"الأرصاد" استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هذال بن سعيدان    الموت يغيب مطوف الملوك والزعماء جميل جلال    البليهي: مشكلة الاتحاد انه واجه الهلال وكل المدافعين في اتم الجاهزية    وزير الاتصالات: بدعم ولي العهد.. المملكة تقود أعظم قصة في القرن ال 21 في الشمولية وتمكين المرأة    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    غزة.. الاحتلال يبيد العائلات    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    الهلال يكسب الاتحاد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    للأسبوع الثاني.. النفط يواصل صعوده    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    «الأمم المتحدة»: السعودية تتصدر دول «G20» في نمو أعداد السياح والإيرادات الدولية    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    أحلامنا مشروع وطن    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    فأر يجبر طائرة على الهبوط    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    يوم مجيد لوطن جميل    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    مسيرة أمجاد التاريخ    الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل".. الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل"    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    الابتكار يدعم الاقتصاد    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسواق السندات العربية تتأهب للانطلاق . سندات الشركات مصادر تمويل متنوعة تقي من الخضات الاقتصادية 2 من 2
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2001

تطرقت الحلقة الاولى الى اهمية السندات الحكومية ودورها في تعزيز صدقية الحكومات المالية وتشجيع المستثمرين. وتركّز الحلقة الثانية على السندات التي تصدرها الشركات.
تشمل العوامل التي تؤثر في نجاح سوق السندات للشركات ظروف الاقتصاد الكلي والشفافية في الافصاح عن الاداء المالي للشركة المصدرة للسندات والبدائل التمويلية المتوافرة، اضافة الى البنية التحتية للسوق مثل أنظمة التداول، ووجود مؤسسات للتصنيف الائتماني. وعلى رغم التحسن الكبير الذي طرأ على التقارير المالية للشركات العربية وبخاصة المؤسسات المساهمة والمدرجة منها، إلا أن الشركات التي تعتزم دخول سوق السندات لابد لها من تحسين مستوى الافصاح لديها. فما من مصرف استثماري سيكون على استعداد للاكتتاب في إصدار سندات لشركات لا تصدر نتائجها المالية بشكل دوري وبالشفافية المطلوبة.
ويجب ألا يشكل وجود السيولة الفائضة في النظام المصرفي عائقاً أمام تطوير سوق السندات المحلية. فالمقولة بأن المصارف تستطيع أن تؤمن كافة الاحتياجات التمويلية للشركات ليست بالضرورة صحيحة. ويمكن لسوق سندات محلية أن توفر "رأس المال الصبور" أو بعبارة أخرى أن يكون مصدراً للتمويل الطويل الأجل ما يساعد الشركات في تقليص اعتمادها المفرط على الاقتراض القصير الأجل من المصارف. ولقد أظهرت الدراسات أن عدم توفر التمويل المتوسط والطويل الأجل هو من المعوقات الرئيسة للنمو الصناعي والتطور المالي في المنطقة العربية.
ولعلّ المحافظة على مصادر تمويل متنوعة كانت من أهم الدروس المستقاة من الأزمة المالية التي ضربت دول شرق آسيا عام 1997، فقبل تلك الأزمة لم يكن هناك سبب يدعو إلى الشك بمتانة النمو الاقتصادي الإقليمي الذي توّج عقوداً ثلاثة من الزمن معتمداً اعتماداً كبيراً على التمويل المصرفي في المنطقة. ولم تكن هناك ثمة حاجة إلى مصدر بديل للتمويل ما دامت نسبة القروض المصرفية المتعثرة ضئيلة مقارنة بالموجودات المصرفية. إلا أنه عندما عصفت الأزمة المالية بالمنطقة ظهرت أهمية وجود سوق للسندات، خصوصاً بعد أن انهارت المصارف ولم تعد تستطيع توفير التمويل المطلوب. ولم تتأثر كل من سنغافورة وهونغ كونغ بالأزمة المالية التي تعرضت لها الدول الأخرى في منطقة جنوب شرقي آسيا بفضل وجود سوق متقدمة للسندات في هاتين الدولتين.
وبالمثل، فإن سوق السندات المتطورة في السويد كانت خير معين للشركات السويدية في التسعينات عندما انهارت أسعار العقارات هناك ولم تعد المصارف السويدية تستطيع توفير التمويل المطلوب للشركات، غير أن هذا لم يحرم الشركات من التحول نحو سوق السندات للحصول على احتياجاتها التمويلية. في حين أن الأزمة الائتمانية التي تعرضت لها الشركات التايلاندية والأندونيسية عام 1997 كانت أشد قسوة وأطول مدى لاعتماد هذه الشركات على المصارف كمصدر تمويل وحيد لها.
ومن المعروف أن وجود سوق متطورة للسندات يوفر منافذ استثمارية مغرية بالعملة المحلية للمؤسسات ذات مصادر أموال طويلة الأجل مثل صناديق التقاعد، وشركات التأمين، والضمان الاجتماعي ...الخ. كما أنه من وجهة نظر المقترض، فالسندات تعزز المرونة المتاحة في إدارة الدين للشركات وتسمح بالحصول على شروط اقتراض تختلف عن تلك المعمول بها في المصارف التجارية. كما أن السندات تتيح للمقترضين الحفاظ على سقوفهم الائتمانية لدى المصارف، وتعطيهم مصدراً بديلاً للتمويل الطويل الأجل لا يوفره لهم سوق الإقراض المصرفي، اذ أن المصارف تفضل الإقراض لفترات قصيرة كون مصادر الأموال المتوافرة لها هي أيضاً قصيرة المدى. ويذكر أن السندات تكون في الغالب ذات فائدة ثابتة وهو ما تفضله مؤسسات عديدة لأن ذلك يحمي المقترضين من مخاطر الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة.
وحدث بعض التطورات الايجابية اخيراً والتي ساعدت في قيام سوق لسندات الشركات في المنطقة العربية اذ أنشئت مصارف استثمارية لتكون بمثابة الوسيط بين المقترضين والمستثمرين وتقدم خدمة الاكتتاب بالسندات وتسويقها محلياً وإقليمياً. كما أن اصدار السندات الحكومية ساعد أيضاً على وجود مؤشر لتسعير السندات التي تصدرها الشركات، ومما يذكر أن تسعير سندات الشركات يتم عن طريق زيادة نسبة مئوية الى العائد على السندات الحكومية وفقاً للملاءة الائتمانية للمؤسسة المقترضة صاحبة الاصدار.
ومن الملاحظ أن تمويل الشركات في عدد من الدول العربية لا يزال يتم بمعظمه في صورة قروض تؤخذ مباشرة من المصارف التجارية، غير أن هناك عدداً من التطورات التي حدثت اخيراً ومهدت السبيل لاصدار المزيد من أدوات الدين لتمويل نشاطات القطاعين العام والخاص ما يشير الى أن سوق السندات التي تصدرها الشركات يرجح لها أن تنمو بقدر كبير في المستقبل المنظور. ومن ضمن الأسباب التي تدعو لذلك عدم قدرة المصارف على الوفاء بالاحتياجات التمويلية للشركات، فالمتطلبات الجديدة بالنسبة لكفاية رأس المال وتلك التي تفرض قيوداً على الحد الأعلى لمخاطر الاقراض ستؤدي الى ارغام المصارف على أن تكون أكثر حذراً عند تقديم القروض طويلة الأجل للعملاء، لذلك يتوقع للمزيد من الشركات أن تتحول من المصارف الى أسواق السندات لتوفر احتياجاتها من التمويل المطلوب.
وفي عدد من الدول العربية تعود ملكية الكثير من الشركات الى عائلات عريقة تتولى هي مهمة ادارتها. ورغم أن هذه الشركات في مجملها تحتاج الى تمويل طويل الأجل لتنمو وتوسع اطار عملياتها، الا أن المالكين لها غالباً ما يكونون غير راغبين في تمويل هذه المتطلبات عن طريق اصدار أسهم تطرح للجمهور، لكي لا يؤدي ذلك الى اضعاف قبضتهم على ملكية الشركة. فخيار اصدار السندات اذا ما توفر لهذه الشركات سيعطيها مصدراً ملائماً للتمويل المتوسط الأجل، في الوقت الذي يتيح فيه للمساهمين المؤسسين الاحتفاظ بحصصهم في رأس مال الشركة.
وتعتبر سوق السندات للشركات في مصر الأكثر تطوراً في المنطقة العربية اذ تم اصدار حوالي ثلاثين سنداً لشركات ومصارف مختلفة بلغ اجمالي قيمتها 4.8 بليون جنيه مصري 1.4 بليون دولار أميركي. وجاء أول اصدار للسندات من قبل شركة "هوست أورينت" بقيمة 30 مليون جنيه مصري 8.7 مليون دولار في أيار مايو 1994 تبعتها "شركة فكتوريا المتحدة للفنادق" باصدار قيمته 21 مليون جنيه مصري 6.2 مليون دولار في نيسان ابريل 1995، وبآجال استحقاق لسبع سنوات. ومع نجاح هذين الإصدارين دخلت المصارف سوق السندات المصرية. وتعدى عدد اصداراتها ال16 بقيمة 3.08 بليون جنيه مصري 895 مليون دولار. وآخر اصدارات الشركات في سوق السندات المصرية كانت شركة "أوراسكم للانشاء والصناعة" باصدار قيمته 280 مليون جنيه مصري 81 مليون دولار في شباط فبراير 1999، وشركة "لكح" باصدار قيمته 400 مليون جنيه مصري 116 مليون دولار في أذار مارس 1999، والبنك التجاري الدولي باصدار قيمته 300 مليون جنيه مصري 86 مليون دولار في أيار 1999، ثم الشركة المصرية للهواتف المتنقلة موبينيل باصدار قيمته 340 مليون جنيه مصري 99 مليون دولار في تشرين الأول اكتوبر 1999 وشركة "أوراسكم للمشاريع والسياحة" باصدار قيمته 100 مليون جنيه مصري 29 مليون دولار في كانون الثاني يناير 2000.
وفي السوق الأردنية جاء الاصدار الأول لسندات مقومة بالدينار في أيار 1998 اذ طرحت "شركة التبغ والسجائر الدولية" اصدار سندات بقيمة 3.5 مليون دينار أردني 4.93 مليون دولار. تبعتها "شركة مصانع الإسمنت الأردنية" بإصدار سندات لخمس سنوات في حزيران يونيو 1998 بقيمة10 ملايين دينار أردني 14.1 مليون دولار وأصدرت "الشركة الدولية للاستثمار الصناعي والتجاري والسياحي" سندا بقيمة 7 ملايين دينار أردني 9.9 مليون دولار في تشرين الأول 1999. وكذلك أصدرت "شركة الكيماويات المتحدة لصناعات الزيوت" في آذار 1999 سندات قابلة للتحويل الى أسهم بقيمة3.5 مليون دينار أردني. وجاء أول اصدار للسندات المقومة بالدينار الأردني من قبل القطاع المصرفي ل"بنك القاهرة عمّان" وذلك في أيلول سبتمبر 1999 اذ تم اصدار سندات بقيمة 10 ملايين دينار أردني 1,14 مليون دولار لأجل ثلاث سنوات، في حين أن "شركة زارا للاستثمار" دخلت السوق في كانون الأول ديسمبر 1999 بسند قيمته 10 ملايين دينار أردني 14.1 مليون دولار ذات آجال 5 سنوات وسعر فائدة 10في المئة.
وصدرت أربعة سندات لشركات اردنية العام الماضي. فشركة "مصانع الأجواخ الأردنية" أصدرت سندات لأجل خمس سنوات وبقيمة 7 ملايين دينار 9.78 مليون دولار في أيار 2000، تبعتها "الشركة الأردنية للفنادق والسياحة" باصدار سند لأجل سبع سنوات وبقيمة 10 ملايين دينار أردني 14.1 مليون دولار في تموز يوليو 2000، تبعها "مجمع الشرق الأوسط للهندسة والإلكترونيات والصناعات الثقيلة" بإصدار سند لأجل 5 سنوات بقيمة 5 ملايين دينار أردني 7.5مليون دولار. وأخيراً أصدر "سيتي بنك" فرع الأردن في أيلول 2000 سند بقيمة 5 ملايين دينار أردني 7.5 مليون دولار لأجل 3 سنوات وبسعر فائدة 7.5 في المئة وهو الأكثر انخفاضاً حتى الآن في سوق السندات الأردنية.
وتعد سوق سندات الشركات في الكويت الأكثر عراقة في المنطقة. اذ بدأت السوق الأولية في عام 1968 عندما تم اصدار سندات مقومة بالدينار الكويتي لصالح البنك الدولي. ونشطت السوق الثانوية في عام 1977. وفي ايلول 1985 تم السماح بتداول السندات المقومة بالدينار الكويتي في بورصة الكويت ويمكن لأي فرد سواء كان كويتياً أو أجنبياً شراء هذه الأدوات المالية. وتم ادراج وتداول السندات المقومة بالدينار الكويتي لبعض الوقت في بورصتي لندن ولوكسمبورغ. وخلال الفترة من 1986 الى 1979 تم طرح أكثر من 60 اصداراً بقيمة اجمالية قدرها 400 مليون دينار كويتي 1.34 بليون دولار. غير أنه خلال فترة الثمانينات تباطأ نشاط السوق وأصبح في معظمه مقتصراً على المقترضين المحليين.
وخفّت حركة سوق السندات الكويتية في أعقاب حرب الخليج بسبب تضاؤل الاهتمام من قبل المستثمرين. غير أن النشاط أخذ يعود تدريجاً بعد كانون الاول 1992 حينما تمت عدة اصدارات متعاقبة من السندات بأجل خمس سنوات من قبل "شركة التسهيلات التجارية" بقيمة سبعة ملايين دينار 23.1 مليون دولار. و"شركة المشاريع الاستثمارية الكويتية" بقيمة 20.5 مليون دينار 67 مليون دولار. و"البنك العقاري الكويتي" بقيمة 55 مليون دينار 181 مليون دولار وقامت "مجموعة الصناعات الوطنية" باصدار سندات بقيمة 35 مليون دينار 115 مليون دولار في شباط 1999 تبعها في أيلول اصدار من قبل "البنك العقاري الكويتي" بقيمة 20 مليون دينار 65 مليون دولار بأجل ثلاث سنوات.
وفي لبنان بدأت الشركات والمصارف منذ عام 1995 في اصدار السندات وشهادات الايداع الخاصة بها. غير أن كافة هذه الاصدارات كانت مقومة بالدولار. وشكلت اصدارات المصارف حوالى 92 في المئة من الاجمالي. وكان "بنك عودة" من الأوائل بين المصارف اللبنانية التي اصدرت سندات مقومة بالدولار في السوق المالية العالمية وذلك في تشرين الثاني نوفمبر 1996 بقيمة 100 مليون دولار. وتبعه عدد من المصارف ليصل اجمالي ما اصدرته المصارف التجارية حوالي 840 مليون دولار. وهناك اصدار واحد من خارج القطاع المصرفي يعود ل"شركة الاسمنت اللبنانية" حيث تم اصدار سندات مقومة بالدولار في عام 1996 بقيمة 85 مليون دولار.
وابتدأت اصدارات السندات في المغرب في آب اغسطس عام 1996 حيث تم اصدار ما قيمته 1.7 بليون دينار مغربي 200 مليون دولار من سندات التخصيص. ثم قامت "شركة كريدي أموبيليه هوتيل" بثلاثة اصدارات للسندات عامي 1997 و1998 تبعتها اصدارات من "كريدور" و"تسليف" و"البنك الوطني للانماء الاقتصادي" وغيرها اذ وصل اجمالي ما تم اصداره من سندات مقومة بالدينار في حدود 3.6 بليون دينار مغربي 373 مليون دولار.
وكان أول إصدار لسندات الشركات في البحرين في أيار 1994، اذ طرحت "شركة البحرين للتسهيلات التجارية" سندات بقيمة 7 ملايين دينار بحريني 18.6 مليون دولار. وفي 31 تشرين الاول 1994 قامت "شركة ألمونيوم البحرين" ألبا والتي تعد أكبر شركة لانتاج الألمونيوم في الشرق الأوسط بطرح سندات لمدة سبع سنوات بقيمة 50 مليون دولار وفتح مجال الاكتتاب فيها لكل المستثمرين بمن فيهم الأجانب. وتبع ذلك اصدارات للسندات من قبل عدد من المؤسسات والمصارف منها بنك البحرين الدولي باصدارين جاءت قيمتهما 120 مليون دينار 318 مليون دولار.
ودخلت قطر السوق العالمية للسندات عام 1996 عندما قامت شركة "رأس لفان" للغاز المسيل باصدار كبير للسندات بقيمة 1.2 بليون دولار. أما دولة الامارات العربية فظهرت فيها اخيراً نواة سوق للسندات اذ قام بنك أبو ظبي الوطني عام 1999 باصدار سندات مقومة بدرهم الامارات لصالح "شركة بي أم دبليو يو اس كابيتال" بقيمة 350 مليون درهم 95 مليون دولار ولفترة استحقاق ثلاث سنوات ومدرجة في بورصة الامارات. وتبع ذلك اصدار آخر للسندات من قبل بنك ابو ظبي الوطني لمصلحة "ابي ناشونال مورتغيج بانك" البريطاني وذلك في حزيران 2000، وجاءت قيمة الاصدار 400 مليون درهم 108.9 مليون دولار لفترة 5 سنوات. وسمح للمواطنين والأجانب المقيمين في دولة الامارات بالاكتتاب في هذا الاصدار.
تطوير أسواق السندات
تم خلال الاعوام الماضية اثبات جدوى الاقتراض المحلي عن طريق اصدار أدوات الدين العام في مختلف الدول العربية. والخطوة المنطقية التالية هي قيام أسواق ثانوية متطورة للتعامل في هذه الأدوات. وبناء على ذلك ينبغي أن تتوافر امكانية زيادة حجم الاصدارات من مختلف السندات والاذونات الحكومية. وتسهيل انسيابها الى الأسواق الرئيسية والثانوية وتحديد أسعارها بدقة أكبر. ومما يساعد على زيادة السيولة في هذه الأسواق انفتاحها على بعضها بعضاً والسماح لحكومات دول المنطقة ببيع اصداراتها من أدوات المديونية في أسواق الدول العربية الأخرى. كما أن وجود سوق متطورة للسندات الحكومية سيحفز نمو سوق السندات التي تصدرها الشركات ليتبعه لاحقاً قيام أسواق مالية لتبادل خيارات الشراء والعمليات الآجلة وغيرها من الأدوات المالية المتطورة. وستوفر اصدارات السندات الحكومية مرجعاً للتسعير ومؤشراً تستعين به الشركات عندما تصدر السندات الخاصة بها.
ومع اكتساب الأسواق المالية في المنطقة للمزيد من العمق يمكن أن تتوافر العوامل المشجعة لمؤسسات التنمية الوطنية والاقليمية التي تبحث عن مصادر أموال طويلة الأجل مثل الصندوق العربي والصندوق الكويتي وصندوق النقد العربي وبنوك التنمية الزراعية والصناعية وأيضاً الشركات والمصارف التجارية الكبرى لاصدار السندات وغيرها من أدوات المديونية الخاصة بها. لا سيما بعد أن وفرت السندات الحكومية الأرضية المناسبة لنجاح مثل هذه الإصدارات. إلا أن إيجاد نظام لتقييم الوضع الائتماني للشركات التي ترغب في إصدار أدوات المديونية المختلفة يعد أمراً ضرورياً لتلتحق هذه الشركات بركب المعايير العالمية السائدة. وشرعت وكالات التصنيف العالمية في اجراء تحليل ائتماني دوري للدول والمؤسسات العربية.
ولا يوجد سوى عدد محدود من المؤسسات المالية العربية التي تتوافر لديها الخبرات الكافية لتسعير وضمان اكتتاب وبيع الاصدارات من سندات الشركات والعمل كجهات صانعة للسوق. وفي الوقت ذاته فأن آلية ادراج السندات في البورصات العربية تبدو غامضة في بعض الأحيان. وينبغي أيضاً أن يتم توفير الدعم للأسواق الثانوية مع قيام بنية مؤسساتية تشتمل على ترتيبات فعالة لعمليات المخالصة والتسوية. فمثل هذه الترتيبات إما أنها لا تتوافر حالياً أو أنها تحتاج الى التطوير. ونتيجة لذلك فإن من يتعاملون في اصدارات هذه الأسواق يتعرضون للعديد من المخاطر مثل تلك التي تنجم عن عدم صدقية الأطراف الأخرى المشاركة في السوق، أو الاحتيال، أو البيع المتكرر للأوراق المالية نفسها.
وتحتاج المنطقة العربية الى مؤسسات مالية تستنبط وتتبع أساليب مبتكرة تفي بالمتطلبات المالية المتغيرة لدول المنطقة، سواء لتمويل المشاريع، أو تقديم برامج البناء والتشغيل فالتسليم، أو اصدار السندات ذات الفائدة المتغيرة، أو أي شكل من أشكال التمويل وتحتاج أسواق المنطقة الى خدمات مصارف الاستثمار المتطورة والتي تشمل التحليل المالي الدقيق والسليم، وضمان الاكتتاب لاصدارات السندات، وطرح هذه السندات على الجمهور للاكتتاب على أوسع نطاق، والعمل كجهات صانعة للسوق.
ويتضح أن المستثمرين في المنطقة من مؤسسات وشركات يستحوذون على الغالبية العظمى من السندات المصدرة والمتداولة وخصوصاً الحكومية منها. ولا تزال حيازات الأفراد هامشية وضئيلة الحجم. وغالباً ما تقوم المؤسسات المستثمرة في السندات بالاحتفاظ بها حتى يحين موعد آجالها مستفيدة من العائد السنوي الذي تحققه. وهذا يقلل من حجم السندات المعروضة في السوق الثانوية وبالتالي لا يساعد على قيام أسواق ثانوية فعالة لتداول السندات المصدرة. وهناك عوامل أخرى تعوق تطور أسواق السندات مثل عدم وجود جهات صانعة للسوق. فالمتعاملون بالسندات ليست لديهم السيولة الكافية للقيام بهذا الدور، اذ أنهم لا يستطيعون شراء وبيع السندات في الوقت المناسب للايفاء باحتياجات السوق، ولا يمكن لهؤلاء المتعاملين أن يصبحوا جهات صانعة للسوق الا اذا حصلوا على سيولة كافية عن طريق الاستفادة من تسهيلات اعادة الشراء والاقتراض من المصارف.
ويأتي في صدارة المتطلبات اللازمة لاكساب أسواق السندات في المنطقة العربية العمق اللازم تطوير الأطر التشريعية التي تنظم نشاطات هذه الأسواق. ونظراً الى سقوط الحواجز بين الدول ورفع القيود عن النشاطات المالية والمصرفية، يتعين على الأطر التنظيمية والقانونية في دول المنطقة أن تصبح مواكبة للنظم الموجودة في بقية دول العالم. وهذه مسألة في غاية الأهمية لأن الأسواق والمؤسسات المالية العربية ستكون مضطرة للمنافسة على نحو أكبر مع الأسواق المالية الدولية الأكثر خبرة ورسوخاً. ولا يزال العبء الأساسي في مسألة تنظيم أسواق السندات يقع على عاتق المصارف المركزية، غير أن تحويل هذا العبء الى هيئات مستحدثة ومتخصصة للأوراق المالية، كما هي الحال في الأردن ومصر مثلاً، سيكون له اسهامه المقدر في اضفاء العمق على الأسواق المالية بالمنطقة.
ويعد توافر أحدث المعلومات الدقيقة حول المؤشرات الأساسية للأداء الاقتصادي محدوداً في معظم الدول العربية، وينبغي حصول قدر أكبر من الشفافية في هذا الخصوص، ومن المأمول أن تؤدي التصنيفات التي تمت اخيراً لبعض الدول العربية الى تشجيع حكومات دول المنطقة على توفير المزيد من المعلومات والتعاون مع وكالات التصنيف الاقليمية والعالمية. ومن الواضح أن المنطقة العربية تحتاج الى اللحاق بركب التطور العالمي السائد في مضمار تكنولوجيا المعلومات، وأن رفع معايير تقديم النتائج المالية الدورية وافشاء المعلومات من جانب الشركات سيكون له مردوده الايجابي على نظرة وتقييم وكالات التصنيف وسيساعد المستثمرين والدائنين على حد سواء في اجراء التقييم السليم للمخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار في السندات التي تصدرها الشركات ويؤهلهم لاتخاذ القرار الصائب في هذا الخصوص.
ومن ضمن العناصر الأساسية التي تساعد على تطوير أسواق السندات العربية ضمان أن يتم اصدار وتداول السندات بالأسعار التي تحددها السوق وان لا تكون هناك اجراءات تمييزية من قبل السياسات الحكومية أو النظم التشريعية التي تعوق نمو هذه الأسواق. ويستلزم تحقيق هذا الأمر عدد من الخطوات من أهمها ما يلي:
أ ضرورة ادراج كافة السندات المصدرة في البورصة لضمان توافر الشفافية لأسواق أدوات المديونية. وظل الادراج في البورصات يعتبر دوماً مطلباً ضرورياً لتوسيع قاعدة المستثمرين وخصوصاً من قبل المؤسسات التي تمنعها قوانينها الداخلية من حيازة الأوراق المالية غير المدرجة في البورصات.
ب اعادة النظر في القوانين المنظمة لعملية الافلاس والتي تجعل السندات أكثر كلفة من الأسهم. واذا أقدمت الحكومات على التأكيد لحائزي السندات بأنهم سيستردون جزءاً من أموالهم اذا أفلست الشركة المصدرة، فأنها ستسهم في زيادة الطلب على السندات التي تصدرها الشركات.
ج يجب أن لا تكون الضرائب عامل تحيز في قرار الاختيار بين الأسهم والسندات بالنسبة للشركات، فعلى سبيل المثال، تدفع الشركات في العديد من الدول ضريبة على الأرباح أقل اذا تم تداول قدراً كافياً من أسهمها من قبل الجمهور. كما أن هناك سقفاً غير رسمي لنسب المديونية الى رأس مال الشركات.
د اعادة النظر في التشريعات التي تفرض ترتيبات مطولة لاجراءات اصدار السندات، والغاء فرض حد أدنى لأجل الاستحقاق بالنسبة للسندات الصادرة عن الشركات كما هي الحال في بعض الدول العربية.
ويتوقف النمو السريع المتوقع لأسواق السندات العربية على استمرارية عملية الاصلاح الاقتصادي والانفتاح على قوى السوق. واتبع معظم الدول العربية خلال العقد الماضي نهجاً يرمي لاصلاح السياسات الاقتصادية على نحو شامل. فوضعت بذلك حجر الأساس لاضفاء العمق على أسواقها المالية، مستحدثة الجديد من الأدوات المالية، ومهيئة الأطر التشريعية الحديثة. وعلى أية حال، لا تزال هناك حاجة ملحة للمزيد من هذه الاصلاحات.
ويمكن القول أن التحدي الذي يواجه تطور سوق السندات في المنطقة هو إقناع المستثمرين في هذه السوق بضرورة تداول السندات بدلاً من الاحتفاظ بها حتى تاريخ استحقاقها. إضافة إلى إيجاد البنية التحتية المطلوبة. فأسواق السندات تعتمد أكثر من أسواق الأسهم على درجة الإشراف والقوانين المنظمة. والشفافية. والإفصاح التام، وتطبيق العقود، والمعايير المحاسبية المتعارف عليها دولياً، ويمكن القول أن أسواق السندات لا تعزز المسيرة التنموية لدول المنطقة وحسب" بل هي خير أداة لعكسها وتسليط الأضواء عليها.
* العضو المنتدب وكبير الاقتصاديين مجموعة الشرق الاوسط للاستثمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.