رسمت نادية القمودي اسمها على رمال الصحراء الافريقية كأول فتاة عربية تشارك في رالي باريس - داكار الدولي، كما وّشح أباها قبل اعوام صدر العرب بأول ميدالية ذهبية أولمبية في سباق 5000م في مدينة مكسيكو عام 1968. وفي الحقيقة ان هذه المشاركة الدولية ليست الأولى في رصيد هذه الشابة التونسية، فقد سبق لها المغامرة في راليات البرتغال والبرازيل ومصر حيث حققت نتائج جيدة... لكن رالي باريس - داكار يبقى الأهم برماله المتحركة الافريقية وطقسه الحار والجاف. نادية القمودي ذات ال32 ربيعاً لم تعرف أجواء وكواليس الراليات إلا حديثاً وتحديداً في عام 1999، اذ دفعها الغاء اللجنة المنظمة لألعاب البحر الأبيض المتوسط لمسابقات الفروسية النسائية الى القطيعة مع "عالم الحصان" الذي بدأت رحلتها معه منذ ان كان عمرها عشر سنوات وتوجت بطلة لتونس وللمغرب العربي عام 1996. وتحولت الى المغامرة في عالم الراليات الصعب... عالم الرجال المغلق اذ تتصارع قوة الأجساد وسطوة المؤسسات الاقتصادية العملاقة وتلفزيونات العالم. وتعلمت من والدها محمد الشجاعة وقوة الإرادة وضرورة المثابرة وتحدي الفشل، ومع ذلك فإنها ترفض ان تعيش في جلباب أبيها. فهذه الطالبة في علوم الصحافة والاتصال والمتدربة في احدى التلفزيونات العربية تعتقد أنها ولدت لزمن جديد. ومن محافظة سيدي بوزيد وسط تونس بدأ العداء الأولمبي محمد القمودي مسيرته، كان فقيراً أو فلاحاً كما جاء في مذكرات رياضي القرن العشرين في تونس. لكن التحاقه بالجيش التونسي مثل له جسراً مهماً لصقل موهبته وطرق آفاق العالمية وحصد الفضة والذهب في أولمبياد طوكيو ثم مكسيكو، ومن فلاح بسيط لا يعرف تفاصيل تونس العاصمة أصبح ضابطاً بالجيش التونسي ورجل أعمال ناجح زار معظم مدن العالم. لم تكن مسيرة نادية مفروشة بالورود، فقد ذاقت طعم الألم والمعاناة بعد سقوطها عن الحصان وبقائها في المستشفى لمدة شهرين وإجراء جراحات عدة... لكنها تعلمت في مدرسة القمودي الأب ان حجم المعاناة كشاف للذة التتويجات. لا تحب نادية الذهاب الى المسرح، لكنها تعشق السينما.