غيب الموت امس في جدة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، عضو الهيئة السعودية لكبار العلماء، وإمام الجامع الكبير في عنيزة وخطيبه، وعضو هيئة التدريس في كلية اصول الدين في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية اثر مرض عضال ادخله المستشفى منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي عن عمر يناهز 73 عاماً. واصدر الديوان الملكي السعودي بياناً نعى فيه الشيخ ابن عثيمين. والراحل حاصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الاسلام عام 1994"تقديراً لسجاياه وجهوده المتمثلة في تحليه بأخلاق العلماء التي من ابرزها الورع والزهد ورحابة الصدر، وانتفاع الكثيرين من علمه تدريساً وافتاء وتأليفاً، والقائه المحاضرات العامة النافعة، ومشاركته في مؤتمرات اسلامية كبيرة، واتباعه اسلوباً متميزاً في الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتقديمه مثلاً حياً لمنهج السلف الصالح". ولد الشيخ الراحل في مدينة عنيزة في القصيم 340 كيلومتراً شمال الرياض في 27 من رمضان المبارك عام 1347 ه 1927 م وقرأ القرآن على جده لأمه عبدالرحمن السليمان الدامغ ثم التحق بمدرسة تعليم الكبار فتعلم الخط والحساب وبعض فنون الأدب ثم دخل مدرسة تحفيظ القرآن عن ظهر قلب ثم اتجه الى طلب العلم. بدأ الشيخ العثيمين دراسة العلم على يد الشيخ محمد بن عبدالعزيز المطوع فأخذ عنه مبادىء التوحيد والفقه والفرائض والنحو، كما قرأ على الشيخ عبد الرحيم بن علي بن عودان اثناء ولايته القضاء في عنيزة وذلك في الفرائض والفقه، ثم قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن سعدي الذي يعتبر أكثر مشائخه ملازمة له وتحصيلاً، فقرأ عليه التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصوله والفرائض والمصطلح والنحو والصرف. وفي العام 1371ه جلس الشيخ العثيمين لتدريس بعض الطلبة في الجامع الكبير في عنيزة. وبعد افتتاح المعاهد العلمية في الرياض التحق بالمعهد العلمي في الرياض سنة 1372ه، وانتظم في الدراسة سنتين ثم تخرج من القسم الثانوي وعين مدرساً في معهد عنيزة العلمي عام 1374ه مع مواصلة الدراسة انتساباً في كلية الشريعة. وفي الرياض اتصل بشيخه الثاني الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز فابتدأ عليه قراءة صحيح البخاري وبعض رسائل شيخ الاسلام ابن تيمية وبعض الكتب الفقهية فكان ذلك بداية اتجاهه الكبير الى علم الحديث والاعتماد عليه والنظر في آراء فقهاء المذاهب وربط ذلك بالمشهور من مذهب الحنابلة. وكانت بحوثه قبل ذلك مقتصرة في الغالب على آراء فقهاء الحنابلة حيث كان شيخه عبد الرحمن بن سعدي يطلعه كغيره من الطلبة على الآراء الفقهية الحنبلية خصوصاً آراء شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ويدربهم على الترجيح بين الآراء بالدليل والتعليل ويبين لهم طرق ذلك. ولما توفي الشيخ السعدي عام 1367ه تولى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين امامة الجامع الكبير في عنيزة وخطابة العيدين والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية التي أسسها شيخه السعدي عام 1358ه بالاضافة الى التدريس في المعهد العلمي. وحين فتح فرع جامعة الامام محمد بن سعود في القصيم عمل مدرساً في كلية الشريعة واصول الدين. وللفقيد نحو 38 مؤلفا في العقيدة والفقه واصوله والوعظ والارشاد والدعوة، وكان يتولى الرد على الفتاوى في الاذاعة السعودية حتى اخر ايامه، وكان اخر وجوده في الاذاعة خلال شهر رمضان الماضي حتى عشية عيد الفطر المبارك.