن. وكثيرون ينكبون على معالجة هذه المسألة. وإذا نجحت الولاياتالمتحدة في قلب حكومة طالبان فمما لا شك فيه أنها ستعمل على ترتيب الأوضاع هناك في صورة مغايرة". وقال إن بلاده لا تتوقع أن يعمد الأميركيون الى احتلال أفغانستان، مشيراً إلى أن "إلأفغان لم يذعنوا أبداً لأي قوة احتلال"، وأضاف: "لا أعتقد بان الأميركيين يفكرون في هذا النوع من الاحتلال". وأعرب عن استياء اليابان من تصريحات صادرة عن الادارة الأميركية وتتعلق بالتزام اليابان المساهمة في اعادة تعمير أفغانستان عقب انتهاء الحرب. وقال: "وزير الخارجية الأميركي كولن باول كان أشارقبل ستة أيام إلى احتمال لعب اليابان دوراً كبيراً في إعادة بناء أفغانستان وتعميرها. ونحن لا نشعر بالرضى لهذا النوع من التصريحات في هذه المرحلة، لأن لدينا إحساسنا بالكبرياء". ورداً على سؤال عن حجم المشاركة الياباينة المتوقعة في المشروع الذي تقترحه واشنطن قال في لهجة تعكس قدراً من الامتعاض: "لا نعرف، لأن الولاياتالمتحدة لم تستشرنا في ذلك". وعبّر عن تحول واضح في السياسة الخارجية اليابانية تجاه النهوض بالتزامات دولية لم تعد تتماشى مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها اليابان. وقال: "هناك شيء لا بد أن يكون واضحاً وهو أن اليابان تعيش الآن حالا مختلفة تماماً عن اليابان السابقة". واوضح: "لا نستطيع أن نرجع كما كنا من قبل. لدينا عجز في الموازنة وحكومتنا تعاني دينا كبيرا يتعين عليها تسديده. ولهذا السبب تدرس الحكومة الآن خفض إجمالي مساعدات التنمية الدولية التي تقدمها بمقدار عشرة في المئة". وكانت اليابان قدمت العام الماضي قرابة 13 بليون دولار من المساعدات للدول الأجنبية، وبينها دول عدة في المنطقة كالأردن ومصر والسلطة الفلسطينية. وقال مياهارا: "تحدثت مع المسؤولين في وزارة المال وهم ليسوا داعمين لفكرة تقديم تعهدات مالية كبيرة لإعادة إعمار أفغانستان. وطلبت منا وزارة المال بدلاً من ذلك ممارسة جهد دبلوماسي أكبر لاجلال السلام ومحاربة الارهاب". وكانت اليابان قررت تغطية 20 في المئة تقريباً من حجم المساعدات التي طلبتها وكالات الأممالمتحدة المتخصصة لدعم جهود استقبال اللاجئين الأفغان. وتعهدت لهذا الغرض بتقديم منحة بقيمة 120 مليون دولار لتمويل الموازنة التي حددتها المفوضية العليا للاجئين لرعاية اللاجئين الأفغان، كما قدمت ستة ملايين دولار لتلبية النداء العاجل للمفوضية لتأمين 29 مليون دولار لاقامة صندوق طوارىء لنفقاتها العاجلة الشهر الجاري والشهر المقبل. كما قدمت طوكيو التي لا تزال تفرض عقوبات اقتصادية على باكستان والهند منذ تفجيراتهما النووية قبل ثلاثة أعوام، 40 مليون دولار لاسلام أباد في 21 الشهر الماضي لمواجهة تداعيات الأمة الحالية، وأعلنت أيضاً، في بادرة ودية تجاه باكستان، إعادة جدولة ديون مستحقة على اسلام أباد قدرها 550 مليون دولار.