} رأى ديبلوماسيون في الرباط ان عودة جبهة "بوليساريو" الى السلاح، بدءاًً من الأحد، قد يؤدي الى مواجهة عسكرية لا تقتصر على المغرب والمقاتلين الصحراويين بل تشمل أيضاً "أطرافاً إقليمية". وربما يبادر المغاربة الى الرد على "بوليساريو" بدفع قواتهم المسلحة الى السيطرة على "المناطق العازلة" التي تقع خارج "الجدار الأمني" في الصحراء. قالت مصادر ديبلوماسية غربية في الرباط ان اعلان زعيم جبهة "بوليساريو" السيد محمد عبدالعزيز "معاودة حمل السلاح" يرتدي هذه المرة أبعاداً خطيرة كونه أصبح شخصياً يتبنى هذه المقاربة. ورأت ان ذلك يُعزز الجناح المتشدد داخل الجبهة بعد الأنباء عن تزايد الخلافات فيها، خصوصاً مع قياديين عسكريين مثل الرجل القوي السيد أيوب الحبيب الذي تزعم سابقاً حركة تمرد ضد عبدالعزيز. وكان ا ف ب عبدالعزيز قال أمس في مقابلة نشرتها صحيفة "الوطن" الجزائرية: "اننا نؤكد علناً اننا نعتبر انفسنا في حل من كل تعهداتنا باحترام وقف اطلاق النار، في اليوم الذي يعبر فيه السباق الحدود المغربية الصحراوية". واضاف: "سنلجأ الى السلاح دفاعاً عن حقنا المشروع في تقرير المصير، وسنحمل السلاح مجدداً على جميع الجبهات ضد قوات الاحتلال المغربية". واشار الى ان "ميدان العمليات العسكرية" سيكون "شاملاً". واضاف: "سترون انه يصعب في ظل هذه الظروف التفريق بين ما هو سباق وما هو غير ذلك". واعتبر ان "منظمي السباق يتحملون المسؤولية الخطيرة عن تجاهل قرارات الاممالمتحدة والتسبب في سقوط وقف اطلاق النار". وقالت مصادر في الرباط انه في حال تنفيذ "بوليساريو" تهديداتها بالعودة الى السلاح يوم الأحد، فان انعكاسات ذلك في منطقة شمال افريقيا قد لا تقتصر هذه المرة على المجابهة العسكرية بين المغرب والمقاتلين الصحراويين وانما قد يشمل "أطرافاً اقليمية أخرى". واستندت في ذلك الى تصريحات صدرت عن مسؤولين مغاربة حمّلوا فيها الجزائر مسؤولية انطلاق أي هجمات ل "بوليساريو" من الاراضي الواقعة تحت نفوذ الجزائريين. ولفتت أيضاً الى ان المغاربة قالوا إثر اطلاق اسرى عسكريين كانت "بوليساريو" تحتجزهم الشهر الماضي، ان الجزائر "مسؤولة عن ضمان أمن المحتجزين وسلامتهم" مما يعني تحميل الجزائريين تبعات تصرفات الجبهة الصحراوية التي لا تزال تحتجز قرابة 1500 أسير مغربي. وتابعت المصادر "ان الموضوع، من الناحية العسكرية الصرف، قد يتجه نحو معاودة خلط الاوراق. وذلك يشمل إمكان السيطرة على المناطق العازلة التي تفصل بين المدن الاهلة بالسكان في اقليم الصحراء ومراكز تجميع "بوليساريو" خارج الجدار الأمني". وكان المغرب أصر على عدم احاطة بعض المناطق بالجدار الامني الذي يسيج المناطق الصحراوية حرصاً منه على وجود "منطقة عازلة" بينه وبين الجزائر. ويشرح خبراء عسكريون ذلك بالقول ان القوات المغربية لم تكن تريد التحليق بمقاتلاتها فوق الاراضي الجزائرية ابان اندلاع المعارك في الصحراء، إذ ان ذلك قد يؤدي الى حرب بين الجارتين وليس فقط مع المقاتلين الصحراويين. ويقول هؤلاء الخبراء ان "مغامرة بوليساريو بالعودة الى استخدام السلاح، في حال حصولها، يمكن ان تُشجع القوات المغربية على الاستيلاء على المناطق العازلة". الى ذلك، افادت معلومات "الحياة" ان قوات "بوليساريو" قامت بمناورات عسكرية محدودة في الفترة الاخيرة. وتردد انها دعت ما يزيد على الفي مقاتل الى التعبئة العسكرية تمهيداً لمعاودة شن الحرب، وقسمت قواتها الى فريقين. وتفيد هذه المعلومات ان قوات جزائرية اشرفت في الفترة الاخيرة على معاودة تنظيم المناطق العسكرية خارج مخيمات تنيدوف جنوب غربي الجزائر. وكان لافتاً، في هذا الإطار، تزايد الحديث عن إبرام الجزائر صفقات اسلحة مع بلدان غربية ومع روسيا. ويرى بعض المحللين ان جزءاً منها قد يكون موجهاً الى "بوليساريو" نظراً الى نوعية تلك الاسلحة التي تستخدم في حروب الصحراء. ويذهب مراقبون الى اعتبار ان الازمة السياسية التي اندلعت بين المغرب وقطر، خريف العام الماضي، كانت بسبب شكوك في ضلوع الجزائريين في إعادة تسليح مقاتلي الجبهة. وكانت قطر اشترت معدات عسكرية من بريطانيا وقدّمتها "هدية" الى الجزائر، الأمر الذي سبب مخاوف في الرباط من ان تكون "بوليساريو" الوجهة النهائية لهذه المعدات. ويذهب بعض المحللين الى اعتبار ان تزايد تهديدات "بوليساريو" بالعودة الى القتال يهدف الى "قطع الطريق على أي تقارب بين المغرب والجزائر قد يصب في النهاية في اتجاه عزل بوليساريو". ويقول بعض المحللين ان جهات جزائرية "متشددة" داخل مؤسسة صنع القرار "وراء التصعيد مع المغرب". ويلفت هؤلاء الى ان خبراء من المغرب والجزائر كانوا على موعد مطلع الشهر الجاري لدرس الملفات العالقة بين البلدين واعداد "أرضية عمل" تساعد في تأمين اجتماع اللجنة العليا المشتركة المعلقة منذ سنوات. ولا يبدو ان هذا اجتماع الخبراء عُقد. ويسود اعتقاد ان المغرب قد يلجأ الى إرجاء زيارة وزير الداخلية السيد احمد الميداوي المقررة الى الجزائر تعبيراً عن امتعاضه حيال هذه التطورات. لكن الزيارة، في حال تنفيذها، قد تخلط اوراق المعادلة الصعبة في الوفاق المغربي - الجزائري المحكوم بقضية الصحراء اساساً. ويقول مراقبون مغاربة ان تهديدات "بوليساريو" بالعودة الى السلاح تُعتبر تأكيداً لرفضها اقتراح الرباط الدخول في حوار مباشر معها في نطاق سيادة المغرب على الصحراء. ويُضيفون ان الجبهة الصحراوية تُحاول "قطع الطريق" أمام المساعي التي تبذلها الاممالمتحدة لايجاد حل سياسي لمشكلة الصحراء بعد تعذّر اجراء الاستفتاء.