خفضت الدول العشر في منظمة "أوبك" في اجتماعها أمس في فيينا، انتاجها ب5.1 مليون برميل في اليوم، ابتداء من أول شباط فبراير المقبل، على أن تعود وتراقب تطورات السوق والأسعار في اجتماعها في 16 آذار مارس المقبل. وقال وزير الطاقة الاميركي بيل ريتشاردسون امس ان قرار اوبك خفض انتاجها من النفط الخام 1.5 مليون برميل في اليوم "مخيب للامال"، واعتبر انه قد يزيد الاسعار تقلباً. واضاف ريتشاردسون في بيان رويترز "كما اعربت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي فإننا سنبقى قلقين خشية ان يقلل اي خفض للانتاج من مستويات المخزونات ويساهم في تقلب الاسعار". واوضح انه سيحضّ خلفه في الادارة الاميركية الجديدة، سبنسر ابراهام، على ان يسارع الى لقاء وزراء اوبك. ويصبح انتاج الدول العشر مطلع الشهر المقبل بمستوى 2.25 مليون برميل في اليوم، فيما بقي العراق خارج الاتفاق مع أن انتاجه احتسب في إطار هذا الخفض، كما لو أنه بمستواه الاعتيادي، أي حوالى 3 ملايين برميل في اليوم للانتاج و3.2 مليون برميل في اليوم للتصدير. يذكر أن المستوى الحالي للانتاج العراقي هو 2.1 مليون برميل في اليوم، لأن صادراته انخفضت منذ كانون الأول ديسمبر الماضي عندما قرر الرئيس العراقي صدام حسين فرض زيادة مقدارها 40 سنتاً على سعر البرميل على مشتريات الشركات النفطية في إطار القرار 986 وبرنامج "النفط مقابل الغذاء". وبما أن معظم الشركات رفض دفع هذه الزيادة، كونها تشكل دخلاً خارج حساب الأممالمتحدة، انخفضت الصادرات العراقية إلى 700 ألف برميل في اليوم من ميناء البكر. وأكد رئيس الوفد العراقي في "أوبك" السفير العراقي في النمسا ناجي الحديثي ل"الحياة" خلال الجلسة الافتتاحية، أن العراق سيعود خلال أسبوعين إلى مستوى انتاجه العادي الذي كان عليه في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وعما إذا كان العراق ألغى الزيادة التي فرضها على صادراته، قال إن "لا علاقة لهذا بالتصدير". وذكر ان العراق وقع اتفاقات عقود مع العديد من الشركات، بما مجموعه 20 مليون برميل. وأكد مصدر في إحدى الشركات النفطية ل"الحياة" أنه اتصل بمسؤول التسويق في الشركة النفطية العراقية "سومو" منذ ثلاثة أيام، وقد أكد له ان الحكومة العراقية لا تزال مصرّة على فرض زيادة 40 سنتاً على البرميل. وقالت مصادر نفطية عالمية ل"الحياة" إن "تجاراً يشترون كميات من النفط العراقي كوسطاء لبعض الشركات ويدفعون الزيادة، مما جعل الصادرات تبلغ 700 ألف برميل في اليوم حالياً. وأكد أكثر من وزير في "أوبك" حرص المنظمة على استقرار السوق. وقال وزير النفط القطري عبدالله العطية إنه "إذا حدث أي شح أو خلل في العرض النفطي في الأسواق، فإن أوبك مستعدة لتعويضه من أجل استقرار الأسعار". أما رئيس الشركة النفطية الليبية أحمد عبدالكريم أحمد، فأكد أنه "إذا حصل أي خلل أو نقص في الامدادات النفطية، فإن آلية الأسعار المعتمدة من جانب المنظمة توضع قيد التطبيق". والسؤال المطروح حالياً بعد هذا التخفيض الذي أجرته "أوبك" هو ما سيكون عليه التصدير العراقي، اذ ان انتاج العراق حالياً، وحسب معلومات المتعاملين في الأسواق العالمية هو بمستوى 1.2 مليون برميل في اليوم. وقال مسؤول في احدى الشركات النفطية العالمية ل"الحياة" ان الصادرات العراقية من ميناء البكر قليلة حالياً. وقدر مشتريات تجار النفط منها، في اطار العقود الرسمية وضمن حساب الأممالمتحدة، بنحو 700 ألف برميل في اليوم. وقال رئيس "أوبك" وزير نفط الجزائر شكيب خليل في كلمته خلال الجلسة العامة للمؤتمر انه منذ الاجتماع الأخير للمنظمة في منتصف تشرين الثاني الماضي، انخفض معدل سعر برميل نفط "أوبك" بشكل كبير. واضاف ان السعر كان في نهاية الاجتماع السابق 31.5 دولار للبرميل وهبط الى 21.5 دولار للبرميل وهذا أقل من 22 دولاراً وهو السعر الأدنى الذي حددته آلية اسعار "أوبك". وتابع انه خلال السنة كان معدل السعر حوالى 23 دولاراً للبرميل، وان السوق النفطية مشبعة الآن مع تقديرات بأن الفائض في العرض يبلغ حوالى 1.5 مليون برميل في اليوم. وأشار الى ان دور المخزون اساسي بالنسبة الى السعر "فعندما تكون مستويات المخزون مرتفعة تتجه الأسعار الى الانخفاض". ورأى خليل ان المخزون كافٍ حالياً بل يتوقع ان يرتفع بسرعة اذا بقي انتاج "أوبك" في المستويات الحالية، ما يؤدي الى انخفاض كبير في الاسعار "وهذا ما حمل "أوبك" على خفض انتاجها". واكد عزم المنظمة الدائم على ان يكون هناك توازن بين العرض والطلب في السوق مع اسعار معقولة. وطلب دعم الدول المصدرة من خارج "أوبك" التي تعاونت في الماضي مع المنظمة مثل انغولا والمكسيك والنروج وعمان وروسيا. وقال وزير النفط الكويتي الشيخ سعود الصباح ان هذا الاتفاق "من شأنه ان يحافظ على مستوى الاسعار، كما هي حالياً". وقالت أوساط التجارة النفطية ان هذا القرار لن يؤدي الى ارتفاع الاسعار، لأن السوق كانت استوعبت منذ مدة قرار الخفض الذي اتخذته "أوبك"، اذ انه عرف مسبقاً ولم يشكل مفاجأة. وكانت اسعار النفط هبطت أمس عقب الاعلان عن خفض انتاج "أوبك"، وسجل خام القياس البريطاني "برنت" للعقود الآجلة تسليم آذار مارس في لندن 24.92 دولار للبرميل، بخسارة 60 سنتاً عن سعر الاقفال السابق، في حين خسر خام القياس الاميركي تسليم الشهر نفسه 44 سنتاً وسجل 28.03 دولار للبرميل.