أكد المبعوث الأميركي الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل بعد اجتماعه مع كبار المسؤولين اللبنانيين امس، ان أي حل في المنطقة لن يكون على حساب لبنان وأن الولاياتالمتحدة مستمرة في دعم سيادته، معتبراً ان لبنان سيؤدي دوراً اساسياً في السلام في الشرق الأوسط. وأجمع المسؤولون اللبنانيون الذين التقاهم ميتشل، الذي انتقل الى دمشق بعد زيارة استمرت ساعات اجتمع خلالها مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة وزعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري، ووزير الخارجية فوزي صلوخ، على رفض لبنان توطين الفلسطينيين، ودعوا الى حل على اساس الموقف العربي الإجماعي في مبادرة السلام العربية المنبثقة من قمة بيروت العربية العام 2002، والتي قال عنها ميتشل انها «من ضمن جهود يستند إليها التحرك الأميركي الجديد». وإذ تحادث ميتشل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يتمكن من لقائه لوجوده في الجنوب، اجتمع ايضاً الى المبعوث الأوروبي مفوض شؤون الأمن والسياسة الخارجية خافيير سولانا فور وصوله الى بيروت (في المطار) في إطار جولة له في المنطقة، هو الآخر، للبحث في سبل تفعيل مفاوضات السلام في المنطقة وحول القضية الفلسطينية. ولفت مراقبون الى ان لتقديم ميتشل بيروت على دمشق في جولته بعدما درج الموفدون الغربيون قبل سنوات على زيارة العاصمة السورية قبل بيروت او الاستغناء عن العاصمة اللبنانية، له دلالة مضاعفة، خصوصاً ان تحرك المبعوث الأميركي في اتجاه دمشق بدأ بعد انتهاء الانتخابات النيابية التي تردد ان الدول الغربية كانت تراقب أداء سورية حيالها. وحرص الموفد الأوروبي على إبلاغ الرئيس سليمان «ان الموقفين الأميركي والأوروبي حيال قضايا المنطقة ولبنان متقاربان للمرة الأولى الى هذا الحد». وعلم ان ميتشل ابلغ المسؤولين اللبنانيين انه سيحاول جمع الاستعدادات الإيجابية التي ظهرت في مواقف فرقاء الصراع العربي – الإسرائيلي، من اجل إطلاق عملية تفاوض على قاعدة حل الدولتين واعتبار المبادرة العربية للسلام إحدى مرتكزات الحل السياسي. وفي ما يخص لبنان قالت المصادر ان ميتشل لم يطلب شيئاً من المسؤولين اللبنانيين وأنه تفهم وجهة نظر هؤلاء بوجوب عدم تجزئة مبادرة السلام العربية. كما انه أبدى ارتياحاً الى فوز قوى 14 آذار في الانتخابات لأن هذا يؤمن نسبة من الاستقرار في لبنان. وكان ميتشل زار الحريري في منزله، حيث شدد رئيس «تيار المستقبل» على ضرورة تطبيق القرار الدولي الرقم 194 المتعلق بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، لافتاً الى ان «لبنان بجميع فئاته يرفض توطين الفلسطينيين لأن ديموغرافيته وطبيعته السكانية والسياسية لا تقبل بهذا التوطين». وشدد الحريري على ان «لا مساس بالدستور اللبناني الذي نص في مقدمته على رفض التوطين وأن على الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لتنفيذ القرار 194». وتطرق الحريري الى أهمية استكمال تطبيق القرار الدولي الرقم 1701. وتوقف امام الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، معتبراً انها «لم تعد تقتصر على الأجواء اللبنانية بل تجسدها ايضاً شبكات التجسس لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية» التي تشكل خرقاً للقرار 1701. وأتت زيارتا ميتشل وسولانا في وقت بدأت القوى السياسية اللبنانية تفتح قنوات الاتصال بينها إثر اجواء الانفتاح والتلاقي التي أعقبت الانتخابات وفوز قوى 14 آذار مع المستقلين بالأكثرية، تمهيداً للاستحقاقات المقبلة، بدءاً بانتخابات رئاسة المجلس النيابي، مروراً بتسمية رئيس الحكومة العتيد الذي هناك شبه إجماع على ان يكون الحريري، وانتهاء بتشكيل الحكومة وتحديد الأحجام فيها. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» انه ينتظر ان يزور الموفد الفرنسي جان كلود كوسران بيروت مطلع الأسبوع المقبل لاستكشاف مرحلة ما بعد الانتخابات موفداً من الرئاسة الفرنسية، فيما يواصل سولانا اليوم جولاته على المسؤولين اللبنانيين ويلتقي النائب في «حزب الله» حسين الحاج حسن، بعدما كان التقى بعد ظهر امس رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط. وفي وقت دعا عدد من القيادات المسيحية في قوى 14 آذار الى التعامل مع انتخابات رئاسة المجلس النيابي التي سيكون الرئيس بري المرشح الوحيد إليها على اساس الحصول على ضمانات منه في شأن سياسته المقبلة نتيجة تجربة إقفال البرلمان إبان الأزمة مع المعارضة بين العامين 2006 وأيار (مايو) 2008، فإن قيادات في الأكثرية مثل جنبلاط حسمت أمر تأييد بري. ويترقب الوسط السياسي اللقاءات التي يفترض ان تجمع الحريري مع كل من بري والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله.