انتهت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لألمانيا والتي استمرت 3 أيام، الى اقتناع بعض الجهات الرسمية الألمانية بأهمية الإبقاء على القوات البحرية الألمانية في إطار قوات الأممالمتحدة في جنوب لبنان «يونيفيل» بعدما كانت مترددة إزاء التجديد لها في حزيران (يونيو) المقبل. واعتبر الحريري من برلين في دردشة مع الوفد الصحافي المرافق له، قبل مغادرته مساء الى بيروت، ان الحملات التي يشنها البعض على رئيس الجمهورية ميشال سلميان هي «لغط سياسي لا يؤدي الى أي مكان وبلا جدوى»، وطالب أصحاب هذه الحملات بأن «يحلوا عنه ويتركوه يعمل»، فيما تواصلت في بيروت أمس الردود على قرار الرئيس السوري بشار الأسد استقبال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وأمّت بلدة المختارة وفود سياسية وحزبية وشعبية في الذكرى الثالثة والثلاثين لاغتيال والده كمال جنبلاط لوضع أكاليل من الزهر على ضريحه وتلاوة الفاتحة في حضور نجله تيمور وأمين السر العام في الحزب شريف فياض. وفيما تغيّب جنبلاط عن المناسبة تنفيذاً لما أعلنه السبت الماضي «إني سأسامح وأنسى»، بهدف عدم توريث الجيل الجديد الأحقاد، كان لافتاً حضور وفد نيابي قيادي من حركة «أمل» مثل رئيس البرلمان نبيه بري لتلاوة الفاتحة أمام الضريح، فضلاً عن وفد نيابي موسع من كتلة «المستقبل» النيابية و «تكتل لبنان أولاً» اللذين يتزعمهما الحريري الى شخصيات وأحزاب أخرى وأركان الحركة الوطنية السابقة. ورحّبت شخصيات في الأكثرية بانفتاح دمشق على جنبلاط وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان زيارته لها ليست شيئاً بحد ذاتها بل بحسب ماذا يتبع الزيارة، بينما رحب النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله بمواقف جنبلاط الأخيرة حيال المقاومة وسورية، لافتاً الى مكانة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لدى القيادة السورية وأنه الشخصية الوحيدة القادرة على إنجاز الوساطة بينها وبين جنبلاط. ولم يُحدَّد بعد موعد لزيارة جنبلاط سورية فيما رشّحت أنباء ل «الحياة» انها قد تتم الأسبوع المقبل قبل توجه الرئيس الأسد الى ليبيا لحضور القمة العربية العادية. وقال تلفزيون «المنار» انه يُفترض ان يتبلغ جنبلاط بموعد الزيارة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مثلما كان تبلغ منه قرار القيادة السورية فتح صفحة جديدة معه، وأن تحديد الموعد مرتبط بجدول مواعيد الأسد. وأجرى الحريري من برلين اتصالاً بجنبلاط لمناسبة ذكرى اغتيال والده. وكان الحريري قال انه سيزور دمشق عندما تنجز اللجان المختصة تجهيز الملفات اللازمة، موضحاً انه كان هناك حديث عن زيارة يقوم بها نظيرة السوري ناجي العطري لبيروت «فأنا أردت حسم الموضوع وأقوم بزيارة لنناقش الملفات والاتفاقيات التي تهم البلدين». وأوضح الحريري في دردشته مع الصحافيين ان «كل زياراتنا للخارج، رئيس الجمهورية وأنا، هي لمطالبة الدول التي لها قدرة بالعمل على منع أي عدوان إسرائيلي على لبنان ولأننا على رغم بعض التطمينات نتعاطى مع التهديدات بجدية». وكان أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني سألوا الحريري خلال لقائه عن علاقة لبنان مع سورية، فاكد رئيس الحكومة «ان هذه العلاقة بدأت تتطور إيجاباً ولدينا مقاربة إيجابية لتحسينها وسأزور دمشق كما أعلنت أكثر من مرة في شهر نيسان (أبريل) المقبل وستشكل الزيارة عامل دفع الى الأمام لمصلحة البلدين على كل المستويات». وكرر أعضاء اللجنة تأكيدهم ان الخطر الأساسي في نظرهم هو الملف النووي الإيراني، فيما كرر الحريري ما قاله للمستشارة الألمانية انغيلا مركل من انه «لا يجوز التركيز على السلاح النووي الإيراني، وموقف لبنان هو ان تكون المنطقة كلها خالية منه، في وقت الأخطر هو ما تقوم به إسرائيل من تقويض لعملية السلام يقود المنطقة الى المجهول»، داعياً الى الالتفات إلى» ما تقوم به من ردود تضرب السلام في وجه الليونة التي يبديها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وإلى قرار وزراء الخارجية العرب حول استئناف المفاوضات غير المباشرة الذي ردت عليه إسرائيل بإعلان خطة جديدة لبناء المستوطنات». وأوضحت مصادر الوفد اللبناني ل «الحياة» ان أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية استفسروا من الحريري عن الجدوى التي يراها من بقاء البحرية الألمانية في عداد قوات «يونيفيل» وعن المدة الزمنية التي يرى ان عليهم ان يستمروا خلالها فأجابهم بأن لبنان يستفيد من دور هذه القوات في مساعدة الجيش اللبناني، ومن التجهيزات التي تقدمها له ومن الخبرة في مجال ضبط الحدود. وأضاف الحريري: «ان الأمر الوحيد الذي ينهي مهمات يونيفيل الموجودة منذ 1978، هو ان تكف إسرائيل عن خرق السيادة اللبنانية خلافاً للقرار 1701 وأن تنسحب من الأراضي التي ما زالت تحتلها، ونحن ملتزمون القرار ويونيفيل تساعد على تطبيقه ولدينا حكومة وحدة وطنية وجود حزب الله فيها مصدر قوة لها لا مصدر ضعف، لأننا جميعاً التزمنا البيان الوزاري الذي يلتزم ال1701 فيما إسرائيل تتفلت من تنفيذه مثلما تفعل حكومة نتانياهو في مفاوضات السلام». وذكرت مصادر الوفد اللبناني ان أعضاء اللجنة أبدوا تفهمهم لوجهة نظر الحريري، وأن المترددين إزاء بقاء القوات الألمانية أبلغوه انه يهمهم الاستقرار في لبنان لأنه يساعد على الاستقرار في المنطقة، خصوصاً ان الحريري تحدث عن أهمية التعاون الاقتصادي بين لبنان وألمانيا ان لجهة الاستثمارات في القطاع الخاص أو لناحية المشاريع التي تنوي الحكومة تنفيذها وهذا يشجع الشركات الألمانية على العمل في لبنان. وفي لقائه مع السفراء العرب في ألمانيا كرر الحريري التأكيد على التوجهات الإيجابية في العلاقة مع سورية وأن اللبنانيين سيكونون موحدين في مواجهة أي عدوان إسرائيلي وسيجمعون على الدفاع عن أرضهم. من جهة ثانية، رأى الرئيس سليمان ان «لا حل حقيقياً لأزمة الشرق الأوسط ما لم يتم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وفي مقدمها حق العودة»، لافتاً الى «وجوب ممارسة الضغط الدولي على إسرائيل للسير بالمبادرة العربية التي تشكل الفرصة الأخيرة». وجدد سليمان خلال استقباله الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاترين آشتون «موقف لبنان الثابت من موضوع توطين اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في الدول التي لا تسمح أوضاعها ودساتيرها بذلك». ودعا الاتحاد الأوروبي الى «ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف تهديداتها التي تزيد أجواء التوتر وتؤثر على الاقتصاد اللبناني وأجواء الاستثمار فيه». وأكدت آشتون ان الاستقرار السائد في لبنان امنياً واقتصادياً يشكل عاملاً مهماً امام الاتحاد الأوروبي لتحسين مستوى الشراكة مع لبنان، وكذلك يحفز المستثمرين الأوروبيين على الاستثمار فيه».