عرفّت منظمة الصحة العالمية الشخص المعوق بالشخص الذي تدنت أو انعدمت قدرته على ممارسة نشاط حياتي مهم واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده، أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين. وذلك بسبب تقصير وظيفي بدني أو حسي أو ذهني. وميزت المنظمة بين أربعة أنواع من الإعاقة الحركية، البصرية، السمعية، العقلية. ورولا الحلو فتاة في الثالثة والعشرين وهي استاذة في مادة اللغة العربية وآدابها. تخرجت حديثاً في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية وتسعى لنيل الماجستير في هذه المادة. دائمة الابتسام وعلامات الفرح بادية على وجهها. ولكن رولا معوقة من قبل أن تبلغ الرابعة، نتيجة حادث سيارة. ووسيلتها للانتقال والحركة، كرسي نقال تصف رولا علاقتها به "بالتاريخية، فهو كالصديق يلازمني معظم الأوقات". تقول رولا التي التقيناها في بيت الطلبة التابع لمركز الشبيبة للتوعية والإرشاد: "انني اليوم منتصرة على إعاقتي. لا أستطيع سوى أن أعمل لأبني غداً أفضل وأحق بالعيش بكرامة. أريد أن أكون من أجل الآخر كما هو من أجلي. لذلك أمارس مهنة التعليم ليس من أجل الكسب المادي فقط، بل من أجل تحرير الذات واثباتها بالمشاركة مع من هم محور العملية التعليمية أي التلامذة بهدف تربيتهم أولاً ثم تعليمهم". عندما تتذكر أيام طفولتها والمدرسة تتذكر نظرات الأطفال المستغربة وضحكاتهم، كونها الوحيدة المختلفة عنهم. كانت تشاطرهم هذا السؤال عن التمايز والاختلاف لكنها أيضاً شاركتهم ضحكاتهم ولعبت معهم أثناء الفرص. تقول رولا: "أهلي علموني أشياء كثيرة. كانوا دائماً الى جانبي، وتشجيعهم المستمر لكي أنجح ساعدني كثيراً، علموني مواجهة المجتمع منذ الصغر. جعلوني أحيا طفولة ومراهقة فيها الكثير من الرضا والقناعة والقليل من الرفض والاستياء من واقعي وظروفي". وفي الجامعة شكلت رولا الى حد بعيد ومن دون أن تعي أملاً لزملائها بالنجاح. فبعضهم قال انها أعطت حافزاً اضافياً للاستمرار والانتقال بنجاح من سنة الى أخرى. والبعض الآخر عبّر عن اعجابه بإصرار تلك الفتاة وعنادها ليس في متابعة الدراسة فقط، إنما في الحضور المستمر والمشاركة أيضاً حتى في أقل النشاطات داخل حرم الكلية أو خارجها. وكما في المدرسة كذلك في الجامعة كانت رولا الوحيدة من بين الطلاب تتنقل بين القاعات والصفوف والملاعب في كرسيها المتحرك. كثيراً ما كان "الشباب" يرفعونها من على الدرج الى الطوابق العليا لا للمساعدة فحسب كما تؤكد إنما لأنهم يحبونها أيضاً ويريدون أن تكون معهم أثناء المحاضرات. وإذا كانت أربع سنوات منهجية في الكلية يجتازها الطالب بنجاح، كافية لنيل شهادة خلال حفل تخرج رسمي، فإن اصرار رولا على المشاركة في حفل تخرجها مع زملائها أثار قضية تخرج أشخاص معوقين في قصر الأونيسكو لجهة تسليمهم الشهادات بطريقة اعتيادية. بعد سنة ونصف على الحفل يتصل مدير الأونيسكو برولا عبر الهاتف ويدعوها للمشاركة في حفل تدشين قاعة الأونيسكو بتجهيزات تمكّن الشخص المعوق حركياً من تسلم شهادته كباقي الطلاب. واليوم تعيش رولا مع أخريات معوقات حركياً أو بصرياً في منزل تابع لمركز الشبيبة للتوعية والإرشاد CRC مجهز وفق معايير خاصة تراعي خصوصية الشخص المعوق في تنقله وقضاء حاجاته المنزلية. العائلة الجديدة تتجسد علاقات انسانية لأناس متشابهين الى حد ما ومتعاونين الى حد بعيد في المأكل والملبس والمشرب وحتى في قراءة الصحف أو مشاهدة التلفاز. وتعتبر رولا أن عائلتها الأخرى أمنت لها الأجواء المناسبة والعلاقات الطيبة والمساعدة الحقيقية للاستمرار في تحقيق أحلامها وطموحاتها الكثيرة. حلم جديد بدأ يتحقق حين اشترت سيارة "خاصة" وها هي تتعلم اليوم القيادة للحصول على رخصة سير. لكن لماذا السيارة الخاصة بدلاً من وسائل النقل الأخرى؟ "حتى الآن وبعد كل هذا التطور لم تؤمن وزارة النقل باصات مؤهلة ومعدة لاستعمال الأشخاص المعوقين، علماً أن من حقوق الشخص المعوق حق التنقل والمواقف ورخص السوق".