} انتهت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري لمسقط أمس بنتيجتين أساسيتين: قرار سلطنة عمان تقديم وديعة مالية الى لبنان على غرار الوديعتين السعودية والكويتية، لدعم وضعه المالي، وقرار الحكومة اللبنانية إعفاء مواطني مجلس التعاون الخليجي من الحصول على تأشيرة لزيارة لبنان، بعدما كانت هذه التأشيرة تمنح لهم في مطار بيروت. عاد رئيس الحكومة رفيق الحريري الرابعة عصر امس الى بيروت، بعدما قام بزيارة رسمية لسلطنة عمان في إطار جولة على عدد من الدول العربية والصديقة، توجها بمقابلة السلطان قابوس بن سعيد الذي وافق على طلبه تقديم وديعة مالية الى لبنان على غرار الوديعتين السعودية والكويتية. وتم خلال الزيارة الاتفاق على عدد من الإجراءات والخطوات التي ستتم بين البلدين، ومنها إعادة تسيير رحلات شركة الطيران العمانية الى بيروت وتسهيل دخول المواطنين العمانيين الى لبنان من دون الحصول على سمات دخول مسبقة، إضافة الى زيارات متبادلة ستتم بين عدد من الوزراء في كلا البلدين، إذ من المنتظر أن يوقع اتفاقان لمنع الازدواج الضريبي وتشجيع الاستثمارات في بيروت قريباً. وكان الحريري استهل نشاطه امس باستقبال رؤساء تحرير الصحف العمانية في مقر إقامته، وتحدث إليهم عن نتائج زيارته لمسقط ولقائه السلطان قابوس، وعن رؤيته للوضع في الشرق الأوسط، وعما تقوم به الحكومة اللبنانية من إجراءات لتحريك الدورة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار. ثم التقى وفداً من غرفة التجارة في السلطنة وعدداً من رجال الأعمال العمانيين الذين حاوروه في مستقبل الوضع الاقتصادي في لبنان، واستطلعوا آفاق الاستثمار فيه. فشرح لهم الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة منذ تسلمها مسؤولياتها وما تنوي القيام به لتشجيع المستثمرين وجعل لبنان مركزاً مالياً واقتصادياً وتجارياً أساسياً في المنطقة، داعياً إياهم الى الاستثمار في لبنان نظراً الى الحوافز المجدية. وأوضح لهم ان الحكومة "في صدد إصدار قانون جديد لتملك الأجانب، وتحرص على استقرار التشريعات الضريبية وعدم نيتها زيادة الضرائب". وكان رئيس غرفة التجارة والصناعة في عُمان الشيخ سالم بن هلال بن علي الخليلي رحب بالحريري، واعتبر "أن وجوده على رأس الحكومة اللبنانية يشجع المستثمرين للمجيء الى لبنان". واختتم لقاءاته باستقبال أفراد الجالية اللبنانية في عُمان وتحدث إليهم عن الأوضاع في لبنان والمنطقة، مشيداً ب"سمعتهم الطيبة" في السلطنة. وقال إنه تمنى على السلطان قابوس تسهيل إعطاء سمات دخول للبنانيين الراغبين في المجيء الى عُمان "وقد تجاوب مع هذه الرغبة على الفور". التجاذب والاستثمار وفي ختام زيارته، عقد الحريري مؤتمراً صحافياً، اعتبر فيه "أن التجاذب السياسي في لبنان من مظاهر القوة في نظامه، لا مظهر ضعف، ولا خوف من تأثيره في الاستثمار". وإذ كرر موقفه من قضيتي العماد ميشال عون وقائد "القوات اللبنانية" المحظورة الدكتور سمير جعجع، قال: "إن ليس هناك خوف على الوضع السياسي إذا عادا الى الساحة، لأن نظامنا يستطيع أن يستوعب كل القوى السياسية". وأكد "أن كل الأسباب متوافرة لتطوير العلاقات اللبنانية - العمانية"، متحدثاً عما يكنّه السلطان قابوس والمسؤولون العمانيون من "محبة للبنان" ، وعن رغبتهم في "التقارب بين البلدين". وقال: "إن حجم التبادل بين بلدينا بعيد جداً، ومن أجل ذلك اتخذنا مجموعة من القرارات ودعونا غرفة التجارة والصناعة في عُمان الى زيارة لبنان، وثمة تبادل للزيارات بين المسؤولين وغرف التجارة، وفتح الأجواء أمام شركات الطيران العالمية، وقد طلبت شركة الطيران العُمانية وشركة طيران الخليج إذناً لهبوط 14 طائرة أسبوعياً في بيروت فوافق لبنان على الفور، ويبقى التنفيذ على الإخوان هنا". وتحدث عن قرار الحكومة إعفاء مواطني مجلس التعاون الخليجي والعمانيين من تأشيرة دخول الى لبنان". وعن الخطوات العملية التي قامت بها حكومته لمنع توطين اللاجئين الفلسطينيين، أوضح الحريري ان لبنان "أبلغ كل الدول المعنية بعملية السلام عدم القبول بتوطين اللاجئين في لبنان وكل الدول العربية عندما تتحدث عن رفضها التوطين، تنطق باسم لبنان وتعبر عن وجهة نظر الجميع"، مؤكداً أن لبنان "لم ولن يدخل في مفاوضات سرية مع إسرائيل للوصول إلى اتفاق سلام، فأمورنا واضحة وليس لدينا سبب لإجراء مفاوضات سرية". والمح إلى أن لبنان "يعمل على حصر الصراع في المناطق الحدودية، ويعمل على عدم إعطاء إسرائيل أي فرصة لتوجيه ضربة كبيرة إلى كل لبنان"، لكنه عاد وأكد أن حكومته "التي تتعامل في منتهى الحكمة وضبط النفس، لن تتنازل عن المطالبة بمزارع شبعا". وعن عدم إعطاء اللاجئين فرصة التوظف والدخول في الحياة اللبنانية، قال الحريري "إن الوسائط محدودة وان عدداً كبيراً من الشباب اللبناني لا يجد الوظيفة، فكيف بدخول اللاجئين إلى حياة عملية محدودة أصلاً". وأكد أن الراعي الأميركي لعملية السلام "هو من يحدد آلية التفاوض بدءاً مع المصريين ثم الأردنيين والفلسطينيين... وهكذا"، مشيراً إلى أن انتخاب زعيم اليمين الاسرائيلي أرييل شارون رئيساً للحكومة المقبلة "لا يغير كثيراً في قواعد الصراع، فالجانب العربي أتخذ قراره، والمشكلة في أن إسرائيل لم تقرر بعد التعايش مع جيرانها بالسلام أو بغيره". وأكد أن "العرب اختاروا السلام خياراً استراتيجياً، وإذا اختار الاسرائيليون شارون رئيساً لحكومتهم، فسيكون رئيساً لحكومة إسرائيل لا لدولة أخرى، وذلك لن يؤدي إلى استقرار في المنطقة أبداً". وأضاف: "نحن مع السلام الذي يعيد كل الحقوق إلى أصحابها، ونعارض السلام الذي ينتقص من أي حق عربي. وعندما تقرر إسرائيل رغبتها الأكيدة في السلام القائم على احترام الشرعية والقرارات الدولية ومؤتمر مدريد، فان لبنان والعرب لن يتأخروا في ذلك". وعن العلاقات اللبنانية - السورية، أكد الحريري انه "مع تطوير العلاقات مع سورية باعتبارها بلداً مجاوراً، وأمر طبيعي أن تكون متطورة معه"، مشيراً إلى "أن موضوع العلاقات مع سورية طرح في صورة استفزازية لا تخدم الجانب اللبناني أو السوري". ونفى الحريري ان يكون على خلاف مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مؤكداً "أنني وجنبلاط متحالفان، والتحالف لا يعني التطابق. إنه زعيم سياسي كبير وكان من المفترض أن يكون معي في هذه الزيارة لولا سوء التنسيق". وأضاف الحريري انه تحدث مع السلطان قابوس عن قيامه وجنبلاط بزيارة خاصة لعمان قريباً. وعن الحصار المفروض على العراق، قال إن بلاده "ضد سياسة التشنج والتصعيد"، مشيراً إلى "وساطة مصرية تعمل على دفع العراق مجدداً إلى القيام بدوره كدولة غير محاصرة".