لا يبدو النائب اللبناني تمام سلام في وارد العودة عن استقالته من رئاسة جميعة المقاصد الخيرية الاسلامية وعضويتها، انسجاماً مع النتائج التي اسفرت عنها الانتخابات النيابية في بيروت وأدت الى خسارته مقعده، على رغم كل المحاولات لثنيه عن قراره. سلام الذي اكتفى بشكر كل من يزوره او يتصل به ل"تعاطفه حياله وحيال المقاصد"، قال ل"الحياة" إنه "ليس في صدد طي الاستقالة ولا في وارد قبول اي مقعد وزاري اذا عرض عليه"، لكنه في المقابل "لن يعتزل العمل السياسي وسيكون متعاوناً مع الجميع على الساحة البيروتية". واكد سلام انه لن يكرر تجربة غيره في الحكومة "فهذه التجربة صارت من الماضي ورأينا انعكاساتها السيئة". ورأى "ان حكومة وفاق وطني لا تعني مشاركة من فشلوا في الانتخابات النيابية"، مكرراً القول "انه يحترم خيار اهالي بيروت، وانه كان اجرى قبل الانتخابات استطلاعات للرأي عن نسب فرص نجاحه وجاءت النتيجة نفسها التي اسفرت عنها الانتخابات، ولو قلت في حينه "انني سأفشل وأُريد ان انسحب لقالوا انني اتهرب". الحركة في منزل سلام في محلة المصيطبة لم تهدأ منذ اعلان نبأ استقالته. فغصت قاعاته وحدائقه بالمقاصديين ومؤيدي سلام من البيروتيين، مطالبينه بالعودة عن الاستقالة. وزاره امس مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني وسفير المملكة العربية السعودية في بيروت فؤاد صادق مفتي. واتصل به رئىس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي اكتفى باستيضاحه موقفه وأبلغه انه مسافر على ان يحددا موعداً للقاء بعد عودته. وعقد قباني خلوة مع سلام استمرت نصف ساعة اكد بعدها ان "هذا اوان لمّ الشمل ورأب الصدع ووحدة الصف على الصعيد الوطني كله، وهذا يحتاج منا الى مد ايدينا جميعاً بعضنا الى بعض. نحن لسنا لأنفسنا، نحن لأبنائنا واسرنا ومجتمعنا ووطننا وامتنا ومؤسساتنا، وجمعية المقاصد تأتي في طليعة المؤسسات الاسلامية الوطنية الكبرى ولها دور اسلامي ووطني وتربوي وصحي واجتماعي كبير على صعيد الوطن كله. وهذا البيت العريق ينبغي ان يستمر ولتمام سلام دوره الكبير سياسياً ومقاصدياً ووطنياً واجتماعياً. ولنا امل كبير بعودته عن استقالته". وايد قباني قرار مجلس امناء جمعية المقاصد "الحكيم" الذي رفض الاستقالة. وكرر سلام، من جهته، ما كان اعلنه في بيان الاستقالة، قائلاً ان له "ثقة كبيرة بمجلس الامناء في تحمل المسؤولية الكاملة لأن المؤسسات هي بالعاملين فيها، وليست شخصاً ولا هي مرتبطة بشخص، وللمؤسسات تاريخها ومكانتها وسيبقى هذا التاريخ وهذه المكانة بمؤازرة كل الغيورين والمخلصين للمقاصد، ودعمهم اياها". وهل هناك استهداف له وللمقاصد من الفريق الآخر الذي فاز في الانتخابات؟ قال: "ليس سهلاً على احد استهداف المقاصد، لأن هذه المؤسسة الخيرية العريقة التي اعطت من دون حدود أو منّة على مدى 122 سنة من البذل المتواصل، لا يمكن أي غيور ومخلص وانسان في لبنان الا ان يؤازرها ويعطيها ما عنده من دعم". وحين سئل هل هناك مسعى من الرئىس الحريري لوضع المقاصد تحت رعايته خصوصاً انها تعاني مصاعب مالية؟ قال سلام: "ان المؤسسة كانت ولا تزال في حاجة الى دعم الجميع. الرئىس الحريري كانت له في الماضي ايادٍ بيض على المؤسسة، ولا سبب لأن يكون الامر غير ذلك عنده او عند غيره من الذين يحرصون على وضع مجتمعنا وبلدنا ومؤسساتنا. وانا واثق ان هذه المؤسسة ستلقى في شكل دائم الدعم، أكان تمام سلام على رأسها أم لم يكن. فلها جذورها واهلها وهي ثابتة في الارض". واكد انه لم يتخذ قراره "للرجوع عنه وهو ليس للمناورة، هو قرار اتخذته وادرك تماماً اهميته ومسؤوليته". اما السفير السعودي فأوضح ان زيارته "ليست لاقناع سلام، فهو رجل يعي مسؤولياته تماماً وليس في حاجة الى من يقنعه او يتدخل في هذا الشأن الداخلي". واشار الى انه استمع الى ملاحظاته والاسباب الكامنة وراء هذا القرار ودائماً نتفاءل خيراً. وعن دور المملكة في تحسين وضع المقاصد، قال السفير مفتي: "إن جمعية المقاصد هي احدى المؤسسات الاسلامية العريقة، والمملكة هي احد الداعمين الاوائل لها، وكما تعلمون لا دخل لهذا الموضوع بأي حدث آخر". وأدى قباني وسلام صلاة الجمعة في مسجد المصيطبة، وكان خطيب المصلين رئىس المحكمة الشرعية السنية العليا الشيخ محمد كنعان الذي اعلن رفض استقالة سلام ودعاه الى العودة "لأن المقاصد في حاجة اليك اياً تكن الظروف". وكان مدير الادارة المركزية في الجمعية منيح رمضان اعلن التوقف عن العمل في مرافق الجمعية وعن ممارسة اي نشاط فيها الى حين عودة سلام عن استقالته على ان يستثنى من هذا القرار مستشفى المقاصد وادارة المدافن. وعاد مجلس المديرين واعلن استئناف العمل اعتباراً من اليوم بناء على طلب سلام. وفي ضوء اصرار سلام على الاستقالة، تنتقل ادارة الجمعية الى نائبه امين الداعوق رئىساً بالوكالة حتى العام 2002 اي الى حين انتهاء ولاية مجلس الامناء الحالي المنتخب من الهيئة العامة عام 1998، علماً ان هناك مقعدين شاغرين في المجلس بعد وفاة عضوين هما وجيه خاطر ومحمد علي عيتاني، ولا يمكن شغلهما الا في الانتخابات المقبلة. ويدير مجلس امناء المقاصد جملة مؤسسات اهمها المستشفى والمعاهد الجامعية إضافة الى المدارس الموزعة بين بيروت وجبل لبنان والشمال والبقاع ودائرة المساجد والخلايا والكشاف المقاصدي والدفاع المدني المقاصدي ومراكز تنمية وعلاقات دولية...