حصلت مدينة غرناطة الأندلسية على شهرتها من وجود قصور الحمراء، هذا اللون الذي يعكس إحساساً بحرارة المناخ، ويصف المؤرخون دائماً ترابها بأنه "التبر المنثور"، ويقولون ان تسمية قصور "الحمراء" تأتي من تلك الخاصية التي تتمتع بها تربتها وتمنح ذلك اللون الذهبي الضارب الى الحمرة، لون الشمس الساطعة. إلا ان شركات السياحة الإسبانية أضافت أخيراً الى هذا اللون لوناً آخر هو اللون الأبيض، بعدما صارت تدعو الى التمتع بذلك اللون الذي يزداد بريقه في شكل خاص خلال فصل الشتاء. حين تكون المدينة مكاناً لعشاق "الرياضة البيضاء" أو رياضة التزلج على الجليد. ما لا يعرفه الكثيرون ممن قرأوا عن تاريخ غرناطة أن هذه المدينة ذات المنحدرات الساحرة محاطة بجبل "سييرا نيفادا" الذي يتجاوز ارتفاع قمته ثلاثة آلاف متر فوق سطح البحر ما يجعله من القمم الشاهقة داخل شبه الجزيرة الايبيرية التي تحظى رياضة التزلج بشعبية كبيرة بين سكانها، اضافة الى تمتعها ببنية تحتية تجعلها وجهة مفضلة لدى عشاق تلك الرياضة في العالم كله. يضاف الى هذا ان جبال سييرا نيفادا الغرناطية تتمتع بمميزات لا تتمتع بها قمم التزلج على الجليد، ومنها أن مسافة الانحدار المتدرج ما بين القمة والسفح كبيرة وتصل الى 1298 متراً، الأمر الذي يعتبر شيئاً نادراً في الجبال الاسبانية، كما يؤكد خبراء التزلج، وهذا يزيد من استمتاع المتزلجين المحترفين، وأيضاً هواة الفرجة على تلك الرياضة. ويقول خبراء السياحة في اسبانيا إن نجاح تنظيم سباق التزلج الدولي عام 1996 هو الذي دفع بمحطات تزلج غرناطة الى مكانة عالمية، وكان وراء ابرازها كمحطة عالمية، سيما وأنها استفادت من الاستثمارات التي كانت وراء تنظيم السباق الدولي، والتي تقدر بنحو 2200 بليون بيزيتة الدولار 185 بيزيتة الأمر الذي ساعد على تجديد محطات التزلج، ودعمها بأحدث الوسائل التكنولوجية لتنقل المتزلجين بين قممها الثلجية. وتم خلال الاعداد لتلك السباقات إنشاء أربعة خطوط للتزلج في المنطقة التي يطلقون عليها اليوم اسم "ستاديوم". وتعتبر جبال التزلج في سييرا نيفادا ومحطاتها من المحطات القليلة التي فيها أماكن مخصصة للمبتدئين وتعليم الذين يفتقدون الخبرة الكافية في ممارسة تلك الرياضة، وأيضاً تم تزويدها بخزانات مياه عالية القدرة لمواجهة أزمات تحدث أحياناً بسبب عدم سقوط الجليد ما يسهل عملية انتاج "ثلج صناعي" عبر قاذفات رذاذ مياه تنطلق في الهواء بديلاً عن ماء المطر وتسقط في شكل حبيبات جليدية تغطي ممرات التزلج. من جديد السنة الجارية في محطات التزلج بمنطقة سييرا نيفادا استحداث خدمات متنقلة داخل مناطق التزلج لتزويد المتزلجين بحاجتهم من الوجبات السريعة والمشروبات الساخنة ما يخفف من كثافة حركة التنقل بين مختلف مواقع التزلج التي تزدحم عادة بالزوار والسياح أيام العطلات الرسمية والأسبوعية. من جديد عام 2001 أيضاً وجود نقاط حراسة خاصة ونقاط استعلام توجه المتزلجين الى كل محطة وتشرح لهم مميزاتها وتوجههم نحو المناطق التي تلبي حاجاتهم، هذه الخدمات لن تنعكس على أسعار التزلج بجبال سييرا نيفادا، لأن هذه النقاط الخاصة بالاستعلام والحراسة جاءت نتيجة لاتفاق بين ادارة محطات التزلج وكلية "علوم الرياضة بغرناطة" لتدريب الطلاب وفي الوقت نفسه تقديم خدمات للمتزلجين. أما عشاق الجليد الذين لا يجيدون التزلج وليس لديهم رغبة في تضييع بعض الوقت لتعلم التزلج فثمة نوعية جديدة من الرياضة التي تسمح بقضاء الوقت بين الثلوج من دون جهد، بل والاستمتاع بالوقت، اذ تم انشاء ناد خاص لمحبي رياضة التزلج غير الممارسين، تقدم لهم فيه أنواع عدة من الرياضات التقليدية من دون أن يضطروا الى وضع أقدامهم في الزلاجات، منها رياضة "الخيول" التي تمكن السائح من قضاء وقت طيب في الخارج على ظهر حصان مدرب على السير في الجليد. أيضاً يمكن التزلج جلوساً في "حوامة" مطاطية، أو التنزه على ظهر دراجة بخارية بمرافقة مدرب حتى لا يتعرض المتزلج لخطر السقوط أو الضياع بين الجليد الذي يمتد عبر عشرات الكيلومترات من جبال سيير نيفادا. ويتوقع خبراء السياحة في اسبانيا ان يسجل الموسم الجاري للتزلج على جليد جبال سييرا نيفادا زيادة في معدل المتزلجين والسياح الراغبين في الاستمتاع بتلك الرياضة قدرها 2.12 في المئة عن العام الماضي الذي شهد قدوم 750 الف متزلج الى غرناطه ابان موسم التزلج. أيضاً من عوامل جذب السياحة الى غرناطة البيضاء أن المتزلجين يستمتعون بممارسة رياضتهم المفضلة نهاراً، ويمكنهم التمتع بوقت طيب ليلاً، نظراً الى قرب محطات التزلج من المدينة المعروفة بمطاعمها التي تقدم للسائح أجمل الأكلات الأندلسية المميزة وأشهاها، وتتميز حاناتها بالسهر حتى ساعات متأخرة من الليل، حيث بوسع عشاق التزلج الاستمتاع بأفضل ما تقدمه فرق الغناء والرقص الفلامنكو، وهو نمط يتميز به عجز الأندلس دون غيرهم من غجر العالم كله.