لم تعد مارلين أولبرايت تحمل أي صفة سوى انها وزيرة الخارجية السابقة التي عملت مع الرئيس الأكثر شهرة وشعبية بيل كلينتون. وهو اذ يغادر منصبه بعد ثماني سنوات، تشير استطلاعات الرأي العام الأميركي ان شعبيته تقترب من 70 في المئة من حجم الناخبين. وأولبرايت واحدة من هذه الادارة. والرئيس الجديد جورج بوش الابن، الجمهوري الذي فاز على خصمه الديموقراطي بشق النفس، وفي أطول انتخابات رئاسية تشهدها الولاياتالمتحدة منذ ما يزيد على القرن، لا يمكنه ان يتصور شخصاً من الحزب الديموقراطي على رأس وزارة الخارجية. ستكون أولبرايت، وهي أول سيدة تحتل منصب وزارة الخارجية في الولاياتالمتحدة، خارج لعبة السياسة الخارجية. ومن الممكن ان تتقاعد لبلوغها السن القانونية. وكان الصحافي مايكل هيرش قال عنها انها امرأة مثيرة للاستغراب، فهي بحسب رأيه متواضعة ولطيفة، ولكنها كانت أول من دفع حلف شمال الأطلسي الى اشعال أول حرب في أوروبا منذ 50 عاماً في كوسوفو. وهي المرأة التي أطاحت بالآمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي لأنه تردد ولم يستجب للمطالب الأميركية، يوم كانت سفيرة الولاياتالمتحدة في منظمة الأممالمتحدة. وكانت كذلك في كل مناسبة تلقن الدول محاضرات ومواعظ حول ما يجب ان يكون عليه سلوكها وتعاطيها مع الولاياتالمتحدة والقضايا الخاصة والدولية. وهي السيدة الشغوفة حتى الرمق الأخير بعظمة أميركا مثلها مثل كل المهاجرين الذي هاجروا من بلادهم البعيدة عن القارة الجديدة ليقيموا على تلك الأرض مثل بريجنسكي البولندي، وكيسنجر الألماني، وغيرهما وهي مثل هؤلاء ولدت يهودية وتربت تربية كاثوليكية، وهي خدعت الجميع إذ لم تعلن يهوديتها الا بعد تسلمها الخارجية. وكانت لا تترك مناسبة إلا وتعلن أن الولاياتالمتحدة هي الدولة الوحيدة التي لا يمكن الاستغناء عنها. وفي العاصمة واشنطن لم تكن السيدة أولبرايت مقبولة عند البعض، فيوجد كثيرون اتهموها بالمحدودية والتعصب وضيق الأفق، وبأنها مهووسة بمرض استخدام القوة الأميركية والتهديد بها سواء في يوغوسلافيا أو العراق أو الشرق الأوسط وافريقيا. وقال السيناتور غوردن سميث، وهو أحد الاعضاء الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية ومن منتقدي سياستها الخارجية، أن أولبرايت نضجت كثيراً في تطبيق وتسيير عملها بشكل يدعو الى الاعجاب. انها اليوم تمارس فن الممكن ولم تعد تلك المرأة البشعة الصفات، وهي اصبحت اليوم تحاول تسهيل الأمور وليس أملاءها. وكانت في هذا التحول كمن يريد ارضاء جمهوره قبل فوات الآوان، اذ كانت تقول انه "لم يبقَ لي سوى أسابيع عدة لأغادر قطار الديبلوماسية العابر للقارات. وسوف أعمل ما بوسعي لأنجز ما يمكنني انجازه". تحدثت أولبرايت عن نفسها كثيراً، ولكنها عملت القليل، تحدثت بثقة شديدة في كل مناسبة كما لو كانت تريد أن تقول لمحدثها ومن خلاله الى الأميركيين انها المرأة الممتلئة بالحيوية والنشاط، وأن المستقبل سوف ينصفها وهو لم يغرب بوجهه عنها أبداً، وكانت تقول في كل مرة أنها ستعمل 36 ساعة في اليوم، وأنها ستستمر في سفرها الدائم حول العالم. والأكيد أن هذه الديبلوماسية العجوز ستبقى على عقيدتها الثابتة أياً كانت الظروف ولن تبدلها، على رغم تحولها في الشهور الأخيرة لأجل مصالح سياسية خاصة. ومهما كانت التحليلات فإن أولبرايت خرجت من البيت الأبيض مع رئيسها الوسيم، هو الى بيته يحاول تصحيح ما حصل مع زوجته هيلاري حاكمة نيويورك... وهي الى النسيان والتاريخ الذي لن يقدر جهودها غير المثمرة. بطاقة - مادلين جوزف كوربين. - زوجها جوزف اولبرايت، ناشر وثري، تزوجا سنة 1955 وتطلقا سنة 1982. - اسمها الأصلي: ماري جانا كوربيلوفا. - يهودية كاثوليكية. - ولدت في براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا سنة 1937. - غادر والدها مع عائلته الى بريطانيا سنة 1938 عشية الحرب العالمية الثانية. - في سنة 1948 غادرت العائلة الى الولاياتالمتحدة. - حازت الاجازة في العلوم السياسية سنة 1959، والماجستير سنة 1968. وفي أثناء التحضير للدكتوراه درست على البروفيسور زبيغنيو بريجنسكي الذي صار مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر. - استدعاها بريجنسكي سنة 1976 للعمل معه. - تركت وظيفتها الحكومية بعد فوز الجمهوريين وعملت في التدريس في جامعة جورجتاون. - عينت سفيرة لدى الأممالمتحدة في سنة 1993. - عينت وزيرة للخارجية خلفاً للوزير وارن كريستوفر في سنة 1996.