في الوقت الذي تتداول الأوساط الإعلامية والسياسية في أنقرة أنباء عن زيارة قريبة محتملة للرئيس السوري بشار الأسد لتركيا، نسبت صحيفة "حريت"، واسعة الانتشار، إلى مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى ان احتمال الزيارة أصبح ضعيفاً للغاية بعد تجدد الخلاف بين الوفود الديبلوماسية التركية والسورية التي تعمل على إعداد اتفاق المبادئ الذي يفترض أن يوقع عليه وزيرا خارجية البلدين، ليمهد للزيارة. ونسبت الصحيفة إلى مصادرها ان الطرفين لم يتفقا بعد على صيغة حول مسألة لواء الاسكندرون. وأضافت ان الجانب التركي اشترط وضع مادة في إعلان المبادئ تشير بوضوح إلى تخلي سورية عن مطالبتها بطريق مباشر أو غير مباشر بلواء الاسكندرون. وادعت ان الرئيس الأسد رفض هذا الطرح، ما دفع أنقرة إلى تعليق الزيارة أو تحويلها - في حال إصرار الجانب السوري على تحقيقها - إلى زيارة رمزية قصيرة يلتقي خلالها الرئيس الأسد مع الرئيس أحمد نجدت سيزر وحده، ولا يبحث خلالها في أي مواضيع سياسية. وكانت قناة "ان تي في" الاخبارية التركية اذاعت قبل يومين أن إحدى الصحف السورية أوردت النبأ عن عزم الرئيس السوري على زيارة أنقرة أواخر الشهر الجاري. وتأتي هذه التطورات، التي لم ينفها أي مصدر تركي مسؤول، بعدما توصل نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام مع الرئيس سيزر ورئيس الوزراء بولنت أجويد إلى "صيغة وسط" بشأن لواء الاسكندرون خلال زيارته لأنقرة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وكان الطرفان اتفقا وقتها على عبارة "ضرورة احترام كل طرف للحدود السياسية للطرف الآخر". لكن أنقرة تطلب الآن صيغة أكثر وضوحاً وتصر على صيغة صريحة بأن الحكومة السورية ستغير مناهجها الدراسية وخرائطها الرسمية في ما يتعلق بلواء الاسكندرون. وهو ما لا تستطيع دمشق قبوله. وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد مفاجئ لزخم زيارات المسؤولين الإسرائيليين لأنقرة، يبدأها وفد عسكري هذا الأسبوع ضمن إطار الزيارات الاستشارية الدورية كل ستة شهور، تتبعها زيارة وفد ديبلوماسي إسرائيلي نهاية الشهر الجاري لمناقشة موضوع مياه تركية. ومعلوم ان الإسرائيليين، خصوصاً ديبلوماسييهم في أنقرة، لا يخفون قلقهم تجاه التقارب السوري - التركي. ويربط بعض المراقبين بين التشدد التركي والأزمة الاقتصادية التي فاجأت تركيا الشهر الماضي من جراء سحب مستثمرين أجانب استثمارات بقيمة 7 بلايين دولار فجأة من السوق التركية، ما اضطر تركيا إلى تسليم موازنتها للسنوات الثلاث المقبلة إلى صندوق النقد الدولي.